Tuesday 11th July,200612339العددالثلاثاء 15 ,جمادى الثانية 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

شئ من المنطق شئ من المنطق
الإدارة ومستقبل مدننا الاقتصادية
أ. د. مفرج بن سعد الحقباني

نتعايش خلال هذه الفترة مع وفرة اقتصادية هائلة انعكست آثارها على مستوى الإنفاق الحكومي وعلى مستوى حماس ونشاط القطاع الخاص، ولقد كان من أبرز ثمار هذه الوفرة الاقتصادية الأموال الضخمة التي ضُخت في مسارات الاقتصاد الوطني وفي مناطق المملكة المختلفة مثل المدن الاقتصادية التي أنشئت في رابغ والمدينة المنورة وحائل وغيرها مما سيأتي على يدي أبي متعب - حفظه الله -.
ومن المؤكد أن هذه المدن التي كلفت الكثير قد أُنشئت لتحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية محددة مسبقاً مثل تحقيق التنوع في الاقتصاد الوطني وتخفيف الاعتماد على النفط مصدراً رئيساً للدخل، إضافة إلى تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة وفقاً للمزايا النسبية التي تتمتع بها كل منطقة.
هذه الأهداف الاستراتيجية التي استعصت خلال سنوات الوفرة الاقتصادية التي سجلت في السبعينيات بسبب نقص الكفاءة والفاعلية الإدارية لا يمكن أيضاً تحقيقها خلال هذه الفترة ما لم نكن مؤهلين إدارياً للتفاعل مع معطيات الوفرة الاقتصادية ومع الأهداف التي حددت لهذه المدن الاقتصادية.
صحيح أننا نستطيع أن نتعاقد مع أكبر الشركات العالمية لتنفيذ وتطوير مدننا الاقتصادية، وصحيح أننا نظرياً قادرون على رسم أهدافنا الاستراتيجية التي بها نستطيع أن نبرر إنفاقنا المتزايد على هذه المدن، وصحيح أننا في هذا الوقت أقدر على التعامل مع متغيراتنا الاقتصادية وخططنا الاستثمارية بسبب الخبرة الإدارية التي تراكمت خلال العقدين الماضيين، إلا أننا ما زلنا نضع أيدينا على قلوبنا؛ خوفاً من عدم القدرة على توفير البيئة الإدارية القادرة على إدارة هذه المدن بفاعلية وكفاءة عالية.
وفي ظني أن الهيئة العامة للاستثمار التي هندست هذه المدن تدرك تماماً أهمية العنصر الإداري وتدرك أيضاً أهمية مواجهة التعارضات والتدخلات الإدارية التي قد تعيق وتعطل تحقيق الأهداف، وتدرك بالتالي أهمية منح هذا الجانب قدراً أكبر من الاهتمام حتى لا تنتهي المهمة بمجرد تدشين المدينة.
وفي هذا السياق أتمنى من الهيئة الموقرة أن تبدأ من الآن في إعداد الكوادر الإدارية المؤهلة القادرة على إدارة هذه المدن وفقاً لآليات وإجراءات إدارية محددة، وأن تسعى من الآن إلى القضاء على تعارض وتناقض الصلاحيات والاختصاصات بين الأجهزة الحكومية المختلفة؛ حتى لا يتسبب موظف مغمور في قتل طموحنا الوطني. كما أقترح على هيئتنا الحبيبة النظر في إمكانية إسناد إدارة هذه المدن إلى شركات عالمية لديها من الخبرة والدراية ما يكفي لضبط المتغيرات الإدارية، ولديها الجسارة العملية لمواجهة التدخلات الجانبية التي ربما تعطل هذا المنجز الوطني.
أتمنى بالفعل أن نشاهد القيمة المضافة لهذه المدن تتجاوز مجرد البناء الهيكلي لتطال الثقافة الإدارية والاستثمارية، ولتنعكس إيجاباً على بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى، وهذا لن يتحقق ما لم تكن مثالاً رائعاً في الانضباط السلوكي والاستثماري، ومثالاً في الترتيب الهرمي المستقر للأولويات الوطنية.
إشارة
البيروقراطية الإدارية خطر كبير على مستقبلنا الاقتصادي، وتداخل التخصصات والصلاحيات يولد مجالاً للصراعات الإدارية، وهو سبب لتعطيل المشروعات التنموية، فهل لدى الهيئة العامة للاستثمار المقدرة على تجاوز هذين الخطرين؟ يا رب.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved