Wednesday 14th June,200612312العددالاربعاء 18 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

مضاربات لحظية.. جني أرباح يومي.. ربط القياديات.. مسار أفقي للمؤشر !! مضاربات لحظية.. جني أرباح يومي.. ربط القياديات.. مسار أفقي للمؤشر !!
مَنْ يقود سوق الأسهم.. نظريات التحليل الفني أم نظريات المضاربين؟

* د. حسن أمين الشقطي :
مَنْ يقود سوق الأسهم.. نظريات التحليل الفني أم نظريات المضاربين؟
منذ الاستقرار النسبي للسوق فوق مستوى الـ 10000 نقطة، والسوق تشهد حالة من الجدل الكبير حول النظريات التي تحكم تحركاتها، بل بدا واضحا أن هناك نوعا من التنافس بين المحللين الماليين والمحللين الفنيين، كل منهما يزعم أن نظرياته هي التي يخضع لها المؤشر في حركته. بل حتى بين المحللين الفنيين أنفسهم بات ملحوظا تداخل وتباين وجهات النظر حول تفسير أو توقع حركة المؤشر.
وبعيدا عن هذا الجدل نلاحظ أن المؤشر يتصف بسمات جديدة تثير جدل وتساؤلات أكثر من تلك المثارة حول أداء المحللين أنفسهم بتصنيفاتهم المختلفة. فمضاربات سريعة وتحركات غير متوقعة، وجنى أرباح يطول ويقصر بدون أسباب منطقية، بل كثر مشاهدة حدوثه يوميا، وربط وتقييد لحركة الأسهم القيادية، بعضها يتحرك لدقائق معدودة، وفجأة يتوقف.
أكثر من ذلك، المؤشر أضحى يتخذ مسارا أفقيا، حتى أن حصيلة تحركات المؤشر للعديد من الأيام تعادل الصفر.
وهنا تثار العديد من التساؤلات
هل بالفعل تتحرك الأسعار السوقية للأسهم حسب المعلومات والأخبار الجديدة لشركاتها؟ ما درجة نجاح نظريات التحليل الفني في تفسير حركة المؤشر ليس خلال فترة النزول الحاد، ولكن خلال فترة الاستقرار ؟ وإذا لم تكن النظريات الفنية المتعارف عليها تفسر بشكل معنوي حركة المؤشر، فما النظرية التي تحكم تحركات المؤشر وتستطيع تفسير التغيرات التي تطرأ عليه؟ بالتحديد، نتساءل حول هل يوجد لدى المضاربين أو صناع السوق الرئيسيين نظريات خاصة لا يعرفها العامة ؟ وهل تغير مفهوم صناع السوق ؟ هل تقلص عددهم أم أن صانع سوق رئيسي بات هو المسيطر؟
ضعف ولحظية استجابة المستثمرين للمعلومات الجديدة عن الشركات
يوجد الكثير من الشواهد التي تؤكد أن استجابة المستثمرين للمعلومات والأخبار الجديدة عن شركات الأسهم المدرجة أصبحت ضعيفة للغاية، بل وتتسم باللحظية، حيث بمجرد صدور خبر عن شركة جديدة، نلاحظ تحركات ملموسة في السعر السوقي لهذه الشركة، ولكن بقدر سرعته، بقدر ما ينتهي سريعا. بمعنى أنه يحدث تغير لحظي سريع في سعر السهم يمتص المعلومة داخل نطاق في العادة لا يتجاوز يوم التداول الواحد.
والغريب في الأمر أن هذه الزيادة في سعر السهم ربما يتم سحبها في اليوم الثاني من خلال جني أرباح سريع على هذا السهم. ولنأخذ سهم الاتصالات كمثال، حيث أعلن خبران عن شركة الاتصالات خلال الأسبوع الأخير. فبداية في يوم 8 يونيه أعلنت شركة الاتصالات عن إطلاق خدمة الجيل الثالث عالي السرعة كأول مزود للخدمة في المملكة العربية السعودية، ثم في يوم 11 يونيه أصدرت الشركة بيان عن خبر استبعاد عرضها في مرحلة التقييم الفني للحصول على الرخصة الثالثة لشبكة الهاتف المحمول في مصر. ما تأثير هذه المعلومات الجديدة على سعر السهم ؟ وما درجة استجابته لهذه المعلومات الجديدة؟
يوضح أن كل خبر جديد يستهلك في مدى مقداره يوم تداول واحد، ثم في اليوم التالي يتم جني أرباح سريعة ويفوق قيمة الزيادة في السعر السوقي نتيجة الخبر الجديد. بمعنى أن الخبر الجديد على مدى يومين لا يكون له أي تأثير.
بل انه في أحيان كثيرة تصدر أخبار جديدة، بعضها يتصف بقدر كبير من الأهمية، وقد لا تجد استجابة تذكر في سعر السهم.
على سبيل المثال الخبر الجديد عن البنك السعودي للاستثمار الذي صدر في يوم 11 يونيه، حيث أعلنت وكالة فيتش (أحد أهم وكالات التقييم العالمية) عن منح البنك درجة (- A) على الأمد طويل الأجل و (F 2) على الأمد قصير الأجل. فرغم أهمية الخبر ، إلا إنه يبدو أن للمضاربين معايير ونظريات أخرى تحكمهم في عدم تحركهم لتحريك السعر السوقي لهذا السهم، ولو حتى بنسبة بسيطة، حيث أغلق السهم على تغير (صفر%).
ما درجة نجاح نظريات التحليل الفني في تفسير تحركات الأسهم والسوق ككل ؟
يدافع كثير من المحللين الفنيين عن أداء ونجاح نظريات التحليل الفني، باعتبارها الأساس في التنبؤ بحركة الأسهم والسوق ككل.
وهنا نتساءل حول مدى قدرة هذه النظريات على تفسير النزول الحاد للمؤشر العام خلال فترة ال (83) يوما من 25 فبراير وحتى 18 مايو من هذا العام. بالطبع لا يوجد خلاف حول فشل كل نظريات التحليل الفني في تفسير أسباب النزول أو حتى توقع استمراره لتلك الفترة الطويلة. وللأسف كل ما صدر من تحليلات فنية باستخدام نظريات فنية متعارف عليها، كان يتم باستخدام أسلوب الإسقاط، أي استخدام النظرية ليس لتوقع مسار المؤشر والسوق، ولكن لتفسير ما حدث في الماضي من خلال إسقاط مؤشرات تنطبق على حالة السوق. ولكن حتى هذه المسببات كان يثبت فشلها من آن لآخر، عندما لا تنطبق نفس المؤشرات التي انطبقت خلال فترة معينة على الفترة التالية. فالجميع توقع النزول لمستوى دعم 17500 نقطة، يليه الارتداد الحقيقي، ثم أعطوا إشارات بتغير نقطة الدعم إلى 14900 نقطة فالارتداد، ولكنها انكسرت أيضا، حتى وصلوا في النهاية لمستوى دعم 8600 نقطة. بالتحديد، فشلت كل التنبؤات وتحرك المؤشر في مسارات مختلفة تماما عما صدر من تحليلات.
حتى بعد الاستقرار النسبي للمؤشر، هل أصبحت نظريات التحليل الفني تمتلك القدرة على تفسير حركة المؤشر في ظل انتهاء التصحيح القاسي ؟
يبدو أن قدرة تفسير هذه النظريات لحركة المؤشر خلال الفترة الحالية لا تتعدى نسبة الـ 20% فقط، أما نسبة الـ 80% من حركة المؤشر اليوم، فتخضع لنظريات أخرى قد تكون نظريات المضاربين، وهي نظريات غير متعارف عليها، ولكنها معتادة ومعروفة في بيئة المضاربة. إلا انها ليست للعامة، فهي قاصرة على ترتيبات ربما غير صريحة فيما بين صناع السوق. ويوجد هناك الكثير من الدلائل على صياغة صناع السوق الرئيسيين لنظريات خاصة بهم بشكل يومي. لذلك، نستطيع القول بأن نظريات التحليل الفني تفسر حركة المؤشر في الماضي، ولكنها لا تتمكن من تحديد مساره في المستقبل لا القريب ولا البعيد، سوى بنسبة 20% فقط.
أما على مستوى الأسهم وفي ظل معرفة الاستجابة الضعيفة واللحظية لدى المستثمرين للأخبار والمعلومات الجديدة عن الشركات، يتضح أن نظريات التحليل الفني يمكنها أن تفسر حركة التداولات على سهم معين في الماضي والحاضر، ولكنها لا تستطيع التنبؤ بحركته على مدى فترة أو حتى يوم مقبل. مما سبق يمكن القول إن نظريات التحليل الفني يقتصر نجاحها في السوق السعودية على تفسير حركة التداولات سواء للمؤشر أو للأسهم، إلا إنها قاصرة تماما في التنبؤ بحركة أي منهما.
الجدل حول أسباب المسار الأفقي للمؤشر
من الأمور المستغربة في السوق هذه الأيام التحركات الأفقية الملحوظة للمؤشر، حيث إنه على مدى الأيام العشرة الماضية تحرك المؤشر صعودا وهبوطا، ولكن حصيلة التغير صفر تقريبا. لذلك، فإن هذا المسار يعرف بالمسار الصفري أحيانا.
البعض يشير إلى أن المسار الصفري ناجم عن وقوع المؤشر في فترة ترقب. ومن ثم، فإن حركته تتسم بالتذبذب الضيق، فلا صعود ولا هبوط، ولكن تحركات داخل نطاق تعاملات ضيق ومحدد. هذا التفسير بوجود المؤشر داخل حدود الترقب والانتظار لقرارات جديدة، تتمثل في تخفيض العمولة، وترقب الإعلان عن نتائج أرباح الربع الثاني للشركات، يميل إلى تفسير السوق بحالة الركود الذي يسبق العاصفة نتيجة الإعلان عن أرباح الشركات. إلا إننا في المقابل نشهد ما يدحض هذا التفسير من انتعاش حركة المضاربات، بل واشتداد حدتها نتيجة ازدياد عمليات التدوير. فكيف ركود وانتعاش في الوقت ذاته ؟!
المسار الصفري الغريب للأسهم القيادية
أصبحنا نلاحظ أن أي ارتفاع في سعر سهم معين يعقبه جنى أرباح سريع، قد لا ينتظر إلا فترة تداول واحدة. وقد تتكرر هذه الحركة على مدى يوم أو يومين. بمعنى أن ارتفاع سعر السهم بمقدار ريالين، يعقبه جنى أرباح للريالين، ومن ثم ينطبق المسار الصفري ليس على المؤشر فحسب، ولكن على أسعار الأسهم، وبخاصة القيادية منها.
فسهم سابك على سبيل المثال، على مدى الشهر الماضي لم يحقق تغيرا يمكن ذكره، حيث بدأ يوم 14 مايو بسعر 161 ريالا، وأغلق في 12 يونيه على 163.25 ريال. أي أننا لا نجد فرقا يمكن الاهتمام به، بل يمكن القول بأن السهم اتخذ المسار الصفري خلال الشهر الماضي بالكامل.
فهل نظريات التحليل الفني تنبأت بذلك المسار الصفري؟، وهل لديها تفسيرات له ؟ بالطبع لا يوجد أي تفسيرات منطقية تتفق مع نظريات التحليل الفني.
من هنا، يتضح أن نظريات التحليل الفني لا تزال قاصرة في أدائها في السوق السعودية، بل أنه لا يمكن الاعتماد عليها في التنبؤ لا بمسار المؤشر، ولا حتى بمسارات الأسهم منفردة، ولكن فائدتها الجوهرية تتمثل في تفسير الماضي وبنسبة ضعيفة الحاضر بشكل جيد. لذلك، ينبغي للمدافعين عن نظريات التحليل الفني تحري اشتراطات انطباق تلك النظريات قبل الخوض في تفاصيلها، فهل السوق اليوم تمتلك وتتوافر بها هذه الاشتراطات اللازمة لضمان كفاءة تفسير وجودة تنبؤات هذه النظريات للمؤشر والأسهم المدرجة؟ بل ونتساءل هل لا تزال هناك أسهم قيادية تقود المؤشر، أم أن صناع السوق هم من يقودونه بأنفسهم ؟ وإذا كان هؤلاء الصناع يقودون المؤشر، فهل ننتظر أداء كفؤا وفعالا ويعول عليه لنظريات التحليل الفني ؟!

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved