Monday 13th March,200612219العددالأثنين 13 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاخيــرة"

ليس دفاعاً ليس دفاعاً
جماز السحيمي
بقلم:صالح العذل (*)

(1)
علاقتي بمعالي الأخ جماز السحيمي لا تتجاوز حدود الصداقة الأخوية المخلصة النزيهة.. قد تكون شهادتي بالرجل مجروحة..
وقد يفسرها البعض تفسيرات شتى، ذات دلالات سطحية، أو مريضة، أو منحرفة..!
ومع إيماني العميق بأن مثله - وهم كثر - لا يحتاجون مني أو من غيري إلى شهادات التزكية..
فسيرة الرجل النظيفة لا تحتاج إلى شهادات..!
وسيرتي المتواضعة لا تحتاج إلى منافقة أحد من الناس..!
فلست في حاجة لذلك..!
فعندي الكثير الكثير من خير رب العالمين وفضله وكرمه..
مما حماني من ركوب موجة التطبيل والتزمير والعزف وقراءة الكف والفنجان..
(2)
بدأ الأخ جماز حياته عصامياً..
لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب..
عاش وذاق حلو الحياة ومرها..
ولم ييئس..!
حصل على الثانوية العامة بتفوق..
وسافر مبتعثاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وعاد منها حاصلاً على درجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية..
بدأ عمله بصندوق التنمية الصناعية السعودية في صيف عام 1394هـ.
كان من أوائل الشباب الذين آمنوا بدور الصندوق في التنمية الصناعية والبشرية.
وكان من أوائل الكفاءات الوطنية التي أرشدها ووجهها ودربها الأب الروحي للصندوق معالي الأخ الأستاذ حمد السياري..
كان من أوائل المهندسين الذين سافروا إلى نيويورك للتدريب على التحليل المالي وتقويم المشروعات لدى (تشيز منهاتن بنك).
وكان من أوائل الموظفين في الصندوق الذين وجهوا تخصصهم الهندسي إلى مجال آخر.. لكي يتمكن من تزويد المسؤول عنه بتوصيات مهنية عالية، قبل اتخاذ القرار السليم..!
(3)
عملت والأخ جماز في الصندوق مدة لا تقل عن خمسة عشر عاماً، كان خلالها إنساناً صادقاً في تعامله، نزيهاً في عمله، مستقيماً في سلوكه، مخلصاً في مواقفه..
اختلفنا واتفقنا كل في محيط عمله، واختلفنا مراراً في الشأن العام.. ومع ذلك لم أذكر إطلاقاً أن ترك الاختلاف أثراً على علاقاتنا الحميمة..!
كان له دور مؤثر في بناء سياسات الائتمان والتسويق ولوائح وأنظمة الصندوق، وسياسات التوظيف والتدريب، وتوجيه وتدريب الكفاءات الوطنية الممتازة التي ما زالت على رأس العمل في الصندوق، تسهم بمهنية مقتدرة في دفع عجلة التنمية البشرية والصناعية في المملكة.
خرج من تحت عباءته ومظلة الصندوق الكثير من القيادات الشابة المؤهلة المتخصصة المخلصة التي أثْرَتْ وأثّرَت إيجاباً على عدد من مجريات العمل في القطاعات الحكومية والشركات والبنوك والمؤسسات الأهلية في بلادنا.
(4)
انتقل إلى العمل في مؤسسة النقد العربي السعودي في صيف عام 1404هـ، إذ كان لانتقاله الأثر العميق الذي أضفى على (ساما) دماً جديداً نقياً، وروحاً مخلصة متدفقة بالحيوية والنشاط..
ومضى مندفعاً بقيادة أستاذنا الكبير (السياري) في مناقشة وبناء عدد من الأنظمة والسياسات والقواعد واللوائح ومكننة الإجراءات المالية والرقابية..
كان له دور ملموس في ضخ النقود في البنوك، وفي ضبط ومراقبة السوق المالية، أثناء حرب الخليج، وتحرير الكويت..
أخذ على عاتقه وضع الأسس التي قامت عليها شركة تسجيل الأسهم، وإنشاء نظام (تداول) الذي أحدث نقلة نوعية، وتطوراً كبيراً، في عمليات تداول الأسهم المحلية..
كان هاجسه حينما كان موظفاً في الصندوق وفي (ساما)
حب وطنه..
ورفعة وطنه..
وسمعة وطنه..
ومصلحة المواطنين..
ولقد أعطى عمله في كلتا المؤسستين كل حبه ووقته وصدقه واندفاعه..!
(5)
اختارته القيادة الرشيدة، ليكون رئيساً لهيئة سوق المال في صيف عام 1424هـ..
وكان الاختيار موفقاً وصحيحاً..
صفق له المخلصون..
لم يمضِ على مزاولة عمله الوليد أكثر من سنة ونصف..
وخلال ذلك،
اندفع الرجل يعمل ويعمل، ويلحق الليل بالنهار، لكي يبني جهازاً دقيقاً قوياً قائماً على الكفاءات الوطنية والأنظمة السليمة، والمتابعة الصحيحة، والرقابة الحكيمة، إدراكاً منه لحجم المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه، وإحساساً منه بدوره التاريخي في صنع وخلق جهاز قوي يتصل بأكثر الموضوعات حساسية عند المواطنين..
تمكن خلال فترة وجيزة من بناء هياكل الهيئة، وأنظمة الهيئة، وسياسات الهيئة، ولوائح الهيئة، وأجهزة المتابعة والرقابة، وتوظيف الكثير من الكفاءات الوطنية المقتدرة، والخبرات الممتازة مستفيداً بذلك من خبرته وكفاءته ومعرفته للأنظمة العالمية الحديثة، محاولاً من وراء ذلك بناء سوق مالية صلبة تحكمها القوانين التي ستقف بإذن الله في وجه المتلاعبين..!
(6)
لم يحظَ مسؤول من قبل بالكثير من الجدل الساخن والتعليقات الساخرة التي كان بعضها مقبولاً ومعقولاً، والكثير منها يجافي حدود اللياقة والأخلاق والأدب، كما حظي معالي الأخ جماز..!
إن مرد هذا الجدل هو الجهل بدور الهيئة الحقيقي في تحريك سوق المال، فالهيئة تضع الأنظمة وتطبقها على الجميع بعدالة وإنصاف إلى جانب حماية كل المستثمرين، وبالتالي فهي غير مسؤولة عما يحدث في السوق من قوى العرض والطلب، أو عن الشائعات التي قد تحرك الأسهم صعوداً أو هبوطاً..!
فالجهل بقواعد الاستثمار لا يحمي المستثمرين من مخاطره، فالمستثمرون رحبوا كثيراً عند ارتفاع المؤشر إلى أكثر من أربعة آلاف نقطة خلال شهر ونصف.. إلا أنهم لم يقبلوا أبداً نزول المؤشر عند ألف نقطة أو أكثر، وكأن الارتفاع كان مبرراً لا دخل لمعالي رئيس هيئة سوق المال فيه، أما الانخفاض فهو غير مبرر، وبالتالي فإن المسؤول عنه هو الأخ (جماز)..
إن مبرر التعليقات والجدل البيزنطي هو تورط الكثير من المتداولين في أسهم شركات عُرف عنها ضعف الأداء وتحقيق الخسائر عاماً بعد عام، وقد حذر منها عدد من خبراء المال والاقتصاد، بمن فيهم هيئة سوق المال عبر وسائلها المختلفة.. إلا أن كل ذلك لم يحل دون رغبة الكثير من المتداولين الذين صدمتهم عودة أسعار هذه الشركات إلى مستوياتها الحقيقية للبحث عن إدانة شخص ما فيما يحدث، أو إيجاد شماعة لتعليق أخطائهم عليها، ولوم المسؤول عند حدوث أخطاء لم يتسبب فيها أحد غيرهم..!
(7)
يحرص الأخ جماز على مصلحة المستثمر الصغير قبل الكبير، ويعاقب كل متلاعب، مؤدياً بذلك واجبه، ومتحملاً الأمانة الوطنية التي أنيطت به، محاطاً بعدد من قيادات الهيئة والكثير من الخبراء والأصدقاء المهنيين، ورجال الأعمال والمسؤولين في القطاعات البنكية والمالية الذين ينقلون إليه ويعكسون له نبض السوق، واحتياجات المستثمر.
يسعد دائماً بكل اقتراح بناء، ويحتفل بكل بادرة جديدة تحمل في طياتها المزيد من الحماية للمستثمرين، وما عزوفه عن الظهور الإعلامي إلا إيماناً منه بأهمية العمل الدؤوب الصامت، بعيداً عن الأضواء، وتأثير الأجهزة الإعلامية، مفضلاً ترك منجزات الهيئة تتحدث عن نفسها يوماً بعد يوم..!
(8)
دعوة مخلصة لكل كبار المستثمرين..!
دعوة نزيهة لكل صغار المستثمرين..!
دعوة صادقة لكل الوسطاء في البنوك..!
دعوة وطنية لكل المحللين الماليين والاقتصاديين والصحفيين..!
من أجل الوطن..
ومن أجل حماية اقتصادنا..!
أعطوا (الهيئة) وقتاً كافياً..
دعوه يعمل..!
أعطوا (الهيئة) وقتاً معقولاً..
دعوه يفكر.. وينجز..!
أعطوا (الهيئة) وقتاً مقبولاً..
دعوه يخطط.. ويبني..!
أعطوا معاليه الوقت المناسب ليؤسس كياناً ذا قيمة للأجيال..
ثم تعالوا..!
وحاسبوه حساباً حيادياً دقيقاً..!

(*) مساعد مدير عام صندوق التنمية الصناعية

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved