Wednesday 14th June,200612312العددالاربعاء 18 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"ملحق حائل"

حاتم الطائي وموطن الكرم حاتم الطائي وموطن الكرم

عندما تعقد العزم للمسير الى موطن حاتم الطائي فإنه ليس من البعيد معرفة موطنه ودياره فهو من شغل التاريخ بدراسة حياته وكرمه، وذاع صيته بين القبائل العربية منذ أكثر من 1400 عام، وما زال يضرب به المثل في الجود والكرم وتدرس سيرته في كثير من مراكز التعليم ويستدل به على كرم العربي في الشرق والغرب.
يذكر التاريخ أن حاتم الطائي عاش في منطقة تسمى (توارن) التي تبعد حوالي خمسين كيلومترا عن مدينة حائل، والوصول إليها يكون عبر طريق بري وسط جبال أجا، ولعل شهرة المنطقة بحاتم الطائي جعلت منها منطقة ذات حياة مستمرة وطبيعية رغم موقعها في منطقة جبلية داخلية وفي طريقك الى المكان الذي عاش ومات فيه حاتم تستوقفك قصور قديمة قيل إنها لشخصيات تاريخية عاشت في تلك المنطقة بعد عهد حاتم وما زال كثير من المزارع قائم في تلك المنطقة يقوم عليها أناس ينتمون إليها ويعتزون بانتسابهم إليها والتي أنتجت الكرم والجود.
ونقل التاريخ التعريف بحاتم الطائي بأنه حاتم بن عبدالله بن سعد بن الحشرج الطائي القحطاني (أبوعدي) فارس وشاعر وجواد جاهلي يضرب المثل بجوده وكرمه نقلت عنه روايات متعددة في صفته تلك، فقد نزل به قوم فقالوا له:
يا فتى هل من قرى؟ فأجاب: تسألون عن القرى وقد ترون الإبل؟
فاحتفى بهم وبالغ في إكرامهم، فقالوا فيه أشعاراً امتدحوه بها وذكروا جوده.
تباينت الآراء حول مولده ووفاته قيل انه ولد في المئة السادسة للميلاد وتوفي في العشر سنوات الأولى من القرن السابع الميلادي ودفن في عوارض جبل في بلاد طئ وأنه أدرك مولد النبي صلى الله عليه وسلم ومات قبل بعثته.
ويكنى حاتم الطائي بأبي عدي، وأكثر ما يكني بأبي سفانة.
كان من أهل نجد وزار الشام وتزوج ماويه بنت حجر الغسانية وأنجب منها ولداً اسمه عدي، مات أبوه وهو صغير وتولاه جده سعد بن الحشرج وعندما رأى من حفيده الإفراط في الكرم والجود طرده وأخرجه من رعايته وقال حاتم في ذلك شعرا يشرح فيه موقفه من كرمه وتحول أبوه عنه وما صنع بالإبل:


ولي نيقة في المجد والبذل لم يكن
تأنقها فيمن مضى أحد قبلي
وأجعل مالي دون عرضي جنة
لنفسي فأستغني بما كان من فضل
وأجعل نفسي للعشيرة جنة
وأحمل عنهم كل ما ضاع من ثقل
وما سرني أن سار سعد بأهله
وأفردني في الدار ليس معي أهلي
وللبخلة الأولى لمن كان باخلا
أعف وللإعطاء خير من البخل

ومثل تلك الأبيات كثير في شرح موقفه من كرمه وجوده وأنه صنع ذلك بطوعه ونفسه الراضية، فقد نقل التاريخ أن حاتم وفد على النعمان بن المنذر فأكرمه وأدناه ثم زوده عند انصرافه حملين ذهبا وورقا، فلما أشرف على أهله تلقته أعاريب طيئ فقالت:
(يا حاتم أتيت من عند الملك بالغنى ونحن فقراء فقال: هلموا فخذوا ما بين يدي فتوزعوه فوثب القوم فانتهبوا ما معه ولم يتركوا له شيئاً).
وفي جزء من منطقة توارن توجد (الوقده) وهو المكان الذي كان يوقد حاتم النار فيه ليستدل الضيف على مكانه كي يتسنى له إكرامه وتلبية حاجته يقول حاتم الطائي وقائلة:


أهلكت في الجود مالنا
ونفسك حتى ضر نفسك جودها
فقلت دعيني إنما تلك عادة
لكل كريم عادة يستعيدها

وتقع الموقدة في أعلى قمة الجبل التي بنيت على مساحة واسعة ولها أركان عالية تحفها من زواياها المختلفة، ولموقعها المرتفع فهي تطل على المنطقة الجبلية المحيطة بها.
ولعل الموقدة تعرضت لبعض الترميم الذي جعلها متماسكة حتى وقتنا الحاضر علما بارزا في منطقة (توارن).
يذكر أن حاتم الطائي كان طويل القامة ولعل ذلك كان سائدا في قومه في ذلك العصر حتى إنه دفن في جبل عوارض في بلاد طي وشق له قبر طويل ما يدل على طول قامته، وبقي قبر حاتم معروفاً لدى الكثيرين من أهل المنطقة والمؤرخين والباحثين.
وقيل إن حاتم الطائي أوصى عند موته فقال: (إني أعهدكم من نفسي بثلاث ما خنت جارة لي قط عن نفسها ولا أؤتمت على أمانة إلا قضيتها ولا أتى أحد من قبلي بسوء).
ومما قاله حاتم أيضاً:


هل الدهر إلا اليوم أو أمس أو غد
كذاك الزمان بيننا يتردد
يرد علينا ليلة بعد يومها
فلا نحن ما نبقى ولا الدهر ينفد
لنا أجل إما تناهي إمامه
فنحن على آثاره نتورد
فأقسمت لا أمشي إلى سر جارة
مدى الدهر ما دام الحمام يغرد
ولا أشتري مالا بغدر علمته
ألا كل مال خالط الغدر أنكد
إذا كان بعض المال ربا لأهله
فإني بحمد الله مالي معبد

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved