Wednesday 26th April,200612263العددالاربعاء 28 ,ربيع الاول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"مدارات شعبية"

مساعد الرشيدي ليس شاعراً مساعد الرشيدي ليس شاعراً
الشعر العامي تملَّكني بجماله الآسر

كغيري من الذين يستهويهم الشعر ويجدون أنفسهم منجذبين إليه أكثر من غيرهم، فقد أكثرتُ من قراءته دون ملل ولا كلل، أسير خلف الشعراء في أوديتهم التي يهيمون فيها وألتقط ما ينثرون من نفائس هي أثمن عندي من الدينار والدرهم.
وقد افتتنت مؤخراً بالشعر العامي وندمت على سنوات مضت لم أكن أعيره الاهتمام الجدير به، وعندما أرعيتُ سوائم الفكر في روضاته وخمائله، تملَّكني بما فيه من جمال آسر وحُسن أخّاذ يمس أعماق النفس ويؤثر فيها، وظللت أعبُّ منه ما يروي ظمأ نفس تهش لمواطن الجمال وأسرار البيان الزاهي. وقد وجدت شعراء العامية كشعراء الفصحى طبقات متفاوتة ومشارب متباينة، إلاّ أنّهم في الغالب يأخذ بعضهم من بعض ويقلّد بعضهم بعضاً حتى إنني تمثَّلت قول الأول:


ما أرانا نقول إلا مُعاراً
ومُعاداً من قولنا مكرورا

وفي إحدى جولاتي في أودية الهيام الشعري توقّفت أمام قامة شاهقة، وهامة شمّاء لمبدع يقال إنّه يكتب الشعر، ولكنّي وجدته يمارس السحر جهاراً نهاراً، مبدع قد سحر بنات الشعر فمشين خلفه طائعات ذليلات، يأمرهنّ فيمتثّلن لأمره ويكسوهنّ من قريحة عذبة أروع حليّ وأزهى حلل .. إنّه المبدع الساحر الأستاذ مساعد الرشيدي، وكفى بهذا الاسم علماً في الشعر، فأنخت ركابي ببابه ولم أزل مشدوهاً بما يأتي به من فنون القول وأعاجيب الشعر، ولا أُلام في ذلك، فلا أذكر أنّني قرأت أو سمعت له قصيدة (عادية) أو (مستعارة) فهو لا يرضى سوى بالأصائل الأبكار، تتفتّق عنهنّ شاعريته الباذخة فيأتي بالعجب العجاب ويسطو على محبي الشعر من أمثالي، فإذا هم أسرى أحابيله المخملية وسجناء سحره المترف. أتأمّل شعره فأصرخ قائلاً: لله أبوه!! أنّى له بمثل هذا؟!!
كيف خطرت بباله تلك الصورة؟!! ومن أيِّ أودية السحر شردت تلك العبارة فاقتنصها كأمهر صياد؟!! ويتلبّسني حسدٌ هو ديدني إزاء كلّ مبدع يتجاوز الأفق ليحلِّق في سُدُم السحر ويعانق مجرات الإبهار، ثم أعود لنفسي وقد خمدت جذوة الحسد ولكن يبقى خلل الرماد وميضُ جمر لا يلبث أن يضطرم إعجاباً وإكباراً لكلِّ من طُوِّع له البيان فارتداه كعباءته ينفضه متى شاء فإذا النُّفاض مسكُ وعودٌ وعنبر.
أدعو من راق له حديثي من القراء الأكارم أن يلاقوني هناك في ظل الخيمة العربية الأصيلة التي ابتناها ساحرنا بين رُبا السحر الحلال وأن يتذوقوا إبداعاً أجزم أنّهم لن يزالوا يجدون حلاوته في نفوسهم أمداً طويلاً؛ ولكني أعود وأحذّرهم من تأثير السحر، فمساعد ليس شاعراً، وشتان ما بين الشعراء والسحرة. كما أدعو الأستاذ مساعد أن يعجّل بإصدار ديوانه الثاني فقد حفظنا ديوانه الأول عن ظهر قلب.
رشّة عطر:


العنود اللي مسا البارح وانا سيّد سهرها
أقبلت مثل البياض وودّعت مثل برديّة
المسا ضجّ بسوالف عطرها واشعل سفرها
والعروق اللي روت مسيارها خضر ونديّة
من يعلّم مستريح الريح عن فوضى شعرها
الحرير اللي كسى هاك المتون العسجدية
جادلٍ كلّ الدروب المعشبة تنبت بأثرها
جت تبي جرح وقصيد وخلّت الثنتين بيّه

فيصل السبيعي

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved