Thursday 16th March,200612222العددالخميس 16 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

في الاقتصاد في الاقتصاد
ارتداد الأسهم
د. سامي الغمري

تشهد سوق الأسهم السعودية تراجعات وانهيارات سعرية لليوم السابع عشر على التوالي دون بصيص نور قد يعيد الطمأنينة إلى القلوب الصابرة، إن الانهيار يطلق عادة على أي هبوط حاد في أسعار الأسهم المحلية عندما تتجاوز نسبة 20% هبوطاً، فيما وضح خلال الأسبوعين الماضيين أن كل أسعار شركات المساهمة تراجعت بحوالي 40% وما زال العد التنازلي مستمراً حتى كتابة هذه الأسطر. واقترن الانخفاض بطبيعة الحال بهبوط حاد آخر في المؤشر العام لها والذي كان قد اقترب من 21.000 نقطة وكأقصى رقم سجله قبيل الانهيار بانخفاض خمسة آلاف نقطة سلباً مساء يوم الاثنين. وأصبحت أسعار معظم الشركات المساهمة في مستوى أسعارها التي كانت عليها في نهاية العام المنصرم الميلادي.
ورغم تراجع أسعار كل الشركات المساهمة على الشاشة بدون استثناء إلا أن التراجع بدا عنيفاً وقوياً على الشركات الزراعية التي تضخمت أسعارها دون منطق مبرر لارتفاعاتها العجيبة.. وهو الأمر الذي يكثر حوله الجدال والتساؤل.. لماذا كان الردع محدوداً على بعض المضاربين ولم يكن تتخذ حينئذ الهيئة الإجراء اللازم الكامل لكل الشركات؟ ولماذا لم يتحرك مسؤولو هيئة سوق المال في اتخاذ الاحتياطات اللازمة القانونية الضرورية لتجنب الانهيار القادم وعدم الانتظار حتى حدث بالفعل.
الآن صار وضع السوق المالي أشبه ما يكون في غيبوبة تداولية فيها شلت حركة التعامل والمضاربة بشكل شبه كامل، غيبوبة جاءت نتيجة صدمة عنيفة أصابته فقد فيها توازنه وقدرته على امتصاصها وتخطيها. وأحجم معظم المتداولين عن البيع والشراء، مندهشين أمام حجم المصاب، ومنتظرين من الهيئة كلمة أو فعلاً قد يوقف النزيف وتشخيصه وعلاجه، بل إن امتداداً لثقتهم الكبيرة عزز توالي المضاعفات السلبية على السوق، وعلى المتداولين ولعل منها فقدان ثقتهم الكبيرة به، وتدنى معنوياتهم النفسية المتعبة عن الوضع المفاجئ وإلى ما وصل إليه حال السوق دون أي داعٍ أو مبرر ظاهر.. فليس هناك أسباب داخلية أو خارجية قاسية تدفع إلى هذا الانهيار المتواصل دون توقف، وليس هناك أية إجابة أو تعليل أو تصريح من هيئة المال تعيد الثقة والعودة إلى التداول. ولا يمكن الجزم بمّا سيكون عليه مصير المؤشر العام أو أسعار الشركات خلال الأيام القليلة القادمة. وإن كان يعتقد أن مدى التذبذب سيستقر تدريجياً في أغلب الظن خلال بعض الأسابيع القادمة ولكن إذا ما عرفنا أسباب التراجع فقد تقودنا إلى تحري ما يمكن اتخاذه لعودة الأمور إلى نصابها ولا ننس أن غياب الوعي الاستثماري لدى أغلبية المتعاملين في السوق في الأشهر الأخيرة الأربعة هو أحد الأسباب، فالإقبال المنقطع النظير شجع المبتدئين على استثمار مدخراتهم ورواتبهم المالية في السوق وهو ما ضخ سيولة كبيرة تنافست على شراء الأسهم دون حساب لعواقب انهيار أو هبوط مفاجئ وهو مما أدى أيضاً إلى تضخم الأسعار بمعدل يومي إلا إن تضاعفت الأسهم إلى 500% في حين وصل التداول اليومي قبيل الانهيار إلى حوالي 800 مليار ريال سعودي، كما أن محدودية عدد الأسهم المتاحة للتداول خلق مناخاً من التسابق واللحاق بغير وعي بالأسهم القليلة المتوفرة في السوق (مثل سهم شركة الشرقية الزراعية إلى قرابة ألف ريال عندما كان سعر السهم للشركة نفسها قبل سنوات قليلة في حدود 30 ريالاً) وإذا ما أضفنا أسباباً جوهرية أخرى كأعطال أجهزة التداول وتعاملها مع أكثر من 3 ملايين متداول وتحملها أكثر من طاقاتها الاستيعابية وإلى دور المنتديات عبر الإنترنت وتناقلها الأخبار والمعلومات المضللة المروّجة التي تستخدم فيها الشائعات بوتيرة تجعل المبتدئين يندفعون بدون تروٍ بحثاً عن الثراء والربح السريع والشراء دون إدراك لمدى خطورة تلك الشائعات على استثماراتهم في سوق الأسهم إلا بعد حين وبعد انهيار.
أضف إلى ذلك أن قرار الهيئة خفض نسبة التذبذب من 10 إلى 5% كان بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير، فقد كان السوق على حافة السقوط وإن كان لأول وهلة متماسكاً إلا أن صدور القرار وقع عليه موقع صخر حطه السيل من عل.. في البداية حاول السوق أن يصمد يوماً آخر ولكنه انهار ولا يزال لأكثر من أسبوعين متتالين. ولا ندري ما ستؤول السوق إليه؟ ومتى ستنجلي الغمة عنه؟ هناك بشائر حاملة معها أخباراً سارة ستطمئن المتعاملين والمستثمرين.. منها على سبيل المثال لا الحصر ما صرح به الناطق الرسمي لهيئة سوق المال د. الزوم عن قرب طرح 5 شركات للاكتتاب العام وهو ما سيعيد دخول سيولة مالية إلى السوق ومما يساعد في إعادة الثقة إلى النفوس والعودة إلى التعامل في البيع والشراء تدريجياً حتى يسترجع السوق قواه وقدراته.
وهناك أيضاً قرب إعلانات الشركات القيادية لأرباحها في الثلث الأول من السنة، كما أن ثبات أسعار البترول ان لم يكن يتوقع له الارتفاع لعله يكون مساعداً ثانوياً يعجل بالارتداد القوي للأسهم السعودية والرجاء كبير في كبار صناع السوق في العود الحميد إلى صالات التداول وبمعنويات مرتفعة مليئة بالمحبة والاخوة والبدء من جديد لموجة جديدة من الارتفاعات والانخفاضات في عالم الأسهم نتعاون فيها على البر والتقوى وتجمعنا على التلاحم والتنافس الشريف لهدف أسمى أكبر هو خدمة الوطن الغالي.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved