Thursday 30th March,200612236العددالخميس 1 ,ربيع الاول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"متابعة "

اليوم أنعى إليكم والدي اليوم أنعى إليكم والدي
المهندس عبدالله بن يحيى المعلمي

قبل بضع سنوات نعيت إليكم والدي الفريق يحيى المعلمي الذي ما زال جرح وفاته في قلبي ندياً نازفاً متجدداً.. واليوم أنعى إليكم والدي عثمان الصالح - رحمه الله - لتتجدد الأحزان وتتباهى الآلام وهي تنشب أظافرها في الوجدان وتهب أعاصير الأسى تعتصر القلوب والأفئدة.. فلقد رحل عثمان الصالح المربي، الشيخ، الأديب، الشاعر، المعلم، الأستاذ، الإنسان، الرجل الذي كان يعرف لكل رجل مكانته، وبالنسبة لي، فإنني أُضيف إلى ذلك ببساطة.. لقد رحل عثمان الصالح.. الأب.
قبل حوالي أربعين عاماً دخلت إلى معهد العاصمة النموذجي في أول أيام مرحلة الدراسة الثانوية، ووقفت في طابور الصباح وعندما بدأ الطلبة في الانصراف إلى فصولهم، استوقفني الشيخ عثمان الصالح ليسألني عن اسمي ويرحب بي ويدعو لي بالتوفيق، ومنذ لحظتها بدأت بيني وبين والدي الشيخ عثمان الصالح علاقة أحسبها تتجاوز الإطار التقليدي للعلاقة بين طالب ومدير مدرسة، فالحق أنني حظيت من الشيخ عثمان الصالح طوال سنوات دراستي الثلاث في المعهد بحب ورعاية وتكريم وعطف واهتمام لا أظن أن أحداً قد حظي بمثله، ولن يفاجئني لو أن عشرات الطلبة أو ربما المئات قالوا مثل ما قلت، فلقد كانت لدى الشيخ عثمان الصالح مقدرة خارقة على أن يشعر كل إنسان يقابله بأنه الوحيد الذي يحظى باهتمامه وتكريمه.
أطلق على عثمان الصالح لقب (خطيب المعهد)، وكان كثيراً ما يطلب مني أن أخاطب الطلبة عبر الإذاعة المدرسية أو في طابور الصباح ارتجالاً وكثيراً ما كان يعلق على ما أقول مسبغاً عليَّ عبارات الثناء والإطراء، حافظت على صلتي بالشيخ عقب تخرجي من المعهد فكنت أراسله بين حين وآخر ولم يحصل أن بعثت له برسالة إلا وجاءني ردها مقطوعة أدبية وأحياناً شعرية فيها من الحكم والنصائح ما يستحق أنْ يُعرض في كتاب يستفيد منه الطلبة والباحثون ولعلي أفعل ذلك قريباً إن شاء الله.
وفي تلك الأثناء نشأت صداقة وثيقة عميقة بين والدي - رحمه الله - وبين الشيخ عثمان.. فلقد جمع بينهما حب العلم والأدب والشعر التراث واللغة العربية، ومع أن الشيخ عثمان - رحمه الله - كان يكبر والدي سناً ومكانةً إلا أنه كا حاتمي الكرم في توقيره وتبجيله لوالدي ويصر على أن يضفي عليه عبارات الإطراء إلى الحد الذي كان يشعر والدي بالحرج والخجل، ولكن ذلك كله كان يصدر عن الشيخ طبيعياً ودون تكلف فلقد كان - رحمه الله - يرى الناس بنور نفسه، ولقد بلغ من تكريم الشيخ عثمان لوالدي أن أسند إليه إدارة الأمسية الاثنينية التي كان يقيمها في داره، واستمر والدي في ذلك إلى أن وهن منه البصر والجسد فطلب من الشيخ أن يسند تلك المهمة إلى غيره ففعل.
قبل عدة أسابيع كتبت في جريدة المدينة مقالاً بعنوان (عثمان الصالح.. مربي الأجيال) طلبت فيه من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، أن يبادر إلى تكريم الشيخ بإطلاق اسمه على أحد الشوارع المناسبة في مدينة الرياض، وطلبت من صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة جمعية خريجي معهد العاصمة النموذجي أن يبادر إلى إطلاق اسم الشيخ على القاعة الكبرى في المعهد، وطلبت من معالي وزير التربية والتعليم أن يؤسس جائزة سنوية باسم الشيخ تُزف إلى أحسن معلم أو مدير مدرسة في كل عام، وطلبت من أخي الدكتور ناصر بن عثمان وأخي الأستاذ بندر بن عثمان وإخوانهم أن يسعوا إلى الإبقاء على اثنينية الشيخ عثمان الصالح وانتظامها إحياءً لذكرى هذا المعلم الفذ والأب الصالح الذي لم يجمع الناس على محبة أحد مثلما أجمعوا على محبته لأنه - رحمه الله - كان محباً لكل الناس.
اليوم أنعى إليكم والدي.. عثمان الصالح.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved