Saturday 29th July,200612357العددالسبت 4 ,رجب 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"مقـالات"

السقوط الأخلاقي للولايات المتحدة السقوط الأخلاقي للولايات المتحدة
سؤال لكونداليسا رايس.. ماذا لو؟
د.علي بن شويل القرني(*)

عندما كانت البروفيسورة كونداليسا رايس تقف في المؤتمر الصحافي في نهاية مؤتمر روما مع الأمين العام للأمم المتحدة السيد كوفي عنان، ووزير خارجية إيطاليا ماسيمو داليما، ورئيس الوزراء اللبناني السيد فؤاد السنيورة كانت تُمثِّل الوجه القبيح للسياسة الخارجية الأمريكية.. وهي تشعر داخل نفسها أنها تُمثِّل قمة السقوط الأخلاقي للولايات المتحدة، فالجميع بمن فيهم المملكة العربية السعودية التي مثَّلها الأمير سعود الفيصل، ومصر التي مثَّلها وزير خارجيتها، ينادي بوقف فوري لإطلاق النار، بينما الولايات المتحدة ومعها المملكة المتحدة يقفان ضد هذا الوقف.. وكونداليسا رايس جاءت لتمثِّل السياسة الإسرائيلية بكل تعنُّتها وغطرستها في المنطقة.. ولتمنع استصدار قرار يدعو إلى وقف فوري للمجازر التي تقوم بها إسرائيل على الأرض اللبنانية.. وعمليات التدمير المتعمَّد للبنى التنموية من جسور وطرقات، ومرافق عامة ومحطات كهرباء، وشبكات اتصالات، إضافة إلى المباني الآهلة بالسكان.. ومن فيها من نساء وأطفال.. هذا التدمير الوحشي، والاحتلال غير المبرر وقتل الإنسان وتحطيم كل متحرك من بشر وعربات.. وقتل كل إنسان دون تمييز هو الذي تريده أن يستمر السيدة كونداليزا رايس، ومعها سدنة البيت الأبيض من صقور الفتنة، ومصاصي الدم، ومحتقري الإنسان.. أراد العالم جميعه أن يقدم مؤتمر روما الحد الأدنى من المتوقع بوقف فوري للحرب الإسرائيلية على لبنان، وأرادت الولايات المتحدة أن يستمر هذا التدمير الوحشي لبلد مسالم مثل لبنان..
وقد تتساءل كارن هيوز مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للدبلوماسية العامة.. لماذا تتشوَّه صورة الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً في المنطقة العربية والإسلامية..؟ وهي تعرف تمام المعرفة، كما عرفها سابقاتها في هذا المنصب خلال السنوات الماضية أن السياسة الأمريكية هي المحفز الأساس الذي يطلق العداء والكراهية للوجه الأمريكي في المنطقة.. وكلما شعر العرب والمسلمون أن الوقت قد أتى إلى فتح صفحة جديدة مع السياسة الأمريكية، يجد الجديد من المواقف الأمريكية التي تُمثِّل عداءً مطلقاً للإنسان العربي والسياسة العربية والمصالح العربية.. وها هي الولايات المتحدة تقف مع سفك الدماء، وتقف مع القتل، وتقف مع الحرب، وتقف مع التدمير، وتقف ضد العالم جميعه بلا استثناء ومع إسرائيل.. وتقف حتى ضد الأصوات المعتدلة داخل النظام السياسي الإسرائيلي الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار..
لقد نشرت قبل أيام صحيفة الإندبندنت البريطانية على صفحتها الأولى رسماً جرافيكياً عمن يريد وقف إطلاق النار في لبنان، ورسمت مربعين كبيرين كل منهما بحجم قريب من ربع الصفحة.. وكان المربع يشير إلى أعلام الدول التي ترغب في وقف إطلاق النار، ولاحظنا أن جميع دول العالم ترغب في ذلك.. وقد امتلأ هذا المربع بالكامل.. أما المربع الآخر، فكان للدول التي لا ترغب في وقف إطلاق النار.. ولاحظنا أنه فارغ تقريباً سوى من ثلاثة أعلام متناثرة في مواقع مختلفة من هذا المربع، هي أعلام إسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة.. وهذا الشكل البياني يلخص الموقف العالمي تجاه لبنان.. فجميع دول العالم في موقف واحد، وهذه الدول الثلاث في موقف آخر.. العالم يريد وقف القتل والتدمير، وهذه الدول الثلاث تشتهي القتل والتدمير..
وقد يسأل البعض عن سبب موقف الولايات المتحدة ورغبتها في استمرار الحرب.. فهو كما أعلنته السيدة كونداليسا رايس ترغب في حل المشكلة من جذورها قبل أن تضع الحرب أوزارها.. أي أنها ترغب في تجريد سلاح حزب الله، وبسط الجيش اللبناني نفوذه في الجنوب، ودخول قوة حفظ سلام.. أي أنها تريد أن تستمر هذه المفاوضات المعقدة بينما ضربات المدافع وطيران السلاح والدبابات والجنود تستمر في اجتياحها وقتلها وتدميرها للإنسان والبنى التحتية واختراق السيادة اللبنانية.. السيدة رايس ترغب أن تحل المشكلة من جذورها، والحرب مستمرة!!! وهذه السياسة ليست منطقية في أي شكل من أشكالها.. ولم نسمع مطلقاً أن أي حرب قد نشبت في أي مكان في العالم حالياً أو في التاريخ القديم.. ورغبت أطراف أن تحل المشاكل العالقة، والمفاوضات تحت نيران الحرب..
ولدي سؤال واحد أوجهه إلى السيدة وزيرة الخارجية الأمريكية.. وهذا مثال افتراضي.. لو اجتاحت الجيوش العربية إسرائيل، وتستمر المدفعيات العربية والطائرات العربية في دك المدن والقرى والمباني والقواعد العسكرية الإسرائيلية في حرب شاملة.. (وهذا طرح افتراضي غير واقعي لأن الدول العربية قد اختارت إستراتيجيات السلام).. فهل ستأتي كونداليسا رايس لتعلن أن هذه الحرب يجب أن تستمر حتى يتم الانتهاء من وضع الحلول النهائية لمشكلة الشرق الأوسط.. هل سيكون هذا هو ردها، أي أنها سترغب - أو على الأقل لا تمانع - من استمرار الحرب حتى تصل أطراف النزاع إلى حل شامل للمشكلة؟ أنا والقارئ العربي بانتظار إجابة منطقية على هذا الموقف الافتراضي..؟؟

(*)رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال
أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved