فيما يواصل العدو الإسرائيلي حصد أرواح الفلسطينيين من خلال إطلاق قذائف الموت من البحر والصواريخ من الجو والمدافع من خارج غزة، يسهم الفلسطينيون أنفسهم في زيادة سفك الدماء من خلال الاحتراب الداخلي؛ مما جعل الفلسطينيين المدنيين الأبرياء، الذين يراقبون ما يجري في فلسطين يتساءلون مَن العدو الحقيقي للفلسطينيين ؟!
قوات الاحتلال الإسرائيلي .. أم دكاكين العمل المسلح التي تتبع الفصائل والتشكيلات السياسية التي تركت مواجهة قوات الاحتلال، لتتفرغ لمقاتلة بعضها البعض؟ وأصبحت البندقية الفلسطينية موجهه للإنسان الفلسطيني، فحتى الأجهزة التي أنشئت من أجل حماية الشعب الفلسطيني، أصبحت عبئا ثقيلا على الشعب، فأجهزة الأمن الوقائي، والشرطة والمخابرات تواجه بعضها البعض، ويزداد الأمر سوءا بتشكيل فريق الملثمين لمواجهة الأجهزة الأمنية الرسمية، ومطاردة رموز السلطة السابقة، لتعم الفوضى بعدها الأراضي الفلسطينية فتهاجم المقرات الرسمية، ويقتحم مقر مجلس الوزراء وتهاجم مراكز الأمن في رفح، ويختطف أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني حيث تعرض النواب للضرب المبرح، وكاد أن يقتل بعضهم لولا تدخل عناصر الفرقة 17 المكلفة بحراسة رئيس السلطة التي كان لتدخلها الحاسم دور في وقف مذبحة وقودها ممثلو الشعب الفلسطيني.
الاحتراب الفلسطيني هذا، والفوضى التي تتسع مساحتها ممتدة من قطاع غزة إلى الضفة الغربية تهدد بتدمير الحلم الفلسطيني بأكمله، فالاقتتال الفلسطيني لا يهدد فقط بسفك الدم الفلسطيني بل بتفكيك وتدمير البنى الأساسية للدولة الفلسطينية المرتقبة، فقد أدت الاشتباكات بين أبناء الوطن الواحد الى أن أصبح الفلسطينيون لا يثقون بأجهزتهم الأمنية التي أصبحت تخدم مصالح وتوجيهات الفصائل والتنظيمات السياسية الفلسطينية، فقد أصبح واضحا أن الأجهزة الأمنية من الأمن الوقائي والشرطة وحتى المخابرات الفلسطينية تعمل لمصلحة حركة فتح، أما الأجهزة المرتبطة بوزارة الداخلية فتحاول مع التشكيلات التي أنشأها وزير الداخلية من المسلحين الملثمين خدمة مصالح حركة حماس التي وصلت إلى السلطة، إلا أن الوصول للسلطة شيء وممارسة الحكم شيء آخر، حيث ظلت الأجهزة الأمنية - حتى الآن - ترفض الخضوع لسلطة وزير الداخلية الحمساوي.
هذا المشهد السريالي يجعل الفلسطينيين ومحبي فلسطين قلقين جدا على ما يجري على ساحة الفلسطينيين التي ابتليت بجرائم العدو الإسرائيلي المتواصلة.. فبعد مجزرة بحر غزة شهدت المدينة جرائم أخرى تسببت في سقوط أكثر من عشرين شهيدا في غضون ثلاثة أيام. الفلسطينيون يسقطون شهداء برصاص الإسرائيليين ويقتلون برصاص الفلسطينيين أيضاً، فهل يتجرأ من يقتلونهم من مسلحي السلطة أو رجال الأمن تسميتهم شهداء ليكون القتلة في خانة أعداء الشعب الفلسطيني ؟!
|