يجب أن لا تمر حادثة انتحار ثلاثة من سجناء جوانتنامو اثنان منهم من السعوديين والثالث يمني دون أن تثار على كل المستويات لمعرفة الحقيقة فيها، فقد مل العالم من تشدق أمريكا الدائم بحقوق الإنسان وملاحقتها للآخرين في كل مكان بدعاوى انتهاك هذه الحقوق، فانتحار ثلاثة أشخاص في سجن عليه حراسة شديدة ومراقبة دائمة تعد علامات استفهام كثيرة:
- إذ كيف يتم انتحار الثلاثة في وقت واحد أو زمن متقارب؟
- وكيف لم تستطع الرقابة الشديدة للسجن اكتشاف هذه المحاولة قبل أن تقع؟
ثم إن صح أن هؤلاء الثلاثة قد انتحروا، فيجب أن يبحث في أسباب هذا الانتحار؟ فالإنسان لا يصل إلى هذه المرحلة، خاصة الإنسان المسلم الذي يعرف أن قتل النفس محرم وعقابه شديد لأن فيه اعتراضاً على مشيئة الله ومهما كانت الظروف المحيطة به فيجب عدم الإقدام عليه، أعود لأذكر أن المسلم لا يمكن أن يقدم على الانتحار وهو يعرف حكم الإسلام فيه إلا إذا كان تحت ضغوط لا يمكن تحملها وتعذيب لا يطاق وإهانة وتحقير وإذلال وإدخال اليأس في أعماقه مما يجعله في وضع نفسي لا يستطيع أن يتحمل معه البقاء.
وكما قرأنا فيما نشر عن هؤلاء الثلاثة وهو ياسر بن طلال الزهراني بأنه يبلغ من العمر تسعة عشر عاماً، وتم اعتقاله وهو في السابعة عشرة من عمره، أي أنه لا يزال في مرحلة قريبة من الطفولة، ومهما كانت الاتهامات التي توجه إلى مثل هذا الشاب الصغير فإن وضعه في اعتقال أو سجن انفرادي وما تتناقله وسائل الإعلام عن وضع سجون جوانتنامو أو وضع السجون الأمريكية في أبوغريب فإن ذلك الشاب لم يتحمل هذا، إن كان هو نفسه انتحر، إذ لم يتحمل هذه الحياة الصعبة.
والجميل في الأمر هذا التفاعل الكبير من الأوساط الشعبية والرسمية مع قضية السعوديين اللذين قيل إنهما انتحرا في سجن جوانتنامو، وتصريح رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية يدلل على أن المسألة ستؤخذ بجدية تامة للتعرف على حقيقة ما جرى في جوانتنامو، وما إذا كان هذا الانتحار له أسباب، أو أن ما جرى كان قتلاً متعمداً وهو أمر غير مستغرب.
ما نتمناه أن لا يخمد الاهتمام بهذه القضية، بل أن تتفاعل على كل المستويات حتى تنكشف الحقيقة وهي مُرة في كل الأحوال سواء إن كان الانتحار هو وسيلة الموت أو كان القتل هو الذي أدى إلى موت الثلاثة.
|