Al Jazirah NewsPaper Saturday  28/10/2006G Issue 12448الثقافيةالسبت 06 شوال 1427 هـ  28 أكتوبر2006 م   العدد  12448
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

مزاين الإبل

الثقافية

دوليات

متابعة

منوعـات

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

قراءة ناقدة في رواية من الأدب السعودي الحديث
(رأس شيُّوم ) خالد الجبرين

رواية جديدة صدرت عن دار أطلس الخضراء، جاءت في ثلاثة عشر فصلاً، الرواية تحكي قصة حاكم ظالم (شيُّوم) يقتل المسلمين, ويسجنهم ويعذبهم، يتمكن أربعة من المسلمين من الفرار من سجنه وعذابه، ويتجهون إلى خليفة المسلمين في بغداد, ويخبرونه بما يفعله (شيُّوم) ويطلبون منه النصر، ويقرر الخليفة بعد تفكير عميق إرسال فرقة عسكرية مدربة لقتل شيُّوم.
ولكن من يقوم بهذه المهمة الخطيرة وقيادة هذه الفرقة؟ يقع اختيار الخليفة على عبد حبشي هو (جابر) الذي يتميّز بالشجاعة والفروسية، ويعطيه الخليفة كل الصلاحيات لاختيار أعضاء الفرقة, ولتحفيز جابر أكثر قام الخليفة بإعطائه (مدينة الأشبار) إن نجح في مهمته، لكن ابن أخت الخليفة يتدخل ويقول: أنا آتيك برأس شيُّوم ومدينة الأشبار لي.
وبعد حوار طويل يقرر الخليفة الموافقة للاثنين ويقول: من يقتل شيُّوم فمدينة الأشبار له!! لكن الخليفة يعلنها صريحة: الفرقة ستكون واحدة، والقائد هو جابر الحبشي وعلى الجميع السمع والطاعة له! ويبدأ جابر الحبشي في إعداد الفرقة واختيار أعضائها, والتخطيط لأداء المهمة ويبني خطته على اختيار شاب مغولي (يشبه سكان مدينة قانين) ويتذكر صديقه في الطفولة عبد القيوم المغولي، ويبدأ في البحث عنه حتى يجده, ويتمكن من إقناعه للمشاركة في هذه المهمة, خصوصاً أن الوالي هو الذي أمر بهذه المهمة.
وبعد أن أكمل جابر كل المتطلبات انطلق بفرقته في هذه المغامرة بكل حماسة وشجاعة، وتواجههم الكثير من المفاجآت والأحداث الغريبة قبل أن يصلوا مدينة (قانين) حيث يعيش شيُّوم الحاكم الكافر الذي يتنفس القتل والتعذيب لأبناء المسلمين! وعندما وصلوا (قانين) تعرضوا للكثير من الأحداث الدراماتيكية المثيرة، فيصوّر الكاتب بخياله الجميل الأحداث ويسردها بشكل يجعلك كأنك تراها أمامك، بل يجعلك تتعايش مع تفصيلاتها الدقيقة وكأنك أحد أبطالها!.
إن أول ما يلفت النظر في الرواية هو عنوانها (رأس شيُّوم) وهو عنوان استفزازي مثير! مَنْ شيُّوم هذا؟ هل هو رمز يحتاج إلى أن يفك؟ أم شخصية صنعها خيال الكاتب؟ هذا العنوان الغريب يحمل دلالات تثير التساؤل لدى القارئ، كما أن الكاتب جعل العنوان (مبتدأ دون خبر) ليحفز القارئ ويجعله يلهث لمتابعة الخبر في سرد الرواية! لقد أظهر لنا الكاتب ملامح الإثارة والتشويق منذ الافتتاحية, التي تكاد تكون بحد ذاتها رواية حيث ظهر فيها سجن (قانين) وشخصيات الافتتاحية (المنذر, عبد الرحمن, أيوب والرجل ذو الخمسين عاماً) في موقف متأزم يحتاج إلى حل! وكانت روعة الافتتاحية حين أمسك الكاتب بأنفاس القارئ منذ المشهد الأول!!
أشخاص الرواية البارزون
1- عبد القيوم: بطل الرواية، شاب فقير يعمل حطَّاباً، متمسك بدينه وعلى درجة عالية من الأخلاق الفاضلة، والسلوك المتزن.
2- جابر الحبشي: العبد الذي اعتقه سيده، يمتاز بالشجاعة والفروسية والإخلاص لأسياده، وإن كان لا يخلو من طموح.
3- يوسف: ابن أخت الوالي، شخصية أنانية متكبرة، يعتمد على نسبه, وهو شجاع ومتهور في نفس الوقت.
4- صالح: شاب غريب الأطوار يكره دلال والده له، ويحب الاعتماد على نفسه ويرغب المشاركة في المغامرات بعيداً عن دلع أبيه, وخوفه الزائد عليه.
5- ياقوت: الرجل الذي سجنه شيُّوم، وقتل أولاده، وعذَّبه، وأحرق جسمه بالنار حتى أُصيب بمرض نفسي, جعله يعيش وحيداً وبعيداً عن الناس, ولا يفكر إلا في الانتقام من شيُّوم أو من يشبهه!!
6- شيُّوم: حاكم مدينة (قانين) حاكم ظالم يقتل المسلمين ويسجنهم ويعذبهم لأنهم مسلمون يمتازون بشجاعة منقطعة النظير!!
أما الفضاء الزمني الذي اختاره الكاتب فهو فضاء زمني بالغ الحساسية! إذ اختار تلك الفترة التي كانت فيها الدولة الإسلامية ضعيفة، الفترة التي هجم فيها المغول والتتار على بلاد المسلمين!! لكن اعتماد الكاتب على (الجانب التاريخي) لا يعني أن روايته تاريخية بل لم يكن (الجانب التاريخي) إلا وسيطاً لإحياء أجواء ومناخات الرواية حيث الشخصيات المتخيلة!! ولقد ظهر لنا اعتناء الكاتب بنسج أحداث روايته، وجَعَلَ بناءها الفني مليئاً بالمغامرات والمفاجآت, التي خدمت تسلسل الأحداث، ووظفها الكاتب بشكل مثير، حيث جاءت المفاجآت في أماكنها الصحيحة مضيفة الكثير من الجمال على سرد الرواية.. ما عدا تلك المفاجأة (بقاء محمود بن حبيب) حياً وعثور عبد القيوم عليه! فهذه المفاجأة لم تخدم المشهد، وكان يمكن للكاتب أن ينهي هذه الشخصية التي اعتمد في بقائها على المصادفة الساذجة! ونجح الكاتب في تجسيد تشابك الأحداث، وتمازجها، وتعقيد شخصياتها، لتكون الحبكة أكثر عمقاً وتماسكاً، وذلك عبر لغة سردية وحوارية كانت متناغمة مع الشخصيات.
ولم يدخل الكاتب بصوته ليطغى على الشخصيات ويؤثر فيها إلا في مشاهد قليلة لإثارة الانفعال لدى القارئ مثل اهتمامه وتعاطفه مع شخصية، عبد القيوم في آخر الرواية وذلك عبر الحوار الداخلي الذي عرفنا عن طريقه الصراع النفسي لدى عبد القيوم، كما ظهر لنا تميُّز الكاتب في الوصف الدقيق للشخصيات، والتحليل النفسي لها.
ونجح بشكل كبير في تقديم عبد القيوم في صورة مشرقة, وحلل لنا صورة يوسف الذي ذهب ضحية أطماعه، وكذلك تحليل وتصوير شخصية شيُّوم, الذي أبدع الكاتب في ترسيخ جرائمه حتى أصبحت راسخة لدى القارئ! أما شخصية جابر الحبشي فقد أخفق الكاتب في رسمها وأعطاها أكبر من حجمها!! خصوصاً في مشهده الأول.
وكان أكثر المشاهد مأساوية هو المشهد الختامي الذي تجسد فيه الصراع الداخلي في نفس (عبد القيوم) بعد أن عرف أن شيُّوم هو أخوه! وظهرت لنا مهارة الكاتب في تجسيد هذا الصراع عبر الحوار الداخلي الذي جعل القارئ ينفعل مع هذا الصراع وكأنه صراعه هو! وتمكن الكاتب من بث مجموعة من القيم (التربوية والجمالية والإيمانية) بأسلوب خيالي مثير ومشوق, بعيداً عن الوعظ المباشر.
ومن القيم التي بثها الكاتب: (الاهتمام بأمر المسلمين، نصرة الضعفاء، طاعة ولي الأمر، حق الأم وبرّها، الجدية في العمل، التسامح، الوفاء بالوعد، التحذير من التهور، الصبر على الابتلاء، الاعتماد على النفس، السعادة ليست بالجاه والمال، نهاية الظلم، عدم اليأس، التحذير من الأنانية والغرور...).
وبلغة حساسة، وقدرة على التخيُّل، وتجنُّب الخطابية في لغة الحوار، تمكَّن الكاتب من جعل القارئ يعيش في حالة شعورية وتفاعلية، لاستيعاب هذه القيم والاستجابة لها! وكما وفق الكاتب في افتتاحية الرواية، وفق أكثر في نهايتها حيث يقدم لنا نهاية غير تقليدية (عندما نقل المعركة والحرب من الجو الحربي التقليدي إلى معركة بين الأخ وأخيه).. فيصدم القارئ بهذه الخاتمة التي تصيبه بالدهشة والمتعة على السواء!

أ. راشد بن محمد الشعلان - مدرب متخصص في فنون القراءة الحديثة - الرياض

rashedsh@hotmail.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved