من الإحسان أن لا نستخف بالناس الذين تزدريهم أعيننا، ولا نستنقص عقولهم، حتى وإن كانوا مجانين، بل نأخذ منهم ونعطيهم في المحادثة على قدر عقولهم وأفهامهم.. كيف لا وقد قيل: (خذوا الحكمة من أفواه المجانين).
وبعيداً عن الجنون والمجانين قرأت في (المجموع المنتخب من المواعظ والأدب) أن بعض العمال استخف ببعض الأعراب فقال له: ما أحسبك تدري كم تصلي في كل يوم وليلة؟ فقال: أرايت إن أنبأتك بذلك تجعل لي عليك مسألة؟ قال: نعم، قال الأعرابي:
إن الصلاة أربع وأربع ثم ثلاث بعدهن أربع ثم صلاة الفجر لا تضيع |
قال: قد صدقت، فسل، قال: كم فقارُ ظهرك؟ قال: لا أدري، قال: أفتحكم بين الناس وأنت تجهل هذا من نفسك؟
قلت: وفي هذا ما يجعلنا نتأدب مع من لا نعرفه مثل تأدبنا مع من نعرفه، وأن نجعل نصب أعيننا قولهم: الرجال صناديق مغلقة، لا يعرف ما بداخلها حتى تفتح.
المجموع المنتخب من المواعظ والأدب لزامل بن صالح الزامل 2 - 256
|