Wednesday 17th May,200612284العددالاربعاء 19 ,ربيع الآخر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

أنت أنت
هيئة السوق المالية بين مهمتي تحفيز الإيجابي ومكافحة السلبي
م. عبد المحسن بن عبد الله الماضي

تتقدم البلاد وتنمو وتزدهر باستيعابها وتفاعلها الإيجابي السريع مع المتغيرات العصرية، وإشاعة ثقافة تؤكد أن تنمية البلاد ليست حكراً على جهة دون أخرى ولا جهاز دون آخر، وأن الأجهزة الحكومية التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار تشكل أحد أهم العوامل المحفزة أو المعيقة للتنمية؛ فيمكن أن تكون محفزة للتنمية إذا كانت في خدمتها، ويمكن أن تكون معيقة إذا لم تضع التنمية في حساباتها، وهذا لا يحتاج إلى الكثير من الجهد؛ ذلك أن المنع والإيقاف والتأخير بدواعي حماية الوطن والمواطن والمحافظة على الاستقرار عمليات سهلة ذات أثر إيجابي ظاهري على المدى القصير رغم آثارها السلبية على التنمية، وبالتالي زعزعة الاستقرار على المدى البعيد، وهذا فخ أكاد أقول إن معظم دول العالم النامي واقعة فيه.
ومن هذا المنطلق فإنه من حق وطننا ومجتمعنا علينا أن نجعل تنمية البلاد غاية سامية نسعى جميعاً إلى تحقيقها، يقودنا في ذلك الأجهزة الحكومية.
هيئة السوق المالية مثال على الأجهزة الحكومية التي يمكن أن تكون حافزاً لا عائقاً للتنمية، وإن كنا نأخذ عليها (سابقاً) وقوعها في المحذور الفكري الذي يعزز مكافحة السلبي حتى لو أعاق تحفيز الإيجابي. هذا المحذور الذي يضيع الفرص ويحدّ من التقدم، والذي يتجاوز فيه بعض الناس حدود المعقول في الكثير من حالاتهم، حتى اشتكى من ذلك العلامة ابن تيمية وتوجّس من أن تصل الأمور بالواقعين تحت تأثير هذا التوجه الفكري إلى أن يدعوا إلى خصي الرجال خشية الوقوع في الزنى، وهذا مع فارق التشبيه محاولة لعرض مفهوم ضارّ يمكن أن يطغى على فكر أفضل الرجال منا، وإن كنا لا نعيه.
القائمون على هيئة السوق المالية أسماء مهمة لها تجربتها الموثوق بها، لكن لا بدّ أن ينطلقوا في تفكيرهم من منطلقات تغلب تعزيز الإيجابي على مكافحة السلبي. والمتابع للإعلام والمجالس العامة يرى كيف أنها ضجت وفزعت مما حصل للسوق، ورأينا كيف علا صوت شيخ التجار السعوديين عبد الرحمن الجريسي - بنبرة لم نعتدها منه منذ اعتلائه منصب رئاسة غرفة الرياض ومجلس الغرف - وحذر من هجرة الأموال، وبعدها رأينا التهافت الذي حصل للسعوديين في دبي ثم في الدوحة؛ حتى صارت قدرة المواطن السعودي الشرائية وتوافر السيولة النقدية بين يديه محرجين له، إن لم نقل مؤذيين له، بل في سوقي دبي والدوحة، وما وقع فيهما، وصلت الحالة بالنسبة لنا كسعوديين إلى أن تكون مسبة مشينة يجب أن تدفع الجهات الحكومية والهيئات الأهلية الحريصة على سمعة البلاد واستقرارها إلى التدخل وإلى تعاضد الجهود من أجل البحث عن الحل السحريّ الذي يحول المال الذي نملكه إلى حالة إيجابية كما هو مفترض بدلاً من أن يكون حالة سلبية كما هو حاصل.
كلنا نعرف أن السوق المالية في حقيقتها تمثل محفظة كل السوق السعودي من صناعة وتجارة وخدمات، وإذا كانت إقامة صناعة أو بناء تجارة أو تقديم خدمة تحتاج إلى سنوات حتى يقوم ويتم، فما بالكم بالسوق المالية؟ وهنا مكمن الخطر؛ فما نحن به من خير ووفرة لا يحتمل الصبر، بل لماذا نصبر؟ فكل المحفزات متوافرة، وكل المعطيات تقول إن فشلنا ليس لظروف الطبيعة أو السوق أو الآخرين، بل إن الفشل من أنفسنا، فهل نحن فاشلون؟

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved