قد تكون فرصة المنتخب السعودي لا تزال قائمة في التأهل للدور الثاني من بطولة كأس العالم 2006 على الأقل من الناحية النظرية ولكن ذلك لم يعد يشغل السعوديين كثيراً أو المحيطين بالفريق والمهتمين بأخباره وخصوصاً أن الفريق أضاع فرصتين سابقتين أمام تونس وأوكرانيا ومن الصعب أن يحسم الفرصة الثالثة لصالحه وخصوصاً أنها أمام الماتادور الإسباني العملاق.
لذلك أصبح الشغل الشاغل للسعوديين والمهتمين بالمنتخب السعودي هو مستقبل الفريق في الفترة المقبلة وهل سيشهد تغييرات جذرية وأهمها ما يتعلق بالمدرب البرازيلي ماركوس باكيتا المدير الفني للمنتخب أما سيمر إخفاق الفريق في البطولة الحالية مرور الكرام. ولعل باكيتا ومصيره مع الفريق من القضايا التي تجتذب اهتماماً كبيراً وخصوصاً أن المسؤولين عن كرة القدم السعودية درجوا في السنوات الأخيرة على إقالة المدرب أو الجهاز الفني بالكامل مع كل إخفاق، بل إن بعض الإعلاميين المرافقين للمنتخب السعودي يرون أن المسؤولين عن الفريق ينتظرون مباراة الفريق أمام إسبانيا لإقالة المدرب بعدها حتى لا تحدث إقالته في الوقت الحالي مزيداً من التوتر في الفريق.
تولَّى باكيتا مسؤولية تدريب الفريق في نهاية العام الماضي خلفاً للمدير الفني الأرجنتيني جابرييل كالديرون الذي قاد الفريق إلى نهائيات كأس العالم 2006 بعد مسيرة ناجحة ورائعة في التصفيات ولكنه أقيل عقب ظهور الفريق بمستوى مخيب للآمال في مسابقة كرة القدم بدورة ألعاب غرب آسيا التي استضافتها قطر أواخر العام الماضي. ولم تلق إقالة كالديرون قبولاً شديداً في السعودية آنذاك وخصوصاً أن الوقت ليس مناسباً لأنه جاء قبل سبعة أشهر فقط من بدء نهائيات كأس العالم بألمانيا التي تشهد المشاركة الرابعة على التوالي للمنتخب السعودي. كما لم تجد إقالة كالديرون الكثير من المؤيّدين وخصوصاً أن إخفاق دورة ألعاب غرب آسيا كان له ما يبرره وهو أن الفريق شارك بنجوم من الصف الثاني وليس بالفريق الأول وبالتالي لم يكن الإخفاق يستدعي الإقالة لكالديرون. ولكن على أي حال رحل كالديرون وجاء باكيتا وكان العزاء الوحيد هو أن باكيتا ليس غريباً على كرة القدم السعودية فقد تولّى تدريب الهلال السعودي عامي 2004 و2005 وحقق معه طفرة حقيقية وقاده إلى عدد من البطولات إضافة لامتلاكه خبرة جيدة بالعمل مع العديد من الفرق السابقة. ولكن باكيتا الذي قاد من قبل المنتخب البرازيلي إلى بطولتي كأس العالم للناشئين (تحت 17 عاماً) وللشباب (تحت 20 عاماً) في عام واحد (2003) وجد الوقت قصيراً أمامه لإحداث تغييرات شاملة في الفريق فاعتمد على مجموعة اللاعبين التي عملت تحت قيادة باكيتا مع الاعتماد بشكل أكبر على لاعبي الهلال الذين يعرفهم جيداً.
وسنحت الفرصة مجدداً أمام باكيتا لإعداد هذه المجموعة على الوجه الأمثل من خلال انتهاء الموسم الكروي في السعودية مبكراً وتخصيص ما يقرب من ثلاثة أشهر كفترة إعداد للمنتخب بالداخل والخارج، حيث أقام فترات من معسكره في النمسا وألمانيا ودول أخرى بغية التأقلم على اللعب خارج السعودية وخصوصاً في أوروبا، حيث الأجواء والطقس الذي سيخوض به كأس العالم.
وبعد نحو ثلاثة أشهر من الإعداد جاء يوم الاختبار وتعادل المنتخب السعودي مع نظيره التونسي 2-2 في افتتاح البطولة والتمس له الجميع العذر لأنها مباراة تتحكم فيها عوامل نفسية وعصبية ولذلك ضاع الفوز من الفريق في الوقت بدل الضائع.
وكانت الفرصة سانحة أمام الفريق لاستغلال الحالة النفسية السيئة لمنتخب أوكرانيا بعد الهزيمة أمام أسبانيا صفر - 4 ولكن بدلاً من الإجهاز عليها سقط أمامها (الأخضر) صفر - 4 أيضاً ليثير العديد من التساؤلات حول جدوى المعسكر طويل المدى الذي أقامه المنتخب السعودي.
والمشكلة لا تتعلَّق بثقل الهزيمة وإنما تتعلَّق في المقام الأول بأن الفريق بدا مفككاً في فترات عديدة من المباراتين خاصة أمام أوكرانيا ووضح استمرار الأخطاء الدفاعية التي أصبحت عنصراً متكرراً في جميع مباريات الفريق.
ثم خرج المدرب على رجال الإعلام ليعلن عقب مباراة أوكرانيا وأكَّد أن الأمطار والطقس وكذلك الأرض المبتلة بالأمطار كانت الأسباب الرئيسية للهزيمة الثقيلة التي مُني بها الفريق ونسي أن الفريق خاض معسكرات في أجواء مشابهة وبأحذية المطر أيضاً.
ورغم أن الفريق ما زال في انتظار مباراته الثالثة أمام إسبانيا لكن السؤال المحير الآن هو هل تكون البطولة الحالية بداية أم نهاية لباكيتا مع الفريق؟ وهل يكون الأداء الجيد للفريق في الشوط الثاني أمام المنتخب التونسي دافعاً للإبقاء على باكيتا في منصبه لبدء التخطيط الجيد للمنتخب من الآن وحتى بطولة كأس العالم المقبلة أم تنتظر الإقالة باكيتا بسبب الهزيمة الثقيلة من أوكرانيا لتبدأ مرحلة البحث عن مدرب يكون التعامل معه (بالقطعة) أيضاً، حيث يستمر طالما كان الفريق فائزاً ويقال مع أول إخفاق حتى وإن كان هناك ما يبرر الإخفاق.
وتنقسم الآراء بين الإعلاميين السعوديين المرافقين لبعثة الفريق في ألمانيا بين ضرورة منح باكيتا الفرصة كاملة أو التخلص منه والاستعانة بمدرب آخر لبناء فريق جديد.
وكان المنتخب السعودي قد خسر مبارياته الثلاث في الدور الأول لبطولة كأس العالم السابقة عام 2002 في كوريا الجنوبية واليابان بما في ذلك الهزيمة صفر - 8 أمام المنتخب الألماني في أولى المباريات. ولكن لم تتبلور خطة واضحة لبناء منتخب سعودي قوي رغم الإمكانيات المالية الضخمة التي توفرها رعاية الشباب بالمملكة واتحاد كرة القدم السعودي.
وباكيتا واسمه الحقيقي ماركوس سيزار دياز كاسترو هو المدرب الوحيد في العالم الذي توج بكأس العالم مرتين في نفس العام، حيث قاد منتخبي البرازيل للناشئين والشباب إلى لقب كأسي العالم للمرحلتين عام 2003 .
وبدأ باكيتا مسيرته الكروية لاعباً مع فريق (أمريكا) البرازيلي بمدينة ريو دي جانيرو وذلك لمدة خمس سنوات بين عامي 1973 و1978 ثم انتقل لفريق فاسكو دي جاما واستمر معه حتى 1980.
ولد باكيتا (47 عاماً) وعاش في جزيرة تسمى (باكيتا) ولذلك أطلق عليه زملاؤه في فريق فاسكو دي جاما اسم ماركوس باكيتا. وبدأ مشواره التدريبي مع فريق (أمريكا) ثم انتقل لتدريب نادي الشباب الإماراتي لموسمين قبل أن يعود للبرازيل ويدرب فريق فلامينجو وبعدها لتدريب فلومينينز قبل أن يعود لفلامينجو.
وتولى باكيتا بعد ذلك قيادة منتخبي البرازيل للناشئين والشباب وأحرز معهما بطولتي كأس العالم قبل أن يتولّى تدريب فريق أفاي البرازيلي ثم قطع عمله مع هذا الفريق وتوجه لتدريب الهلال السعودي، حيث توج معه بكأس الأمير فيصل بن فهد وبطولتي ولي العهد وكأس خادم الحرمين الشريفين ليصبح بعد ذلك بديلاً لكالديرون في تدريب المنتخب السعودي.
|