لم يكن المربي الفاضل والشيخ الصالح عثمان بن ناصر الصالح رحمه الله وأسكنه فسيح جناته أحد رواد التعليم فقط بل كان سجلاً حافلاً بالعطاء التربوي والعلمي والأدبي بل والمادي وما اثنينيته الشهيرة في داره العامرة بالرياض إلا واحدة من مآثره الخالدة رحمه الله فقد كانت مهوى أفئدة شداة الأدب ورواد العلم والمناظرات وكنت تجد في مجلسه الأديب والعالم والمسؤول والكبير والصغير يجدون في ندوته ما يغريهم بالحضور، وفي كرم خلقه وسماحة نفسه رحمه الله ما يشعر الجميع بأبوة حانية وروح مربية لا يتمتع بها إلا قلة نادرة ممن سمت أرواحهم وتهذبت نفوسهم وكان رحمه الله أحد أولئك النوادر فقد كنت أعجب من اهتمامه بكل زواره وثنائه على كل منهم بما يستحق ومراعاته لنفسياتهم وحبه لتشجيع الناجحين ودفعهم للمزيد ولا غرابة في كل ذلك فهو مرب فاضل من الطراز الأول غفر الله له.
لقد تشرفت بالجلوس بحضرته رحمه الله في أحد المجالس فعجبت من تواضعه الجم وأسرت بلطف خلقه وكريم سجاياه، فقد كان جالساً بين أبنائه وبعض محبيه وبيده كتاب يقرؤه وربما كتب عليه بعض التهميشات غير أنه لا يغفل عن محادة جلسائه ومؤانستهم والسؤال عن أحوالهم وملاعبة الصغير فإذا حضرت الصلاة قام إلى المسجد برفقة من معه رحمه الله.
وقد شرفني غفر الله له بأن قدم كتابي عن الحفلات المدرسية وأثنى علي وعلى الكتاب بما لا أستحقه ولكنه مرب كريم يشجع أبناءه.
فقد اطلع على الكتاب وكتب بخط يده ما يزيد على الست صفحات رغم كبر سنه وظروفه الصحية وامتلاء وقته بما هو أهم مني ومن كتابي فرحمه الله ما أكرم خلقه.
إيه يا شيخي الكريم أجد الكلمات لا تواتيني لأعبِّر عما في نفسي من حزن لفقدكم، فأسال الله أن يرحمكم ويغفر لكم ويسكنكم الفردوس الأعلى. وأجد العبارات لا تعبِّر عما لم بي من ألم لتقصيري في حقكم غير أن عزائي ما عرفته فيكم من سماحة قلب وكرم نفس.اللهم اغفر له وارحمه، اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، اللهم باعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد، اللهم أسكنه جناتك واخلفه خيراً من دنياه، عظَّم الله أجر أسرته وأهله وأبناءه ومحبيه جميعاً وأحسن عزاء الجميع فيه.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
يوسف بن عبد الرحمن الحمود |