Tuesday 28th March,200612234العددالثلاثاء 28 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"متابعة "

إلى جنة الخلد يا أبا ناصر إلى جنة الخلد يا أبا ناصر
عبدالله العلي النعيم

علمتُ وأنا خارج المملكة في مهمة رسمية بوفاة المغفور له - إن شاء الله - المعلم القدير، والأب الحنون، والصديق الوفي، والإداري المثالي، الشيخ المرحوم عثمان بن ناصر الصالح، تغمده الله بواسع رحمته وأسبغ عليه العفو والغفران وأسكنه فسيح جنته. كان رحمه الله رجلاً مثالياً بكل ما تحمله هذه الكلمة. كان ملء السمع والبصر، يجمع الصفات الحميدة، خلق عظيم، واستقامة نادرة، وعلم جم، وثقافة واسعة، لم نسمع منه كلمة جارحة، كان خيراً كله.
تعرفتُ على المرحوم وأنا في مدرسة عنيزة الابتدائية، التي كان يديرها المربي الكبير معلم أهل عنيزة ورائد التعليم فيها أخوه المرحوم صالح بن ناصر الصالح، ويساعده أخوه المرحوم الأستاذ عبدالمحسن، كان رحمه الله شاباً يافعاً لكنه كان ناضجاً راجح العقل وكأنه ولد ليكون معلماً، وكان يزور أخويه في عنيزة ويبقى معهما وقتاً كبيراً، وكان يساعدهما في التدريس أثناء تواجده في عنيزة، وكان نعم المعلم، ونعم الأخ الأكبر، يمتاز بالهدوء والرقة، والكلام العذب، لم نكن نملُّ لقاءه والاستماع إليه، ثم فرقتنا الأيام، حتى تعيّنت مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، والتقيت به وكان يعمل مديراً عاماً لمعهد العاصمة النموذجي، وتأكدتْ وتعمقتْ علاقتنا وصداقتنا، وكنتُ استفيد من خبرته، وأنهل من معرفته، واستشيره في كل الأمور.
وعندما عينت مديراً عاماً للتعليم في المنطقة (منطقة الرياض) قال لي (رغم أن معهد العاصمة - ذلك المعهد الذي لم يكن مدرسة واحدة بل كان أشبه بالجامعة - ليس تابعاً لإدارة التعليم فإن معهد العاصمة تابع لإدارة عبدالله النعيم)، يطلب مني بتواضع نادر أن أزوده بكل التعاميم والتعليمات، واستمرت علاقتنا الطيبة لأنه كان ودوداً، يقدر الناس ويحترمهم، وأشهد أنه كان نعم الموجه والمرشد، هو نموذج نادر بين الرجال، ومنذ ذلك الوقت من عام 1377هـ لم تنقطع صلاتنا، بل زادت وتعمقت مودتنا، وكنت المستفيد من ذلك.
لقد كان رحمه الله خير مشجع، كان يسبغ عليّ الكثير الكثير من الود والمحبة والتقدير، عاش حياته معلماً ومرشداً وأباً حانياً، وصديقاً ودوداً ورجلاً ولا كل الرجال.
لقد فقدتُ (شخصياً) وفقد الجميع شخصية فذة لها وزنها ومقامها الكبير، لم تُغرِّه مظاهر الحياة، ولم يعجب بنفسه رغم ما وصل إليه من عز وجاه، بل ظل الرجل البسيط والإنسان العادي، لأنه كان كبيراً كبيراً.
مهما قلت من كلمات في رثائه فلن أوفيه جزءاً من حقه، بل إن قلمي لم يعد يساعدني لأقول شيئاً مما في خاطري، لكي أوفيه بعض الدين الذي في رقبتي له.
كل ما أستطيع أن أقول رحمك الله يا أبا ناصر وجعل جنة الفردوس مكانك ومأواك، وجمعك مع الأولياء والصالحين وأثابك وجزاك خير الجزاء عن كل ما قدمته لأبنائك وتلاميذك الكثيرين الكثيرين منهم الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين ورجال الأعمال وإخوانك وأصدقاؤك. وإذا كانت هذه إرادة الله عزّ وجلّ فلنقبلها بنفس راضية (رغم الحزن وألم الفراق). وبارك الله في أبنائك الغرَّ الميامين الذين ربيتهم تربية صالحة على الخير والعطاء وحب الناس والإحسان إليهم.
وإنني لأتقدم لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم وتلميذه الوفي أن يتكرم بتسمية أحد شوارع عنيزة باسمه، وهو الذي أحبها من أعماق قلبه.. كما أتقدم لسمو الأخ العزيز د. عبدالعزيز بن عياف أمين منطقة الرياض أن يتكرم بتسمية أحد شوارع الرياض باسمه وفاءً وتقديراً له.. كما أتقدم إلى معالي الأخ الدكتور عبدالله بن عبيد وزير التربية والتعليم أن يسمي إحدى مدارس الرياض أو المجمعة أو هما معاً باسمه تقديراً لخدماته الجليلة والطويلة في التعليم.
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي}.{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
ابنك وأخوك وتلميذك وصفيك

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved