لن تضيعوا

أوردت جريدة الجزيرة في عددها 12272 الجمعة 7-4-1427هـ ذلك المشهد المؤثِّر عندما قدّم أبناء وبنات شهداء الواجب مشهداً بعنوان (لن نضيع)، عقب مشهد (مملكة الإنسانية) في الحفل الختامي لفعاليات الأسبوع الاجتماعي الأول بمنطقة القصيم وعيون الجميع، من حضور ومتابعين، تذرف بالدموع في وقفة حانية مؤثِّرة، وقد استوقفتني دموع (فيصل بن بندر الإنسان)، وهو بهذا يترجم إحساس ومشاعر الجميع تجاه أبناء الشهداء بقوله لهم: لن تضيعوا. نعم لن تضيعوا، فإذا كانت يد الغدر امتدت إلى شهداء الواجب آبائكم الذين نفخر بهم، فقد ضحوا لوطنهم بأرواحهم، فلن تضيعوا. فأنتم أبناء مملكة الإنسانية فهي البلسم لكلِّ جراح، لقد آوت المحتاج وأغاثت الملهوف وحضنت كلّ مفجوع، ولقد عبّرتم عن ألم وحزن في نفوس الجميع.
إنّ الضمير الاجتماعي لدى أبناء هذا البلد المعطاء وإحساس أفراد المجتمع بمسؤوليتهم نحو أنفسهم ومجتمعهم هي من مميزات الشخصية السعودية بين مجتمعات العالم، كما أنّ العطاء الاجتماعي هو أساسي في الحياة وبدونه تصبح الحياة فوضى وينعدم التعاون ويغلب التنافس والأنانية والفردية والتركيز على الذات، وفي تعاليم الإسلام وتوجيهاته الكثير من المبادئ الداعية إلى الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية نحو الشخص والمجتمع، وفي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده وهو مسئول عن رعيته، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) .. إن الجميع يتشاركون ويتفاعلون في تحمل المسؤوليات بنسب معيّنة وعبر أدوار متفاوتة، كما أنّ المسؤولية الاجتماعية التي تمازجت في ذلك المشهد بين راعي الحفل وابن الشهيد لهي ترجمان للنمو الأخلاقي والثقة بالنفس والوعي الاجتماعي والإحساس بالهوية الاجتماعية، وفي هذا الموقف الأخلاقي الذي شعرت به النفس تجاه فلذات الأكباد لهو ذروة نبل الحياة الأخلاقية.وإذا ما استعرضنا مواقف ولاة أمر هذه البلاد لوجدنا من الأفعال ما يترجم النهوض بالمسؤولية الاجتماعية تجاه أبناء الشعب الأوفياء، حيث تتجلّى دائما أمامنا مشاهد إنسانية لرعاية ابن شهيد أو صاحب حاجة أو معاق أو أي حالات أخرى ذات خاصية اجتماعية نلمس من خلالها الشعور المرتفع بالمسؤولية الاجتماعية تجاه ابن الوطن، مما يولد لدينا إحساساً عميقاً بالانتماء الاجتماعي للمجتمع لذا فإنّه يقع علينا جميعاً مسؤوليات كبرى تجاه المجتمع تكمن في التزام الفرد تجاه مجتمعه وقضايا المجتمع ابتداءً من البيت الصغير وحتى الوطن ومن الفرد وحتى أبناء المجتمع.
ابن الشهيد إن خان طفولتك وخذلك أعداء الوطن أعداء الحياة البريئة وأعداء الابتسامة الحاقدون على صفاء شعورك الذين قتلوا بداخلك فرحتك بأبيك وأنت تزهو أمامه ذات يوم بعنفوان الطفولة تركل كرتك بقدمك وتقول ها أنذا يا أبي، فلن يخذلك الله سبحانه وتعالى ثم عبدالله وسلطان ونايف، ولن تضيع فأنت في قلوبهم .. هم الأب وهم الأهل وهم العشيرة، فكفكف دموعك يا ابن الشهيد فكلُّنا ذلك الشهيد، وقل معي فلتحيَ يا وطن.