حتى الآن لا أدري تحت أي منطق، يتم نزع ملكية عقارات كاملة وهدمها، وقبل ذلك إخلاؤها من سكانها منذ شهور، دون أن يستلم أصحابها مستحقاتهم المالية؟ وكأن أصحاب العقارات من الأثرياء، بحيث يطمئنون على أموالهم مهما طال بها الزمن لأنهم ليسوا في حاجة ماسة لها، ولأن ما هو عند المسؤولين عن نزع الملكيات لا خوف عليه، فهم الأم والأب في كل مكان على وجه البسيطة، فالمصلحة العامة أصبحت باباً واسعاً، تدخل منه الجهات المسؤولة عن هذا الشأن على المواطن، فتأخذ بيته الذي أواه سنيناً، والذي عبرت عليه وحوله وفي داخله، آلاف الذكريات الجميلة والقبيحة والمؤلمة والسعيدة، ومع ذلك فإن صاحب أي بيت، لا يغادر بيته، إلا والألم يعتصر قلبه، مهما كان بيته صغيراً أو قديماً، فكيف إذا غادر هذا الساكن بيته قبل أن يتقاضى ثمنه، الذي يستطيع به أن يبحث عن بيت آخر، أو يستأجر بيتاً أو شقة، بدلاً من داره، التي أخذت منه للمصلحة العامة!.
لقد نزعت أمانة المدينة المنورة، عشرات المنازل، لصالح توسعة المنطقة المركزية، وقد تركز نزع الملكيات في جنوب المسجد النبوي، وطال منطقتي باب قباء والمراكشية وغيرهما، وهي مناطق حيوية، كان أصحاب المنازل فيها، يؤجرونها في المواسم، وبعضهم فتح فيها محلات تجارية يتعيّش من دخلها، كل هذه الدور أخليت، وذهب السكان، وأصحاب المحلات، دون أن يحصل بعضهم على حقوقه، بل دون أن يعرفوا متى يحصلون عليها، وقبل الهدم بشهور طلبت الصكوك والوكالات الشرعية، وبدأ الهدم منذ أكثر من شهر، وبعض الناس استلموا حقوقهم، لكن غالبيتهم لم يستلموا ريالاً واحداً، وكان المفروض أن يحصل كل مالك على حقه كاملاً، قبل الخروج من منزله، فما دامت الأمانة قد وضعت يدها على العقارات، فمن حق أصحابها أن يأخذوا حقوقهم مقدماً، خاصة وأصحاب هذه الحقوق ليسوا من أصحاب الملايين، بل إن فيهم أرامل وأيتاماً وعجزة، وكل هؤلاء تعز عليهم نفوسهم، وهم يطلبون من بعض أهلهم استضافتهم، حتى يستلموا حقوقهم من أمانة المدينة المنورة، ويشرعون في شراء مساكن تأويهم، وهي مساكن لن تكون أبداً في مستوى أو موقع منازلهم القريبة من المسجد النبوي ومن الأسواق، إنهم سوف ينزحون إلى الإطراف، وسوف تأتي مكانهم في مقبل الأيام فنادق وشوارع ومحلات تجارية، وربما تباع مواقع منازلهم بأضعاف ثمنها!.
لقد تقدم بعض أصحاب المنازل التي نزعت ملكيتها، وهدمت، بشكاوى إلى إمارة المدينة المنورة، وبعضهم تقدم بشكاوى مباشرة إلى أمانة المدينة، ونحن بدورنا نقدم شكوانا نيابة عن من اشتكى ومن لم يشتك، لعل الباب الذي لم يفتح لهم يفتح لنا، فتكون سبباً في عودة حقوقهم المتأخرة. إننا نعرف أن الحقوق لن تضيع، لكننا نعرف أيضاً، أن الحقوق يجب أن تكون في أيدي أصحابها، يداً بيد، وقبل أن يخرج صاحب الدار من داره، فكيف وقد خرج، دون أن يقبض شيئاً من حقه؟.
نقول ذلك ونحن نعرف أن أمانة المدينة هي الخصم، وهي الحكم، وهي وحدها التي بيدها، إن أرادت أن تعطي كل ذي حق حقه، دون إبطاء، وهي وحدها القادرة على حجب حقوق الناس كل هذا الوقت، وهي تعرف أن من أصحاب الحقوق، من لم يطئوا في حياتهم مصلحة حكومية، بل إن فيهم من يركبه الهم، لمجرد تفكيره أو تخطيطه تقديم شكوى، من أجل أخذ حقوقه!
هذه رسالة عاجلة إلى معالي الأخ المهندس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الحصين أمين المدينة المنورة، وهو رجل نظيف اليد والقلب واللسان، لم يعرف عنه تأجيل الحقوق، أو التلذذ بمشاكل الناس وآلامهم، وهو وحده القادر على إزالة كافة العوائق، التي تحول دون صرف حقوق أصحاب هذه المنازل، ومنهم كما أسلفنا الفقراء والأرامل والأيتام، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فاكس 014533173 |