Thursday 22nd June,200612320العددالخميس 26 ,جمادى الأول 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"دوليات"

تسمح لطهران بالتخصيب مقابل تنازلات سياسية مبدئية وعميقة تسمح لطهران بالتخصيب مقابل تنازلات سياسية مبدئية وعميقة
بوادر صفقة أمريكية إيرانية كبيرة يجري التحضير لها سرا

* موسكو - د. سعيد طانيوس:
بدأت الدبلوماسية الروسية تشتم رائحة صفقة أمريكية إيرانية شاملة، تشمل من ضمن ما تشمل الملف النووي الإيراني وموقف طهران من الحركات المقاومة في الشرق الاوسط، التي تنعتها الادارة الأمريكية ب(الارهابية)، بالاضافة طبعا إلى مسألة الأمن في الخليج عامة, والوضع في كل من افغانستان والعراق اللذين يشعر البيت الابيض بخطورة استمرار الغرق في مستنقعاتهما الكثيرة والمتوسعة والمتعمقة باستمرار.
يقول مصدر دبلوماسي روسي رفيع إنه يجري التفاوض حول هذه الصفقة في غرف مغلقة وبسرية مطلقة وبمشاركة أوروبية وأطلسية عالية إلا أن نجاح هذه الصفقة المتكاملة لم تلح بوادره بعد لأن على الإيرانيين والأمريكيين معا ان يقدما تنازلات غير قليلة وغير سهلة من أجل التوصل إلى (تسوية) معقولة بين طهران وواشنطن لا تثير حساسيات لدى الدول الأخرى، ولا تستدعي استهجان مواطني البلدين.
ويصف هذا الدبلوماسي الفترة الراهنة بأنها فترة انتظار صعب ومرحلة حساسة جدا ستنتهي إما بمصالحة تاريخية بين الخصمين اللدودين، وإما بحرب شاملة بينهما تبدأ بعقوبات في مجلس الأمن الدولي وتتدرج إلى ضربات جوية أمريكية لمواقع وأهداف في إيران، قد لا تكون كلها نووية حصرا!.
ويعتبر هذا الدبلوماسي أن أمر الصفقات بين واشنطن وطهران ليس بجديد وليس بمستغرب؛ إذ إن البلدين أبرما صفقة التسلح التي عرفت ب(ايران غيت) لاحقا حتى في عز احتدام الخصومة بينهما خلال الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي, وان المهلة الطويلة نسبيا التي يتعين خلالها على طهران أن تدرس مجموعة المقترحات التي قدمها (السداسي) لإقناع إيران بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم، والتي حددت ببضعة أسابيع مفتوحة، تعطي الانطباع بأنها ليست فترة تأمل وتفكير لنظام الملالي في إيران في هذه المقترحات الواضحة والمحددة، بقدر ما هي فترة معقولة لترتيب أمر الصفقة العتيدة مع القيادة الإيرانية, وإعطاء الفرصة لهذه القيادة لمباشرة الإعلان عن تنازلاتها تدريجيا وليس على نحو واحد ومفاجئ كما حصل اثناء الصفقة المعهودة مع ليبيا؛ لأن طهران ليست طرابلس الغرب، ولأن الرئيس محمود احمدي نجاد والمرشد على خامنئي لا يشبهان ابدا العقيد معمر القذافي.
وقد وصفت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس التي تعتبر المنظر الرئيسي لفكرة (الحوافز والعقوبات في رزمة واحدة) الوضع قائلة: لقد حانت ساعة الحقيقة بالنسبة للإيرانيين حيث يقفون الآن أمام خيار حرج. وإذا رفضوا هذه المقترحات فسنجد أنفسنا مضطرين إلى السير على نهج آخر).
ويبدو أن إيران قد أدركت التحدي حيث صرح سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، بعد محادثته مع الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا: من الضروري بالنسبة لنا أن ندرس المقترحات بعناية، وبعد ذلك سندخل في محادثات من أجل التوصل إلى نتيجة معقولة.
ومما لا شك فيه أن مهمة سولانا في طهران لم تقتصر على تسليم المقترحات إلى الجانب الإيراني، بل كان عليه أن يفهم القيادة الإيرانية أن طهران ستجد نفسها في عزلة دولية وأمام خيارات صعبة قد تصل إلى الحرب إذا ما رفضت المبادرات الأخيرة المعروضة عليها. ويبدو أن هناك تناقضا ظهر حول المشكلة النووية الإيرانية.
ويرى الخبير الروسي الكسي ارباتوف أن كل طرف من طرفي النزاع حول الملف النووي الإيراني محق في تفكيره, في حين ينزلق الوضع شيئا فشيئا إلى حافة المواجهة العسكرية.
أسرار الصفقة وشروطها
وفي الوقت الذي اشتد فيه النقاش حول (رزمة العصا والجزرة) التي كانت سرية في وقتها، ذكر خبير معهد بروكينغز في واشنطن, فلينت لافيريت، الذي زار موسكو في تلك الأيام بما أشيع عن (الصفقة الكبيرة) التي اعتبرت اقتراحا رسميا مقدما من إيران للولايات المتحدة في عام 2003م.
وقد تضمن هذا الاقتراح النقاط التالية:
أولا: موافقة إيران على إستراتيجية وجود دولتي إسرائيل وفلسطين.
ثانيا: تخلي طهران عن دعم المنظمات التي يعتبرها البيت الأبيض إرهابية.
ثالث: تعاون إيران والولايات المتحدة في العراق وأفغانستان.
رابعا: التعاون في مجال محاربة تنظيم (القاعدة).
وأخيرا، توقيع إيران معاهدة شاملة للأمن مع بلدان الخليج، تتضمن أيضا رفض ظهور أسلحة نووية في المنطقة.
وطلبت إيران من الولايات المتحدة لقاء ذلك اعترافا دبلوماسيا كاملا، ورفع العقوبات أحادية الجانب، والتخلي عن خطط تغيير النظام الإيراني.
ويبدو أن الرئيس الإيراني الحالي محمود أحمدي نجاد سيضيف إلى مقترحات عام 2003 حق إيران في تطوير تكنولوجيات الطاقة الذرية وتخصيب اليورانيوم.
ويتميز هذا الأمر بأهمية مبدئية بالنسبة لإيران على الرغم من أن المسألة لا تنحصر في القنبلة النووية.
وقد ذكر وزير الخارجية الألماني السابق يوشكا فيشير في مقال نشرت ترجمته صحيفة (ازفيستيا) الروسية قبل أيام: (أساس المشكلة الإيرانية يستند إلى سعي النظام الإيراني إلى إكساب إيران صفة الدولة الإسلامية والقوة الإقليمية الرئيسية في المنطقة، ووضع نفسه في نفس المستوى مع أقوى دول العالم).
ومن المرجح أن (الصفقة) ستتم في هذه المرة.
وإذا أصبح ذلك (ساعة الحقيقة) بالنسبة لإيران فإنه سيكون بالنسبة للبيت الأبيض نضوجا متأخرا لإدراك كيفية التعامل مع هذا البلد.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved