Tuesday 21st March,200612227العددالثلاثاء 21 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

شيء من المنطق شيء من المنطق
بعد هدوء العاصفة: رسالة إلى هيئة سوق المال
أ. د. مفرج بن سعد الحقباني

هدأت عاصفة سوق الأسهم الحمراء التي أكلت ما قدم لها وكادت تأتي على ما تبقى من أموال وأرواح مواطني هذا البلد لولا رعاية الله سبحانه وتعالى أولاً ثم التدخل الإيجابي لوالد الجميع خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- الذي أعاد الروح وأنعش الأمل من جديد.وإذا كنا دائماً وأبداً في حاجة ماسة لرعاية خادم الحرمين الشريفين الأبوية، فإننا بلا شك لا نريد أن نشكل عبئاً إضافياً يضاف إلى أعبائه ومسؤولياته الجسام ولا نريد أن تُسهم أخطاؤنا الفردية والمؤسسية في تشكيل معضلات لا تحل إلاّبيد القائد الأول لهذه الأمة. وحتى يكون ذلك لابد لنا أن نعي أهمية مواقعنا ومسؤولياتنا الوطنية وأن نتأنى في اتخاذ القرارات التي قد يكون هدفها معالجة قضية فردية ولكنها تنعكس سلباً على الآخرين وتتسبب في متاهة اقتصادية واجتماعية ربما تصيب المجتمع في مرتكزاته الرئيسة. ولعل ما حدث في سوق الأسهم خلال الأسابيع الثلاثة الماضية خير دليل على خطورة بعض القرارات التي قد تكون في مضمونها صائبة ولكن توقيتها غير المناسب ربما يتسبب في نكسة اقتصادية تطول بمؤثراتها مكونات المجتمع المختلفة. وحتى لا يتكرر الخطر، أجد أن من الضروري الاستفادة من الدرس السابق لتأسيس قاعدة إجرائية ذات بعد شمولي تقي السوق ومعه اقتصادنا الوطني شر مثل هذه النكسات المذهلة التي لم تكن في حسبان صناع وأصحاب القرار في هيئة سوق المال ورسالتي إلى هيئتنا الموقرة كما يلي:
الرسالة الأولى: هي أن الهيئة التي تحرص انطلاقاً من نظامها العام على محاربة المضاربة التي يترتب عليها التغرير بالمتعاملين مطالبة حتى لا تسهم هي بالتغرير بالمتعاملين بألا تظل صامتة وساكنة بلا حراك حتى تبلغ أسعار أسهم بعض الشركات التي يفضل البعض تسميتها بالخشاش أرقاماً خيالية وغير مبررة ثم تتحرك من خلال إيقاف بعض المتعاملين في هذه الشركات مما يؤثر في سعر السهم وعلى استقرار السوق بشكلٍ عام فما حصل في السابق هو أن الهيئة أو إجراءات التتبع لدى الهيئة استغرقت وقتاً طويلاً مما سمح بالارتفاعات الهائلة في أسعار بعض الأسهم وساهم في التغرير بالمتعاملين الذين ذهبوا ضحية هذا السكوت غير المبرر وبالتالي فإن ارتداد وتعافي السوق لا يعني السكوت عن أخطاء الماضي ولا يعني عدم تحمل الهيئة لمسؤوليتها المباشرة عما حدث للكثير من المتعاملين وعليها بالتالي أن تسارع لدعم قدراتها الداخلية والفنية حتى تتمكن من اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وأن تبادر لزيادة فاعليتها في تقدير مخاطر قراراتها التي قد لا تكون صائبة سواء من حيث المضمون أو من حيث التوقيت.
الرسالة الثانية هي أن الهيئة مطالبة نظاماً بتحقيق مبدأ الشفافية الذي يكفله النظام لكافة المتعاملين في السوق بغض النظر عن موقفهم الرسمي أو المالي وعليها بالتالي أن تسعى لتحقيق هذا الهدف.
الرسالة الثانية هي أن الهيئة مطالبة نظاماً بتحقيق مبدأ الشفافية الذي يكفله النظام لكافة المتعاملين في السوق بغض النظر عن موقفهم الرسمي أو المالي وعليها بالتالي أن تسعى لتحقيق هذا الهدف من خلال إلزام الشركات بتوفير المعلومات الدقيقة ذات البعد الاستثماري المؤثّر في القيمة الحقيقية للسهم والابتعاد عن المعلومات المضللة التي تخدم أغراض المضاربين وتسهم في خداع صغار المستثمرين ولعلي هنا أشير آسفاً إلى أن الهيئة في السابق عجزت عن تحقيق هذا المبدأ بدليل الارتفاعات الهائلة في أسعار بعض الأسهم نتيجة لمحفزات مستقبلية لم يعلمها سوى الخاصة، وبدليل عرض معلومات مغلوطة أو غير دقيقة على شاشة تداول كما حدث عندما أعلنت إحدى الشركات الحصول على امتياز إدارة وتشغيل مطاعم بإحدى المحافظات وهي في الواقع لا تتجاوز المطعم الواحد بعمالة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، إخفاء المعلومة السليمة أو نشر المعلومة غير الدقيقة يسهم بلا شك في تضليل المساهمين ويحقق أهداف المضاربين خصوصاً في سوق شديد الحساسية للمعلومة الصحيحة وغير الصحيحة وبالتالي نطالب الهيئة بفلترة الإعلانات ونشر ما يستلزم النشر والابتعاد عن التطبيل الذي يقوده للأسف بعض أعضاء مجالس الإدارات أو من يخدم أغراضهم في المنتديات ووسائل الاتصال الأخرى.
الرسالة الثالثة نتمنى على الهيئة ونحن نستمتع باللون الأخضر الذي ينعش الآمال عندما تقرر إيقاف مضارب أن تمنعه من الشراء والبيع أو على الأقل من البيع عند السعر المرتفع، ففي الوقت الحاضر نجد الهيئة بدلاً من أن تلزم المضارب الذي ساهم في رفع السعر إلى حدٍ غير مقبول من وجهة نظرها بالشراء أو على الأقل عدم البيع عند هذا السعر المرتفع، تسمح له الهيئة بالبيع وتمنعه من الشراء وكأنها بذلك تسعى لحمايته من الوقوع ضحية تصرفاته التي يكون صغار المستثمرين هم ضحيتها الشهية.
الرسالة الرابعة على الهيئة أن تتخلى عن الصمت الرهيب تجاه الشائعات التي تتناولها بعض وسائل الاتصال إن كانت تمتلك الآلية المناسبة لتصحيح المعلومة حتى لا تسهم هذه الشائعات في إرباك التعاملات اليومية والخطط الاستثمارية للمتعاملين في السوق. فعلى سبيل المثال وكدليل إثبات على عدم تفاعل الهيئة مع بعض الشائعات الخطيرة ما يتناقله المتعاملون حول تقسيم السوق السعودي إلى قسمين والمعايير التي سيتم الركون إليها في عملية التقسيم والتصنيف ومع ذلك لم تتحرك الهيئة لتوضيح البرنامج الزمني والنوعي لهذا الإجراء حتى تتضح الصورة للجميع.
فقد يكون من المفيد تصحيح المعلومات من خلال مؤتمر صحفي يوضح كافة الأمور ويضع المستثمرين على محجة مكشوفة فإذا كنا قد تابعنا مسارعة الهيئة لنفي الخبر الذي أوردته إحدى الصحف حول قرار العفو عن بعض المضاربين والذي انعكس بشكلٍ إيجابي على تجاه السوق لولا مسارعة الهيئة لنفي الخبر، فإننا أيضاً نتمنى أن تبادر الهيئة لكشف الشائعات الأكثر خطورة كما فعلت مع هذه الشائعة حتى لا تتسع دائرة تقلب المؤشر ومعه تصاب سيكولوجية السوق بعطل هيكلي ربما يصعب تقويمه في المستقبل.
الرسالة الخامسة: أن تجتهد الهيئة في ربط تدخلاتها بواقع السوق وأن تراعي المخاطر المترتبة على هذه التدخلات. وكدليل إثبات على حاجة الهيئة لمثل هذه المهارة أن السوق السعودي كان في نظر الجميع على حافة عملية تصحيح طبيعية نتيجة لارتفاع المؤشر والأسعار إلى مستويات عالية تحتاج السوق عندها إلى عملية جني أرباح حادة أو إلى عملية تصحيح متدرجة ومع ذلك ودون مراعاة لواقع السوق تدخلت الهيئة بقرارات ربما تكون مناسبة من حيث المضمون ولكنها قطعاً غير مناسبة من حيث التوقيت لتحول عملية التصحيح إلى حالة انهيار خطيرة ذهب ضحيتها الكثير من المواطنين.
أتمنى أن يكون لدى الهيئة قدرة على استشعار هذه الخطورة حتى تستطيع ضبط السوق في إطاره القويم دون أن يتعرض لهزات مهلكة كما حدث في الفترة السابقة.
وبشكلٍ عام هذه الرسائل وغيرها الكثير قد لا تخفى على رجالات الهيئة ولكننا بلا شك نتمنى أن نرى تصحيحاً لواقع الإجراءات التنظيمية قبل أن تتحول كل عملية تصحيح للسوق إلى معضلة وطنية لا تحل إلا بقرار عاصف وتدخل مباشر من والد الجميع يرعاه الله.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved