علمتني أذكرُ أن لا ألقي في طريقي للمدرسة قصاصة ورقية...
مهما صغرت من نافذة العربة....
كنتِ تواصلين الأسباب:
إنَّها تجرح الطريق...!!
وكثيراً ما كان يمضي بي الطريق إلى المدرسة وأنا أتأمّله...
مساحة مساحة..
ومسافة وأخرى..
وأنا أبحث فيه بعينيَّ جلدا له...
وعروقا فيه...
بداخلها دماء يمكن أن تجرحها الورقة...!!
وأصلُ أذكرُ للمدرسة...
وفي داخلي رغبة في أن أجلس إليك...
بوعد لنفسي ألا أقوم عن حضورك إلا بعد أن تحلي لي لغز الجسد للطريق....
وعندما كبرتُ قليلاً تحوّل الطريقُ
إلى المدينة...
فالوطن...
حتى كنتِ تؤكدين لي أنَّ الأشجار تحادثكِ عني،...
والعصفور يخبرك بأفعالي،...
وهناك جملة من الهواء...
وأخرى من الضوء...
وثالثة من الرِّيح...
لا تترككِ بعيدة عنِّي منذ أغادركِ في الصباح وحتى أعود لحضنك في المساء...
يا نوَّارتي...
كنت نسَّاجة باهرةً...
صنعتِ من دخيلتي خيمة للشَّارع....
فالمدينة....
فالوطن...
كنتِ تربطين كلَّ ذلك بعين الله تعالى...
إذ في حضورها وهو الدّائم....
لا ينبغي أن أتحدث خارج سور البيت بصوت مرتفع....
لأنَّ الجار في بيته...
ولأنَّ المار في همِّه...
ولأنَّ العابرين في حاجاتهم...
ولا ينبغي أن يجرح الصَّوتُ جسدَ الهدوء...
ولا الانتباه.. ولا القيلولة... أو الساعات الخاصَّة بالآخر...
كبرنا بكِ...
وبكِ كبر الوطن...
والناس أصبحوا أصابع الشطرنج التي تحرك مسار الصوت...
والنَّظر... واليد.. بل القدم....
ليتك اليوم تشاهدين كيف تشهد لكِ أشجار الطرق....
وبسمة المدن....
ووجودكِ السَّرمدي معي......
|