سعادة رئيس تحرير جريدة (الجزيرة) الأستاذ خالد بن حمد المالك - حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
طالعنا الأخ الدكتور محمد بن عبد الله آل زلفة أستاذ التاريخ وعضو مجلس الشورى بمقالة مطولة تحت عنوان (المزاحمية في ذاكرتنا التاريخية)، وذلك في صفحة مقالات في جريدة الجزيرة العدد 12269 يوم الثلاثاء الرابع من ربيع الآخر 1427هـ.
وحقيقة يشكر الدكتور لاستعراضه تلك المعلومات التاريخية عن بلدة المزاحمية وإن كان قد دمج معلومات عن بلدة ضرماء. واعتقد - كما يقول - أنهما بلدة واحدة لا بلدتان، عندما ذكر أن المزاحمية تشكل أهمية استراتيجية سكانية واقتصادية وعسكرية لمدينة الرياض، وقد شكل سكانها في الحقب التاريخية المختلفة للدول السعودية الأولى والثانية والثالثة الخط الأول لتغذيتها بالرجال المقاتلين؛ من أجل توسيع نفوذ الدولة، كما مثلوا الخط الأول للدفاع عنها أثناء الحملات العسكرية المعادية لها، وكانت المزاحمية وجارتها ضرماء تشكلان الحزام الأمني لعاصمة الدولة الدرعية ثم الرياض؛ ومن هنا جاء الارتباط الدائم بين هاتين المدينتين أو البلدتين أو المحافظتين المزاحمية وضرماء.
وما سبق ذكره يستغرب من أستاذ في التاريخ حيث كل ما تقدم ذُكر بالحرف الواحد على لسان المؤرخ الشهير ابن بشر عن بلدة ضرماء وليس عن المزاحمية، وما قام به آل زلفة من تكييف غير معلوم مصدره، وأحببت أن أصحح بعض المعلومات التي أشار إليها إثباتاً للتاريخ وللأجيال القادمة بعدما استعرض نقطة هامة التي بالفعل يشكر عليها الدكتور محمد عندما استعرض قائمة المحاربين من ضرماء والمزاحمية المشاركين في الحرب السعودية اليمنية عام 1352هـ - والتي تنشر لأول مرة كما يقول - وهم المشاركون في القضاء على الإدريسي في منطقة جازان بقيادة الأمير عبد العزيز بن مساعد بن جلوي.
ثم وضع الدكتور عنواناً جانبياً مستعرضاً الأسماء بعنوان أهل المزاحمية ثم أهل الدرعية ثم أهل منفوحة، وقد استدرك في المقالة بطلب جميل يشكر عليه أيضاً برجائه ممن يجد خطأ في أسماء القائمة أن يزوده بملاحظاته، وإن أكبر خطأ وقع فيه في العنوان؛ فالقائمة في الغالبية تعود إلى أهل ضرماء بنحو سبعين رجلاً من أصل واحد وثمانين وردت أسماؤهم في الوثيقة ومنهم فقط سبعة رجال من أهل المزاحمية وثلاثة غير معروفين بحسب علم الباحث، ومن أسرتي ثلاثة وهم كل من: العم محمد بن عبد الرحمن العيسى، والعم محمد بن محمد العيسى، والعم محمد بن عبد الله العيسى انتقلوا إلى رحمة الله، وأتمنى من الدكتور تزويدي بصورة من الوثيقة على عنواني البريدي؛ ليتم التعريف بأولئك الأعلام جميعاً وله الشكر.
ولعلي أستعرض رحلة قام بها الشيخ عبد الله بن خميس في كتابه الموسوم (المجاز بين اليمامة والحجاز) وقد تطرق إلى منطقة قرقرى (البطين) عندما ذكر: (هذه المنطقة التي هذه هي حدودها يقف دونها جبل طويق من الناحية الجنوبية الغربية وتنداح في عرض رحب ما بين نفود الغزيز غرباً وجبل طويق شرقاً، وكلما امتدت شمالاً ازداد عرضها حتى ما بعد البره وما بعد سمحان شمالاً، ويطلق على هذه المنطقة وعلى ما بعدها من ناحية الشمال مما يتركه الطريق يمينه إلى بلدة القصب وما حولها يطلق عليها اسم (قرقرى) في القديم والبطين في الوقت الحاضر، وقد كان لها شأن في التاريخ وهي من أخصب بقاع اليمامة وأكثرها نخيلاً وأجودها حنطة وأطيبها مرعى وأصلحها زراعة، وفي هذه المنطقة من قرقرى من البلدان بلدة المزاحمية يتركها الطريق يساره بعد أن يقف جبل طويق من الناحية الجنوبية للطريق بهضبة الصقورية، والمزاحمية بلدة ليست قديمة وإنما نشئت متأخرة قبل حوالي قرن من الزمان وتطورت حديثاً حتى زاحمت أم المنطقة ضرماء... وبعد أن يمعن الطريق في هذه المنطقة يمر ببلدة ضرماء وهي ذات شهرة تاريخية واسمها الآن محرف عن قرماء، وقد عرف عن أهل ضرماء شدتهم وبسالتهم وما موقفهم أما صلف إبراهيم باشا وعنجهيته أيام غزوه لنجد إلا دليل على أصالة شجاعتهم وحميتهم ودينهم... لقد جالدوه ووقفوا له وقفة الرجال، وما كانوا - في أيام السلب والنهب - يتركون المغير يأخذ لهم حقاً أو يعتدي لهم على حرمة، وهذا يصدق على بلدة ضرماء والمزاحمية) (1).
وأقاليم نجد أو اليمامة والتي تسمى جوا وتسمى العروض أو القرية موزعة إلى ثلاث عشرة مقاطعة هي كما يلي: العارض وقاعدتها الرياض، والخرج وقاعدتها السيح، ووادي بريك وقاعدتها الحوطة، والأفلاج وقاعدتها ليلى، والسليل وقاعدتها السليل، ووادي الدواسر وقاعدتها الخماسين، وضرمى وقاعدتها ضرمى (2)، والشعيب وقاعدتها حريملاء، والمحمل وقاعدتها ثادق، وسدير وقاعدتها المجمعة، والغاط والزلفي وقاعدتها الزلفي، والوشم وقاعدتها شقراء، والعرض وقاعدتها القويعية (3)، وجميع هذه الأقاليم المعروفة تحدد بحدودها الطبيعية سابقاً، أما الحدود الإدارية فترتبط بدرجة القوة التي عليها الحاكم في السابق أما في الوقت الحاضر فالحدود والتبعية حسبما يقرره الحاكم الإداري للمنطقة.
ومما تقدم من هذه الاقاليم إقليم ضرماء (البطين) وعاصمته ضرماء (البلاد) والذي استعرضه الكاتب محمود شاكر في كتابه شبه جزيرة العرب في الجزء الخاص بنجد إذ استعرض إقليم ضرمى بقوله: وهي منطقة صغيرة تشمل جزءاً من طرف طويق الغربي حيث جريان المياه المحاذية لطرف الجبل الذي أنعش الحياة فيها، إضافة إلى قربها من الرياض حيث تمون العاصمة بكثير من الخضار، ومن أهم القرى فيها ضرمى مركز المنطقة، والمزاحمية، وجو، ولحا، والغطغط، وسمحان، والعلاوة. وتمتد المنطقة من جبل طويق إلى النفوذ في الغرب، ومن جبل طويق عند فج لحا في المكان الذي يجتاز الطريق إلى الرياض في الجنوب إلى شمال سمحان (4)، ولعلي أرفق خريطة منقولة من نفس المرجع السابق الذي يحدد مناطق ضرماء والوشم والسر، وتوضح الخريطة البلدان التابعة لضرماء ومن ضمنها المزاحمية (5).
وفي الوقت الحاضر استقلت المزاحمية بمراجعتها لإمارة الرياض وإن كانت تتبع ضرماء في المحكمة الشرعية والمديرية الزراعية وبعض الدوائر الحكومية. وللمعلومية فبلدة المزاحمية بلدة حديثة، وكانت تدعى قصور المزاحميات، ويقصد بالقصور المزارع والبيوتات التي فيها وهي خارج حدود البلدة، وبلدان نجد على هذا المنوال تتكون من البلاد وهي القاعدة والحوطة وهي ما يحاط بالبلدة والروضة وهي المزارع القريبة خارج سور البلاد، والقصور المزارع الأكبر والأبعد والتي يستأثر بها أهلها بعيداً مثل قصور آل مقبل التابعة لضرماء، وقصور المزاحميات التي من اسمها تتزاحم وتتقارب من بعض، وليس كما توهم مؤلف كتاب إمتاع السامر بتكملة متعة الناظر عندما نسب بلدة المزاحمية إلى مزاحم بن الحارث الذي هرب إلى جبال القهر بعسير عند تهديد الخليفة العباسي له، والذي فند ذلك وتصدى له شيخنا العلامة أبو عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري في مقدمة كتابه (إمتاع السامر بتكملة متعة الناظر) من إصدارات دارة الملك عبد العزيز التاريخية عام 1419هـ صفحة 14.
إبراهيم بن عيسى بن عبد الله العيسى/عضو الجمعية التاريخية السعودية - ماجستير في الحماية المدنية - ص. ب 13726 - الرياض 11414
(1) ابن خميس، عبد الله بن محمد (1402هـ) المجاز بين اليمامة والحجاز، جدة: مطابع النصر، من إصدارات تهامة، الكتاب رقم (46)، صفحات (39- 41).
(2) المرجع السابق، صفحة (13)، هكذا وردت وفي الطبعة الثالثة ضرمى وقاعدتها البلاد.
(3) شاكر، محمود (1396هـ) شبه جزيرة العرب - نجد -، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة (33) نقلاً عن المرجع السابق صفحة (13).
(4) شاكر، محمود (1396هـ) شبه جزيرة العرب - نجد -، بيروت: المكتب الإسلامي، صفحة (55).
(5) المرجع السابق، صفحة (57).
|