Tuesday 28th March,200612234العددالثلاثاء 28 ,صفر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

باختصار باختصار
الشباب تائهون
نورة المسلّم

التقرير الذي نشرته صحيفة الوطن يوم الأحد وخرجت به من إصلاحيات وسجون في مكة المكرمة مخيف وغريب في آن، فالمجرمون الصغار يمثلون حالة من الرعب هنا، كونهم نبتة تهيأ لها هذا الانحراف كبديل، ولو قلنا: إن المسؤولية الكبرى ملقاة على الأسرة والبيت لما كان ذلك كافياً، لأن الحياة الطبيعية لا يمكن لها أن تكون فقط داخل أسوار البيت والعائلة، كما أن الطاقة التي يكتشفها الطفل في نفسه مع تدرج العمر لا يمكن لها أن تسخر في الانحراف فقط.
نماذج الحالات التي نشرها تقرير الصحيفة المذكورة اتفقت على الانحراف بدأ من نقطة الفراغ تلك، طالب المدرسة الذي ما أن وجد سيارة حتى تغيرت حياته ومفاهيمه وبدأ يبحث عن الانحراف والخطيئة بأي ثمن، الفراغ كان لاعباً أكبر في جرائم أخلاقية وسرقات لشباب صغار لم يتعرفوا على أنفسهم بعد ولا ميولهم ولا مقدراتهم، كلّهم ذهبوا إلى الشوارع الخالية وتعرفوا على من سبقوهم في ميادين الانحراف الأخلاقي والسرقات، فكانت المهمة سهلة بالنسبة لهم وربما كانت نوعاً من قتل الفراغ والتعرف على طاقاتهم التي لم يتعرفوا عليها إلا في الشوارع وفي جنح الظلام.
لو قلنا: إن هذه الجرائم تتكرر وتحدث كأي انحراف متوقع، فما الذي يجعل شباب من معدل أعمار نزلاء الإصلاحيات والسجون التي شملها التقرير، وفي معدل تطلع الشاب إلى مستقبله وهي المرحلة ما بين 19 و22 عاماً أن يختاروا مثل هذه الطرق في وقت تمثل هذه المرحلة بداية تشكل المستقبل وتحديد هويته باختيار التخصصات مثلاً أو تنمية المواهب، أن يلجأوا إلى مثل هذه الطرق دون تردد؟
هناك وسائل لتفريغ طاقة الشباب وتوجيههم تتطلب أن تكون في الأماكن العامة التي يمكن للشباب أن يتجهوا إليها عبر الأندية الثقافية والرياضية والفنون والمسارح والسينما، هذه لا تتوفر معظمها وربما لا يعرف الشاب في حياته سوى قفصين فقط، ملزم بالتراوح بينهما وهي الأماكن التي يتلقى فيها الأوامر وينفذها ما بين المدرسة والبيت، وبينهما توجد الحارة ليمارس لعبة كرة القدم، وان تطور الحال قليلاً سرق سيارة والده ولف الشوارع فارغاً يلقي بكبته على أول ضحية فيختطفها وتحدث الكارثة!
هذه نماذج لغياب تأهيل الطاقة لدينا، وإغفال أهمية اكتشاف الطفل لقدرته وعدم التنبه لمساوئ رعايتها وتوجيهها واستغلالها في الأفضل بعدم توفر أماكن الترفية العامة والثقافية كبدائل أخرى طبيعية ومثرية. مثل هذا التقرير يؤكد أن الشباب تائهون، وأن الجريمة الأخلاقية لا تبعد كثيراً عن أي جريمة أخرى، وأن الشباب الذي يمثل أكبر شريحة وأعلى معدل في النمو في المجتمع بحاجة إلى منافذ تمتص كل هذا الحماس وتهديهم إلى حياة سوية غير اللف في الفراغات المشبوهة، وهنا تنتهي جل أحلام الشاب التي لم تبدأ بعد!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved