Wednesday 14th June,200612312العددالاربعاء 18 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

أنت أنت
الكلمات المحرمة
عبد المحسن بن عبد الله الماضي

في المجتمعات عامة هناك كلمات مخبأة نتيجة أنها مقززة أو قذرة أو عنصرية أو إلحادية أو غير أخلاقية.. وهي تختلف من مجتمع إلى آخر.. ومن بيئة إلى أخرى.. والذي أثار هذا الموضوع عنوان صحفي ورد في أعلى الصفحة الأولى من هذه الجريدة مرتبط بخبر من الصين يوجه السياح الصينيين بعدم (البصق) في الأماكن العامة التي يسوحون فيها؛ لأن ذلك مرفوض في كثير من بلدان العالم.
هذه الكلمة الممنوعة.. أمكن نشرها في جريدة (الجزيرة) لموقعها في الخبر.. وهذا سوف يلقى قبولاً من أغلب الناس دون تذمر ولا حرج.
ولو أردنا أن نبحث عن كلمة أخرى من الكلمات المستبعدة من المفردات الملفوظة أو المكتوبة في القاموس الإنساني المتحضر لوجدنا واحدة منها وردت في كلمة للرئيس الأمريكي الأسبق (لندون جانسن) في دفاعه عن نفسه لاحتوائه بعض المعارضين.. حيث قال: (من الأفضل أن يقف ذلك المعارض في خيمتي ويبول إلى الخارج من أن يقف في الخارج ويبول في خيمتي).. والمعنى هنا لا يحتاج إلى شرح؛ فهو وصف متكامل لمعنى يجعل من هذه الكلمة مباحة القول والنشر والتداول كحكمة لزعيم عالمي.
أما في تاريخنا العربي فقد ورد أن شاعر الرسول - صلى الله عليه وسلم - حسان بن ثابت أجاب الفاروق عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - حينما سأله: هل سبّ الحطيئة الزبرقان في قوله: (دع المكارم لا ترحل لبغيتها.. واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي).. فأجابه حسان: (بل سلح عليه).. وهذه الكلمة لمن لا يعرف معناها لا يمكن نشره في هذه الجريدة.. رغم أنها قول من صحابي إلى صحابي آخر.
ومن الكلمات التي لم يُكْتف بإغفالها بل تم إقصاؤها من قواعد اللغة العربية بشكل متعسف هي أحد الأسماء الستة؛ فالحقيقة التي يجهلها كثير منا أن الأسماء في اللغة العربية ستة لا خمسة.. أما السادس الذي تم إلغاؤه فهو اسم (هنو).. وقد ورد في حديث للمصطفى - صلى الله عليه وسلم - حينما قال (عضوه بهني أبيه ولا تكنوا).. والهنو هو ذكر الرجل.
أيضاً تم في قواعد اللغة العربية اقتصار همزة الوصل في الأسماء على سبعة أسماء فقط من عشرة.. اثنان منها لانقطاعهما من اللغة العربية، أما الثالث فلأنه اسم لعضو المرأة التناسلي حذف تأدباً.
الكلمات التي تغفلها المجتمعات نتيجة لمعناها المنافي للذائقة العامة أو العقل الجمعي للمجتمع.. أو التي منعت نتيجة للتسلط الدكتاتوري السياسي أو الفكري.. كما فعل النازيون والشيوعيون والبعثيون في العصر الحديث حينما ألغيت من قواميس مجتمعاتهم الكلمات المحرمة حزبياً من التداول.. هي كلمات إنسانية في أصلها.. وهي تسميات لأشياء إنسانية لا بديل لها ولا مقابل.. وإشاحة اللسان بعيداً عن التلفظ بها.. أو غض البصر عنها.. أو التورد خجلاً منها.. كلها صفات إنسانية مقبولة ولا خلاف عليها.. لكن الخلاف والاعتراض هو على تحريم كلمات إنسانية وفق منظور حزبي أو فئوي ضيق.
واليوم يمكن معرفة وتحديد الكلمات المحرمة في قاموس كل مجتمع إما نتيجة ثقافة ذلك المجتمع ومفاهيمه أو التي حُرمت نتيجة حكم أو فكر شمولي.. ولو أردنا تحديد الكلمات والمصطلحات التي تألب المجتمع السعودي ضدها.. وجعلها صنواً للمخالف للدين؛ وبالتالي صارت من الكلمات المرفوضة بعد أن كانت ممنوعة إلى وقت قريب، فإن أشهرها: الدستور والديمقراطية والتنوير والليبرالية والعلمانية والمساواة والمجتمع المدني والدولة المدنية.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved