لا ندري كيف يغمض لرجال الحروب جفن والدماء تسيل بسببهم, وكيف يمكن أن يناموا من دون أن يفكروا في الضحايا الذين تساقطوا حولهم, كيف يدخلون حروبا غير عادلة, كيف يحركون الناس والمجتمع لدخول الحرب, كيف يصطادون العملاء, كيف يغسلون دماغ شخص ما, ويقذفون به في مهاوي الردى.
سيناريو الحروب, هو الوحيد التي لا تستطيع أن تفهمه على وجهته الصحيحة, لا تعرف من كتب الحوار ولا من حدد (اللوكيشن) ولا من يصور, ولا من يخرج , ولا من يمثل, كل ما تشاهده ضحايا أبرياء تتساقط هنا وهناك, وكأن هذا الشيء ضمن السيناريو المرسوم.
لماذا لا يتناطح المتحاربون وجهاً لوجه, ويتركون الأبرياء, لماذا لا يقفون صفا أمام صف كما هي الحروب القديمة, ويتركون الأطفال يستمتعون بشرب الحليب, ويعيشون حياتهم كبقية البشر؟ إننا كلما تحزبنا, زادت حروبنا, وكلما تخلفنا زادت حروبنا, وكلما فرضت طائفة معينة نفسها وصيةً على الخلق, زادت حروبنا, وكلما ظهر بين الناس دكتاتور نحس, زادت حروبنا, وكلما تحاورنا بالبنادق زادت حروبنا.
الأمر ربما يذهب أبعد من كونها حربا, إلى كونها شراهة في حب التسلط, وكل من الفرقاء يسعى لأن يسيطر على الجميع, لأن في السلطة كل الثروة والجاه والقرار, التاريخ يقول هذا الشيء, ويؤكده , ويكشف صراع الكراسي.
وحتى تترك الحرب أوزارها, ويرتاح الناس, ويعم السلام, نحتاج إلى رجال حكماء, يتصفون بصفات الرجل الرشيد, يلغون حياة الأحزاب والعملاء والطوائف, إلى الحياة المدنية التي تتسم بالبناء والتنمية, نعم بهذه البساطة.
|