* القاهرة - مكتب الجزيرة - محيي الدين سعيد:
استمرار المسلسل الصراعات والأزمات الحادة التي تعيشها الحياة الحزبية المصرية يشهد الحزب العربي الناصري المعارض أزمة ساخنة تهدد بالإطاحة باستقراره الظاهري وإلحاقه بقطار الأحزاب التي عصفت بها الخلافات الداخلية ومنها أحزاب الغد والوفد والأحرار وتأتي أزمة الناصري على خلفية إعلان عدد من قياداته استياءهم مما وصفوه بالأوضاع السيئة داخل الحزب وهجومهم على ما يعتبرونه بإمساك رجل الحزب القوي وأمنية العام أحمد حسن بكل مقاليد الأمور وبخاصة الإدارية والمالية وتغييبه قيادات الحزب وفي مقدمتهم رئيس الحزب ضياء الدين داوود.
وبدأت بوادر الأزمة داخل الحزب الناصري في الظهور في أعقاب انتهاء الانتخابات البرلمانية الأخيرة وخروجه منها صفر اليدين وخسارة جميع مرشحيه -بما فيهم داوود نفسه- في هذه الانتخابات حيث تداعت قيادات الحزب إلى عقد عدة اجتماعات لتقييم أداء الحزب واتخاذ قرارات بشأن تطوير هياكل وأدواته ورغم اتخاذ هذه الاجتماعات عدة قرارات في هذا الشأن تناولت تطوير اللجان الفرعية للحزب وضم قيادات شبابية إليها والمطالبة بربط خطاب جريدة الحزب الأسبوعية العربي بالحزب وأنشطته إلا أن هذه المقررات لم تشهد مردودا عمليا لها على أرض الواقع وبدا واضحا تأثير خلافات سابقة بين قيادات الحزب على تنفيذها وهي الخلافات التي نشأت على خلفية رفض كل القيادات ترشيح أحمد حسن أمين عام الحزب نفسه في انتخابات الرئاسة الأخيرة وهي الانتخابات التي أعلن الحزب عن تقاطعها سواء بالتصويت أو الترشيح.
وبدأ عدد من قيادات الحزب وفي مقدمتهم محمد أبوالعلا نائب رئيس الحزب في إعلان انتقادهم لممارسات حسن داخل الحزب متهمين بالسعي إلى تحجيم أدوارهم لإخلاء الطريق لنفسه أمام القفز على مقعد رئيس الحزب الذي أعلن داوود أنه لن يرشح نفسه له مرة أخرى وأعلن أبوالعلا أنه سيرشح نفسه على مقعد رئيس الحزب، فيما اعتبر اصطدام بطموحات حسن الكبيرة ورغم إعلان قيادات الحزب عن إنهاء هذه الأزمة في مهدها إلا أن الأيام الأخيرة شهدت تفجيرا جديدا لها بإعلان أحمد ياسين نصار أحد أبرز قيادات الحزب والأمين العام بمحافظة أسيوط بصعيد مصر استقالته من الحزب احتجاجا على انفراد أحمد حسن بقيادة الحزب وتسيير أموره وتغييب الحزب عن مناسبات مهمة شهدها الشارع السياسي المصري مؤخرا وفي مقدمتها أزمتا القضاة والصحفيين.
واتهم نصار حسن بالاتصال بالأجهزة الأمنية وببعض أجنحة الحزب الحاكم والاتفاق معهم على تهدئة خطاب الحزب مقابل دعمه رئيسا له وبخاصة أن الحزب كان صاحب إطلاق شرارة رفض توريث الحكم في مصر ومقاطعة الانتخابات الرئاسية إلى جانب موقفه المتشدد في رفض السياسات الاقتصادية والحكومية.
كان الحزب الناصري الذي نشأ بحكم قضائي في إبريل 1992 قد شهد موجات من هجران قيادات عديدة له وخروجهم عليه وفي مقدمتهم حمدين صباحي عضو مجلس الشعب ووكيل مؤسسي حزب الكرامة تحت التأسيس والسفير وفاء حجازي مساعد وزير الخارجية السابق والدكتور حسام عيسى الخبير الاقتصادي المعروف.
من جانبه اعترف أحمد عبدالحفيظ عضو المكتب السياسي للحزب الناصري بوجود خلافات داخل الحزب لكنه أكد أن هذه الخلافات طبيعية وأنها تتعلق ببعض الأمور التنظيمية وكيفية إدارة انتخابات الرئاسة المقبلة داخل الحزب، مشيراً إلى وجود طموح لدى عدد من قيادات الحزب للترشيح في هذه الانتخابات في ظل تأكيد الرئيس الحالي داوود عدم خوضها.
وأكد عبدالحفيظ أن استقالة أمين الحزب بأسيوط ليست جديدة وأنه قدم فيها مبررات استقالته من موقعه كأمين للمحافظة لكنه استمر في حضور أنشطة الحزب وقال عبدالحفيظ إنه يجب الاعتراف بأن كل أحزاب المعارضة المصرية تمر بظروف صعبة للغاية وأن عدداً كبيراً منها يشهد مرحلة انتقال من أجيال مؤسسها لأجيال أخرى تالية، ومن الطبيعي أن تكون هناك خلافات وصراعات أيضاً في كل هذه المراحل.
|