|
|
انت في |
عندما رأيته يلهث بين أرتال العربات تصورته يبحث عن غرضٍ يخصه ذاب في ذلك الموقع ويحاول إيجاده لأهميته في حياته ولأن ثيابه رثة وإن كانت مرسومة بطابع محدد فقد انصرفت عنه في مشاهدة المارة وهم ينزلقون بين الحوانيت التجارية الصغيرة إلى واجهة الشارع الرئيس في تلك المنطقة المكتظة بالسكان وهي من الأحياء الشعبية التي تغص بتنوع من الأجناس وأن خلت إلى حد ما من الجنس الثاني اللواتي يلذن بالأطراف في سيرهن المتعثر ومع أن صرير إطارات إحدى العربات وهي تهدئ من سرعتها أثار اهتمام المارة. التفتوا إلى جهة الصوت بطريقة ليست مستغربة لسماع ذلك الصوت المزعج في شوارعنا التي اعتادت الأسلوب البدائي في القيادة الذي لا يعرف الاتزان ولا تكامل الخبرة في الاحتراف، هل كان ذلك الرجل الذي يرتدي الزي الأصفر الموسوم بمنظفي الشوارع من عمال البلدية سبب هذه الضجة، لا أعلم إنما أتذكرُ أن أحد العمال من هذه النوعية التقيه في الكثير من الأيام قريباً من منزلنا يقوم بواجبه فيلقي عليّ التحية بنوعٍ من الاحترام لأنه في تقديري يعتذر عن الفارق الاجتماعي بيننا وكأنما ذلك الفارق قدر حتمي لابد من تقبله من منطلق تفاوت الأرزاق بين البشر وحتى أزيل ذلك الشعور الذي أحس بثقله على نفسه طالما ليس في مقدوره أن يغير ما جعلنا في موقفين على طرفي نقيض، أجد بعض الحرج في أن أنفحه أي عطاء مادي هو بحاجة إليه مع أنني لا استسيغه لأن فيه تأكيداً لفارق أحاول أن أزيله ولاسيما وسمة الرجل لا تتغير منذ بضعة شهور، ما يعني أنه مكلف بتنظيف شارعنا ولابد في هذه الحالة أن تكون علاقتنا وثيقة طالما ثمة مصلحة مشتركة تجمعنا، فالرجل ساقه حظه إلى أن يكون ضمن جهاز كبير يرعى نظافة حينا أو مدينتنا ما يستوجب أن نقدر جهده حتى وإن كان يتقاضى أجراً عن هذه الخدمة لأن أي مستخدم ينال حقه من عطاء العمل مهما كانت نظرتنا له، وقد اعتدت كمراجع أن أتقبل أي تصرف أناله من ذلك الموظف الذي أسأله عن معاملة لي وهو في الأغلب يشعر بالتفوق لأنني بحاجة إليه.. وتلك الحاجة دفعتني إلى أن أكيّف ظروفي حتى أتفرغ للمراجعة وبنوع من الاعتذار لكوني أزعج هذا الموظف وأُرغمه على أن يخصص بعضاً من وقته لمعرفة ما جعلني أذهب له تحديداً فهل أكون مغروراً شأن الكثيرين لأحسب أن واجبه الوظيفي يكفي أن يتنازل من دون تراجع لأحتكره. |
![]()
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |