Wednesday 1st March,200612207العددالاربعاء 1 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

قرارات ردود الأفعال لهيئة سوق المال قرارات ردود الأفعال لهيئة سوق المال
أ.د. مفرج بن سعد الحقباني

ماهو دور هيئة سوق المال؟ هل هو دور تنظيمي صرف أم تحكم مطلق وتوجيه مستمر؟ أعتقد أننا ونحن نطالع ونتابع قرارات هيئة سوق المال المتعاقبة نحتاج إلى أن نتعرف على حقيقة دورها في الميدان حتى يمكن الحكم على نجاحها أو فشلها في الوفاء بدورها المنشود. فبعد أن شهد السوق حالات من الارتفاع المستمر في أسعار بعض الشركات التي أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها شركات ناجحة، وجدت الهيئة نفسها في موقف حرج نتيجة لتزايد حدة المضاربة على هذا النوع من الشركات وبدأت في اطلاق التحذيرات التخويفية واتخاذ القرارات بايقاف حسابات بعض المستثمرين الذين قدرت الهيئة مخالفتهم لأصول التعامل في السوق المالية، هذه الاجراءات وإن استهدفت التصحيح من وجهة نظر الهيئة، أصابت سوق الأسهم بحالة من عدم الاستقرار ذهب ضحيتها الكثير ممن غرهم سكوت وتجاهل الهيئة في السابق واستفاد منها هوامير السوق الذين استغلوا حالة الذعر لدى صغار المتعاملين. وسؤالي هنا هو هل يمكن لسوق الأسهم أن تخلو أصلا من المضاربة بأشكالها المختلفة؟ وما هي الأشكال المسموح بها؟ وما هو القرار الذي يجب أن يتخذ في حق المخالف دون أن يكون له آثار متعدية تصيب صغار المستثمرين؟ وما هو التوقيت المناسب لاتخاذ القرار؟ فمن غير المقبول قبول فرضية عدم وجود مضاربة في سوق الأسهم، ومن غير المقبول قبول فرضية معاقبة الجميع بجريرة مضارب أو أكثر، ومن غير المقبول سكوت الهيئة حتى ترتفع الأسعار إلى مستويات خيالية ثم تتدخل لتعاقب الضحية الذي أوهمه سكوت الهيئة المؤقت.فعلى سبيل المثال ما حصل في سهم بيشة الزراعية الذي ارتفع بشكل خيالي أمام أنظار الجميع وعلى شاشات التداول بفعل المضاربة الحميمة على السهم ولم تحرك الهيئة ساكنا حتى تعلق في السهم الكثير من صغار المتعاملين. والأدهى من ذلك أنها بدلا من أن تصرح بمعاقبة أحد المتعاملين في سهم بيشة عاقبت الشركة بالجملة عندما استخدمت مضارب بيشة في تصريحها موهمة الجميع بأن الموقوف هو المضارب الوحيد أو على الأقل الأكثر تأثيرا في حركة السهم مما أصاب المتعاملين بحالة من الذعر الشديد الذي انعكس على سهم بيشة وغيره من أسهم الشركات الأخرى. هذا الواقع يعطينا القناعة بضرورة معرفة دور الهيئة في السوق حتى لا تكون تدخلاتها المستمرة سبباً في هزات مهلكة تصيب العمود الفقري لصغار المستثمرين وسببا يستغله هوامير السوق لإعادة الأسعار إلى نقاط البداية ثم العودة من جديد إلى رفع الأسعار إلى مستويات قياسية أخرى. وهنا أرى أن هنالك الكثير من المعطيات التي يلزم الايمان بها لحماية السوق من العواصف المتعاقبة التي يأكل السمك الكبير فيها السمك الصغير. فمن الضروري الإيمان بأن سوق المال لدينا وفي جميع دول العالم لا تخلو من المضاربة إن لم تكن في الأصل تقوم على مبدأ المضاربة كوسيلة لتحقيق المكاسب، ومن الضروري الإيمان بشدة حساسية سوق المال لدينا وفي جميع دول العالم للتصريحات والشائعات فضلا عن التدخلات المباشرة التي يجب أن تبقى محدودة جداً، ومن الضروري الاهتمام بالكلمة قبل الجملة عند الرغبة في وصف حالة أو التعبير عن قرار يمس سوق الأسهم أو أحد عناصره المختلفة. وبالتالي فإننا ومن أجل حماية أرواح المتعاملين قبل ممتلكاتهم نناشد هيئة سوق المال بالتركيز على المهم والابتعاد عن التدخل المباشر الذي يوحي برغبة الهيئة في بسط تحكمها على مسار متغيرات السوق، ونناشد الهيئة بأن تهتم بعنصر الشفافية كوسيلة لإتاحة المعلومة لكافة المتعاملين في السوق وترك حرية القرار للمستثمر الذي يفترض فيه الرشد الاستثماري المنشود، ونناشد الهيئة عند رغبتها في معاقبة أحد المتعاملين أن تراعي انعكاس ذلك على السوق بشكل عام وعلى صغار المستثمرين بشكل خاص، ونناشد الهيئة إن كان ولابد من التدخل أن تتدخل قبل فوات الأوان وقبل أن يتزايد أعداد الضحايا.وأخيراً نناشد الهيئة بأن تسعى إلى معالجة واقع السوق ليس فقط من خلال إجراء المعاقبة والتتبع ولكن أيضا من خلال إعادة هيكلة السوق بشكل يدفع بالشركات إلى تطوير الذات وتحسين الأداء ومن خلال تسريع عملية طرح شركات جديدة تسهم في امتصاص السيولة الزائدة في السوق.
***
إشارة :
قد يكون من المفيد أن يكون قرار الهيئة عند اكتشافها لحالات تلاعب غير مقبولة منع المتلاعب من البيع والسماح له بالشراء حتى يجد نفسه مضطراً للشراء عند سعر أعلى وحتى نحمي صغار المستثمرين من حالات الهبوط المفاجئة، وقد يكون من الصائب أن تنص قرارات الهيئة على معاقبة أحد المتعاملين دون الإشارة إلى الشركات حتى لا يصاب السوق والمتعاملون بخسائر غير مبررة. والله أعلم.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved