Sunday 26th February,200612204العددالأحد 27 ,محرم 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

باختصار باختصار
معذبون بصكوك ملكية!
نورة المسلّم

الحالات التي ظهرت تباعا في الآونة الأخيرة في المجتمع، هي حالات بشعة لتعذيب الأطفال على يد أهاليهم، وهي وجه قبيح أهمل التعامل معه، لا من نواحي إنسانية فقط ولا توعوية، بل من نواحي قانونية، فالأطفال في مجتمعنا هم مثل صك البيت الشرعي أو قطعة الأرض التي يملكها الشخص بمجرد إصدار وثيقة، وثيقة انتماء هؤلاء الأطفال لأهاليهم تجعلهم قطعة انسانية مهملة، لم يتبعها أي من الرعاية الرسمية ولا القانونية بإنشاء خطوط مفتوحة مع الشرطة أو دور الرعاية التي تبحث عن مسببي هذه الجرائم، وتملك سلطة تنفيذية لمحاسبة هؤلاء الأهالي.
لقد توالت حالات التعذيب البشعة، والتي انتهى بعضها إلى الموت وبعضها إلى الإعاقات الجسدية، وجميعها بالتأكيد انتهت إلى إعاقات نفسية لن تزول مهما حاولنا إقناع أنفسنا بذلك.
ماهو أخطر، أن هذه النماذج التي تمثل الضحايا أتت إلى الدنيا ليس بقرار منها ولا إرادة، بل بإرادة المستبدين أنفسهم، بعد قدر المولى عز وجل، لكنهم وبمثل هذا الاحتكار وبما يتعرضون له، أن كانت مثل هذه الحالات قد وصلت إلى النور وعلم بها الناس، فإن حالات أخرى تتم في الخفاء وينشأ أصحابها بيننا وهم يحملون كل هذه العاهات، وبالتالي لا نتوقع حالات سوية ولا عطاء, بل ننتظر انحرافا خطيرا سيندمج بيننا يوما من الأيام، وسيمارس نفس العنف ونفس الأسلوب على كبر وعلى مسؤولية مختبئة في أي جهة او مصدر للتعايش مع المجتمع الذي سيدفع ثمنها!
واحدة مما ليس له آخر، ومن ضمن قوافل الألم والبشاعة الإنسانية، التي يستقبلها وعينا كل يوم ما نشرته (صحيفة الرياض) عن حالة لا يحتملها قلب، لعبدالرحمن الطفل ذي العامين، الذي نقل إلى المستشفى في حالة لا يحتملها قلب إنسان , كان نتاج أمه التي مارست معه كل أنواع التعذيب، ورغم انه قيل أنها مريضة نفسياً.. لكن السؤال الذي يطال جهات عدة، إذا كانت هذه الأم مريضة إلى الحد الذي تمارس معه عنفا بهذه الدرجة مع طفل أو رضيع بشكل عام وليس من خرج من أحشائها، فكيف ترك في حضانتها كل هذه الفترة، وأين الأب عن رعاية ابنه وأين بقية العائلة؟ بل أين جهات الرعاية المسؤولة، وأين التنظيم الذي يوصل أصوات وصراخ وعذابات مثل هؤلاء المعذبين الأبرياء، ومن يحررهم من قيود الملكية التي لا تفرق بين بضاعة لها الحق في اتلافها وبين روح بشرية لها الحق في العيش والهروب من التهلكة إلى الحياة التي وهبها لها الله وطالب برعايتها وعدم إيذائها بل وبكرامة مطلقة؟!!
إنها واحدة من المآسي التي تنام على ضفاف الخصوصية السعودية، و أسرار البيوت التي تتضخم فيموت معظم الأطفال قضاء وقدراً، بينما تكشف مثل هذه الحالات أن كثيراً من حالات الوفاة للأطفال الأبرياء قد تكون بفعل من مالكيهم أو أهاليهم في لحظة ضيق منهم أو مزاج عكر!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved