Al Jazirah NewsPaper Friday  24/11/2006G Issue 12475أفاق اسلاميةالجمعة 03 ذو القعدة 1427 هـ  24 نوفمبر2006 م   العدد  12475
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

أفاق اسلامية

أبناء الجزيرة

شعر

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

سين وجيم

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

مؤكداً أنّ التفاخر بالأنساب من أمور الجاهلية .. د. عابد السفياني عضو مجلس الشورى لـ( الجزيرة ):
الإسلام حرَّم الظُّلم وأقرَّ حقوق الإنسان العادلة قبل المواثيق الدولية

* الرياض - خاص - الجزيرة:
أكد فضيلة الشيخ الدكتور عابد بن محمد السفياني عضو مجلس الشورى والأستاذ المشارك بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى، أنّ العوائق التي تواجه الأُمّة الإسلامية الآن أكثر خطورة من السابق، لأنّ الحرب على دين الله صارت علنية.
وكشف د. السفياني أصحاب الاتجاهات التغريبية في مسح هوية الأمة، والمخططات الإباحية التي تحاول غزو العالم الإسلامي .. مطالباً بمواجهة هذه التيارات .. جاء ذلك في حوار ل(الجزيرة) مع د. السفياني .. وفيما يلي نصه
* لماذا الحرب الشرسة الآن على الدعوة والدعاة، وهل العالم محتاج رغم ذلك لدعوة الإسلام؟
العالم الآن يحتاج إلى إظهار الحق والهدى وعنوان رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} وبقدر ما كانت هذه الدعوة الإسلامية رحمة للعالمين ونفعاً بقدر ما كانت البشرية الضالة تقف في وجه هذه الدعوة وتجعل في طريقها العوائق .. وهكذا وضعت العوائق بين يدي الرسل من بين يديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ومن تحتهم رغبة في صد الناس عن هذه الدعوة الإسلامية المباركة، ويأبى الله إلاّ أن يظهر هذا الدين ويأبى الله سبحانه وتعالى إلاّ أن ينشر هذا الحق .. قال الله عز وجل:
{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} نعم لو كره المشركون والكافرون في العالم يأبى الله عز وجل إلاّ أن يجدد هذا الدين، ويأبى الله سبحانه وتعالى إلاّ أن يتم نوره وهكذا حدثنا التاريخ، وكم وضع في سبيل هذه الدعوة الإسلامية من عوائق فذهبت العوائق وبقي أمر الله وقد وُضعت العوائق في عهد النبي عليه الصلاة والسلام لتحول بين دعوته وبين العالمين وكان عنوان هذه الدعوة أول عهدها كما كان هو عنوانها آخر عهدها لا تبديل ولا تغيير .. يقول الرسول عليه الصلاة والسلام الحق فيقول أصحابه الحق وينادون به ويقومون به ويحكمون به ويعدلون وكان عنوان هذه الدعوة أول مرة كما قال رب العالمين {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} فكان عنوان هذه الدعوة المباركة أنها للعالمين جميعاً وانتشرت من أول عهدها لتكون للعالمين فدخل فيها الفقراء وسبقوا إليها كما دخل إليها الأغنياء وقام في نصرتها المقدمون في الناس وغيرهم من عامة الناس، وقام بنصرتها العربي والعجمي والرجال والنساء الشباب، ويأبى الله إلا أن يتم نوره حتى ظهر أمر الإسلام.
* ولكن العوائق التي تواجه الدعوة أشد وأنكى من عوائق الماضي، فكيف نواجهها؟
انتشار العوائق بالأمس في العالم هي ذات العوائق اليوم التي ترصد للدعوة الإسلامية اليوم في هذا العالم، هذه العوائق لم تتغير ولم تبدل مصداقاً لقول الله تعالى: {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} إنهم يتواصون بالوقوف في وجه الإسلام وفي وجه الدعوة الإسلامية مقاصد واحدة وهكذا يجب أن تكون مقاصد الدعوة الأولى هي مقاصد الدعوة اليوم كما يجب أن يكون عنوان المجتمع الإسلامي الأول هو عنوان المجتمع الإسلامي اليوم كما تكون أهداف الدعوة الإسلامية منذ نشأت هذه أهدافها اليوم كذلك ولا تغيير ولا تبديل لقد جاء الإسلام ليحكم العالم بشريعة الله وليقيم الناس على عقيدة سوية والدعوة عامة للكافرين من المشركين وأهل الكتاب كما صدع بها النبي عليه الصلاة والسلام وكما علّمه ربه وقد قال عليه الصلاة والسلام كما جاء في الآية الكريمة ... {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} ومن مقاصد الدعوة الإسلامية ما بيّنه القرآن في قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} هذه الآية تبين بعض مقاصد الدعوة الإسلامية، من ذلك تحريم الإباحية في العالم، تحريم الظلم والاعتداء والبغي في العالم، تحريم التشريع من دون الله في هذا العالم حتى لا يشرع الناس الكفر والشرك تارة باسم الشيوعية وتارة باسم العلمانية وتارة باسم القوانين الوضعية وتارة باسم الإباحية ويقومون بالظلم والبغي يتكاتفون عليه كما ترون اليوم، ثم بعد ذلك يستحلون ما حرم الله ثم يقولون على الله بغير الحق ثم يشركون بالله ما لم ينزل به سلطان، إذا كان هذا هو مقاصد أعداء الإسلام فإنّ مقاصد الدعوة الإسلامية واضحة في الآية الأولى في قول الله تعالى: {فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} قال ابن جرير الطبري رحمه الله (اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) أي لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، هذه هي مقاصد الدعوة الإسلامية، وهي رحمة للعالمين حتى لا يعبد الناس بعضهم بعضا وحتى لا يقاد الناس بالأفكار الضالة ولا بالمذاهب الباطلة وحتى لا يظهر البغي والظلم في العالم وحتى لا تنتشر الإباحية فيه وحتى لا يقول الناس على الله بغير علم وحتى لا يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطان، هذه مقاصد الدعوة الإسلامية، لكن الملأ المعارضين للحق في الأرض هم الذين يخشون من انتشار هذا الحق في الأرض فيضعون في وجهه العوائق.
* وما هي العوائق الخارجية التي تواجه الدعوة؟ وما هي العوائق الداخلية؟
العوائق الخارجية هي ما يضعه أعداء الإسلام في طريق الدعوة ونعني بالعوائق الداخلية ما يضعه الدعاة والمسلمون أنفسهم في طريق هذه الدعوة جهلاً منهم ما بين تفريط أو غلو أو تقصير أو فتور أو عدم إخلاص أو غير ذلك من الأسباب، ولأهمية العوائق الخارجية وخطورتها، فإننا نسلِّط عليها الضوء، ولأنّ مرتكزها الكفر والشرك والخرافة والظلم والإباحية وهذا هو الذي يدور عليه محور الشر في العالم أراد أعداء الإسلام اليوم أن يجعلوا أنفسهم هم محور الخير كما تسمعون في الأنباء والأحداث وأن يجعلوا العالم الإسلامي القصعة التي يجتمع عليها الكفار وأهل الأهواء .. هكذا يريد أعداء الإسلام لكن الحقيقة أنهم هم محور الشر لأنّ الذي عندهم هو الكفر والشرك والإباحية والظلم، أما الخيرية فهي للإسلام وأهله حتى وأن ضعفوا، وشر البرية هم الكفار المفسدون في الأرض .. هذه هي أسباب العوائق الخارجية، انتشار الكفر، انتشار الشرك والخرافة، انتشار الظلم والبغي، انتشار الإباحية وآسف أن أقول إن هذا العصر تميز بهذا كله. إن هذا العصر الذي غلب عليه الكفار والأعداء في العالم تميز إن صح التعبير أو اختص أو اشتهر بنشر الكفر والشرك والخرافة والظلم والإباحية، أما الكفر والشرك فلا يعرف في هذه الفترة الأخيرة من كثرة المذاهب الضالة لا يعرف إلا في هذا العصر فقد درجت البشرية اليوم على إنشاء أفكار ضالة ومذاهب ضالة نشرتها في العالم ودمرت بها شعوباً كثيرة وما أظنكم إلا تستحضرون الشيوعية التي ما عاشت إلا سبعين عاما في الأرض ودمرت شعوباً كثيرة وهذه الشعوب من المسلمين ومن غيرهم، ويظن الناس أننا إذا تحدثنا عن مثل هذا أننا نتحدث حرصاً على المسلمين وهذا واجب ولكن الرحمة التي عناها الله عز وجل في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} يوجب علينا كما كان نبينا عليه الصلاة والسلام أنه كان ذا شفقة سواء على المسلمين أو لإيصال هذه الدعوة للكافرين، والحيلولة بينهم وبين المذاهب المنحرفة من الخرافة والإباحية والظلم، وما أكثر صورها وأشكالها، وهذا هو أصل الفساد والشر في العالم.
* وما أثر هذه الأقوال والمذاهب على الأمم حتى غير المسلمة؟
إن هذه المذاهب أفسدت أمماً كثيرة في الأرض آذت المسلمين وأفسدت كثيراً منهم، كما أفسدت أمم الكفر وغيرتهم عن فطرتهم وقس على ذاك المذاهب الأخرى أما الإباحية فلا أحتاج أن أدلل عليها فهي من أكبر العوائق للدعوة الإسلامية وقد اتجه أعداء الإسلام إلى نشر الإباحية لإزالة إيجابيات المسلمين وإيجابيات المجتمعات الإسلامية اليوم وأن المسلمين على ضعفهم وتأخرهم واختلافهم يمثلون كثيراً من الفضائل ومن الطهر والعفاف والصلة ومن المنهج الأخلاقي ومن الرجوع إلى كثير من أمورهم إلى دينهم ومن إظهارهم لشعائر الإسلام، إن هذه الإيجابيات التي في العالم الآن ينشرها المسلمون، ونشرها أهل السنّة كما هو معلوم هذه الإيجابيات يأبى الكافرون والمشركون أن تنتشر في الأرض ولذلك جعلوا في طريقها العوارض.
* وكيف ترون انتشار الفسق والفجور والإباحية الآن؟
الإباحية في القنوات وفي الجرائد وفي المجلات الخليعة وفي الأفلام الخليعة وكثرتها وكثرة انتشارها في العالم الإسلامي يعني اختصاص جهود أعداء الإسلام في نشرها في العالم الإسلامي لإنهاك هذه الأمة اخلاقياً ودينياً .. هذه المعوقات هي من المعوقات البارزة للدعوة الإسلامية ولو سلم المسلمون من هؤلاء لانتشر الإسلام بصورة أكبر مما هو الآن، أن الاسلام قد انتشر انتشاراً كبيرا وخاصة في هذه الأزمنة المتأخرة وهذا أمر عجيب أن تكون الهجمات التي ضد الاسلام تزداد وانتشار الإسلام يزداد هذا من الإعجاز في نبوة النبي عليه الصلاة والسلام فقد أسلم من الأمريكان أكثر من تسعة ملايين هذا من أصل أمريكي لا نقول الجاليات الإسلامية التي تعيش هناك ولكن من أصل أمريكي وكذلك من أصل فرنسي خمسة ملايين مسلم وانتشر الإسلام في افريقيا انتشاراً عظيماً واهتدى خلق كثير ثم انتشر العلم بالسنّة في بلاد المسلمين وانتشر الفقه في الدين وظهر جهد علماء أهل السنّة في الأرض وهذا من فضل الله، أما الكتب والمعلومات والدعوة ووسائل الدعوة فهذا كثير كثير وهذه الوسائل الآن للدعوة كثيرة ومتعددة، ومنها معرض (كن داعياً) الذي يشارك فيه الدعاة والمصلحون، وكتب له القبول والانتشار، وبهذه المناسبة فإننا ندعو وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد لإقامته خارج المملكة.
* وهل هذه العوائق تحد من انتشار الإسلام في العالم؟
الإسلام ينتشر في الأرض انتشار ضوء الشمس بفضل الله وبركته مهما وضعت في وجهه العوائق، اهم العوائق التي وضعها هؤلاء أولاً وأخطرها التلبيس في الدين ومعنى التلبيس في الدين وهو أخطر العوائق الموجودة في الأرض هو تحويل الاسلام عن معانيه الصحيحة ليصبح ديناً يشبه دين النصارى أو يشبه الأديان الباطلة، بحيث لا يكون عقيدة صحيحة ولا يكون شريعة تحكم الأرض وهذا قد بذل الأعداء فيه جهوداً كبيرة وهو أخطر العوائق التي توضع في وجه الإسلام اليوم وهو عائق قديم وليس بالجديد فقد لبس المشركون على هذه الدعوة الإسلامية لما جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام ولبس عليها أهل الكتاب ولذلك قال الله عز وجل: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ} ثم نهاهم عن التلبيس كما في قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}، وقد كان من صور التلبيس عندهم أنهم يوهمون الناس أن محمداً ليس بصادق وأنه ليس بنبي مع أنهم يعلمون أنه نبي والقصة المشهورة في حديث صفية زوج النبي عليه الصلاة والسلام وهي قصة صحيحة أن أباها وعمها لما دخل النبي عليه الصلاة والسلام المدينة فذهب إليه ونظر فيه وعلم ما جاء به ونظر في علاماته ورجع إلى صاحبه وأخذا يتحدثان فيما بينهما وهي تسمع على صغر سنها فيقول ابن الأخطب لابن عمه أهو هو يعني أهو النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقال نعم هو هو، قال فلِمَ لا نتبعه قال والله لا نتبعه أبداً، فقد كانوا يعرفون من كتابهم هذه الشريعة المباركة التي سيبعث الله عز وجل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنهم كذبوا ولبسوا على الناس دينهم وهذا التلبيس استمر في كثير من القرون فإنّ اليهود هم وراء انشاء بعض الفرق الضالة التي لبست أمر الإسلام على الناس وحوّلته إلى الخرافة والعصمة للبشر وفرقت وحدة الأمة وزرعت النزاع والخلاف في العالم الإسلامي.
* إبعاد الإسلام عن الحياة ومحاربته وتحجيمه أليس هذا من أبرز الأخطار؟
أخطر العوائق للدعوة الإسلامية اليوم هو التلبيس وهو إبعاد الإسلام من أن يكون عقيدة صيحة تنجي صاحبها في الآخرة ومن أن يكون شريعة محكمة في الأرض وإذا فرغوه من الاعتقاد الصحيح وفرغوه من الشريعة الحاكمة فإنه يصبح ديناً قاصراً وإذا اصبح ديناً قاصراً أصبح أتباعه قاصرين ضعفاء فيسهل على الأعداء التهامهم وأخذ ديارهم واحتلال مقدساتهم والعبث بمقدراتهم .. إن قوة المسلمين اليوم هو في دعوتهم الإسلامية وإن قوة دعوتهم الإسلامية وقوة علمائهم هو في إظهار الدين الصحيح والاعتقاد الصحيح والإلزام بالشريعة الحاكمة، فإذا ضعف الناس في ذلك ضعف أمرهم وتفككت تجمعاتهم وسهل على أعدائهم أن يصنعوا فيهم ماشاءوا والواقع الذي يعيشه المسلمون في العالم هو خير دليل على هذا الأمر، إذا انتقلنا إلى هذا العصر ولم نطل في الأمثلة التاريخية السابقة لهذا العصر نجد المستشرقين والمنصرين وأصحاب الأفكار التغريبية الذين يعملون في بلاد المسلمين يريدون أن يقدموا الإسلام للناس ديناً لا يحكم هذه الحياة ولا يحمل منهجاً أخلاقياً يتصرف في حياة الناس ولا ينظم أمورهم ولهذا درجت العلمانية في بلاد المسلمين على إبعاد الشريعة الإسلامية عن حكم الناس في أمور الاقتصاد والسياسة والاجتماع والأخلاق، وحوّلت ذلك إلى إطلاق الحريات الشخصية التي تمزقهم وتجعل بينهم الخلاف والنزاع وتنتشر بينهم البدع والخرافات ذلك لتوهين هذه الأمة وإضعافها.
* وماذا عن دور العلماء في ظل هذه العوائق؟
أشرنا إلى العلماء في العالم الإسلامي فإن علماء السنة هم أولى من يظهر الحق الذي أراده الله في كتابه وسنّة نبيه عليه الصلاة والسلام واسمح لي أيها الأخ أن أبين خطورة هذا العائق بهذا المثال، لو أن العلماء في العالم الإسلامي أجمعوا على تحريم الشرك والخرافة هل تتصورون أن عباد القبور يبقون عند قبورهم كما هو الشأن الآن ودعونا نصارح أنفسنا لو أنهم في كل مكان اجتمعوا وأعلنوا ووضحوا وبينوا وتكاتف العلماء في كل مكان وأظهروا السنّة في كل مكان وبينوا للعوام أن ما يُصنع من العكوف عند القبور إنما هو شرك وضلال وعبادة لغير الله لا تجوز بإجماع علماء المسلمين من الصحابة رضي الله عنهم والسلف والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم من أئمة أهل السنّة على مر العصور حتى يومنا هذا، هل ترون أن هؤلاء يعكفون على قبورهم أم يقومون عنها .. الذي أتصوره أنا أن أكثرهم سيقوم عن ذلك. فكتمان الحق من أعظم العوائق لانتشار الدعوة الإسلامية في الأرض وكذلك ما يتعلق بتحريم الربا وتحريم البغي والظلم وأمور الجاهلية الذي قال عليه الصلاة والسلام وهو في حجة الوداع وهو يودع أصحابه بعد أن ربّاهم عليه الصلاة والسلام على الإسلام قال عليه الصلاة السلام (وأمور الجاهلية كلها تحت قدمي هذه) وأمور الجاهلية من التفاخر بالأنساب والقتال على المصالح الدنيوية ومن الشعوبية وغير ذلك من الخلافات في العالم الإسلامي التي مزقت الأمة الإسلامية وايضاً أضعفت الدعوة الإسلامية .. هذه كلها من أمور الجاهلية. ومن عوائق الدعوة الإسلامية تلبيس الحق وهذا مثال ظاهر في القنوات هذا يشرق وهذا يغرب هذا يدعو للإباحية وهذا يدعو للخرافة وهذا يحرم الربا، إن كتمان الحق والتلبيس من هؤلاء الذين يتصدرون للناس جريمة كبرى لأنها تفسد على الناس دينهم وهذا كثير بل يستطيع القائل المتتبع لتاريخ الدعوة الإسلامية وتاريخ العالم الإسلامي المعاصر يستطيع أن يقول إن أكثر الضلالات والانحرافات التي دخلت العالم الاسلامي إنما دخلت بأقوال ما أنزل الله بها من سلطان مبنية على الجهل ومبنية على الأهواء والبدع والضلالات ومن عوائق الدعوة الإسلامية التي نشأت عن مثل هذا التلبيس المذاهب والانحرافات إن نشرها الكفار وهذا أمر واضح في العالم فهو من أشد العوائق أيضاً.
* وماذا عن استبدال مصطلح الأمة الإسلامية بمصطلح (الشرق الأوسط الجديد)؟
تقسيم الشرق الأوسط الجديد الآن ينطلق من هذه الحيثيات، المصلحة الأولى عندهم توسيع دولة اليهود المصلحة الثانية ضرب الفلسطينيين، المصلحة الثالثة إعادة التشكيل وإخراج طوائف تقاوم وتضعف حركة أهل السنّة فهذا من أكبر العوائق التي سيكون تفعيلها في الفترة القادمة بصورة أكبر وإلا فهي عائق تاريخي قديم، والله عز وجل قدر في حكمه وكتابه سبحانه وتعالى وفي قدره سبحانه وفي سنّته الجارية أن يبقى في الأرض أمران مقطوع بهما لا شك في ذلك الأمر الأول هو بقاء طائفة على الحق لا يضرها من خالفها إلى يوم القيامة كما حدّث بذلك النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي قائمة على الحق لا يضرهم من خالفهم إلى يوم القيامة) والسنّة الثانية هي انتصار الإسلام وانتشاره في الفترات القادمة وقتال اليهود هذه أيضاً سنّة ماضية شهد لها الأحاديث الصحيحة في سنّة النبي عليه الصلاة والسلام وهم يريدون أن يسابقوا الأحداث، لكنهم كمن يسابق الموت وهو ملاقيه والله عز وجل يقول: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} هم يريدون أن يسابقوا الأحداث لينهكوا هذه الأمة لكن أظن أن الأحداث سيكون لها آثار إيجابية على هذه الأمة (وربما صحّت الأجساد بالعلل).
* تعدُّد الفرق وانتشار الغلو وظهور التكفير أليست من أخطر العوائق ضد الإسلام؟
الافتراق عن الدين وظهور الفرق التي تدعو إلى الغلو أو التفريط من أبرز المشكلات، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الافتراق (افترقت اليهود والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) والحديث الآخر لما سؤل النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك قال عليه الصلاة والسلام لما سؤل عن الفرقة الناجية قال: (ما أنا عليه وأصحابي) يعني الذين سيكونون على الحق ولم يغيروه ويكونون على دين محمد صلى الله عليه وسلم الذي جعل هذا الإسلام عقيدة صحيحة يجتمعون عليها ويتوالون عليها وشريعة محكمة يعملون بها ويتحاكمون إليها، ولقد نبّه النبي صلى الله عليه وسلم على خطورة الفرق والأهواء لأنها تمكن في جسم الأمة من الداخل وهي تنقسم كما ذكر أهل العلم إلى قسمين قسم من هذه الفرق بسبب أهواء في داخل الأمة، وقسم في هذه الفرق من صناعة الخارج، أجندة صُنعت من الخارج هذه القضية تاريخية لا بدّ أن يقف عندها علماء المسلمين ولا بد أن يقف عندها دعاة الإسلام ولا بد أيضاً أن يدرسوا المرحلة القادمة على أساسها ما هي الفرق التي نشأت بسبب أهواء داخلية. قال أهل العلم من بعض المحققين الذي درسوا هذه الفرق الخوارج والمرجئة الخوارج بسبب الغلو والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والغلو) والمرجئة بسبب التفريط) وهؤلاء غيّروا في الإسلام وهؤلاء غيّروا الإسلام، هؤلاء حولوا الإسلام إلى دين عنف يكفرون المسلم بمجرد المعصية ويسوون بين الشرك الأكبر الذي يكفر به المسلم وبين المعصية كالزنا والسرقة وشرب الخمر هذا النوع الأول، النوع الثاني وهم المرجئة هو ردة فعل للخوارج والخوارج ردة فعل للمرجئة يعني ليس فعلاً طبيعياً في داخل الأمة يستقيم على النصوص الشرعية، وإنما هي ردة أفعال وردة الأفعال هذه توهن الأمة من الداخل وإن كان يمكن علاجها فأهل السنّة حاولوا علاج هذين الداءين الخطيرين الناشئين في داخل الأمة بسبب ضعف المسلمين. وأما الفرق التي صُنعت من الخارج كالباطنية، فقد بيّن علماء المسلمين ما تضمنته عقائدهم من الانحرافات وثبت في التاريخ أن هذه الفرق مصنعة من الخارج وأدخلت على المسلمين وليس هذا بغريب، فالعلمانية انتشرت بين المسلمين وهي ليست ديناً للمسلمين وليست شريعة لهم والمسلمون أربعة عشر قرناً لا يعرفون هذا المذهب اصلاً فهو صناعة خارجية ثم تبنّاه أبناء المسلمين، الشيوعية والإلحاد هل كان المسلمون يعرفون مذهباً اسمه الشيوعية والإلحاد لكنه أصبح يتبناه بعض أبناء المسلمين ويحكمون به ويقاتلون دونه، كذلك بعض الفرق قديماً صُنعت في الخارج وأدخلت على المسلمين وهي الأجندة التي تتحرك في التاريخ بين فترة وأخرى لتتعاون مع العدو الخارجي ضد أهل السنّة .. هذه قضايا علمية تاريخية ثابتة يشهد لها التاريخ، والسبب في هذه العوائق الداخلية كما ورد في الحديث: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنّتي) الفرق خالفت عن كتاب الله وتركت سنّة النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا تجدهم يعزلون أنفسهم عن علم الصحابة رضوان الله عليهم ودين الصحابة وعقيدة الصحابة ويتخذون مرجعيات أخرى، أما أهل السنّة فلا يفعلون ذلك، أهل السنّة عندهم دليل الإيمان وقوة الإسلام والسلامة من البدع والوضوح في الحق والثبات على المبدأ عندهم له علامة وهو الثقة بمنهج الإسلام وبالقرون الأولى واتباع سلف الأمة والعمل بمنهج الصحابة رضوان الله عليهم والتمسك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم بالكتاب والسنّة، هذا هو المعلم الصحيح للنجاة (ما أنا عليه وأصحابي) وهذا كما هو معلوم لا يمنع الأخذ بأسباب التقدم العلمي، والتطور التقني.
* تقسيم الأمة على أساس العقائد والأحكام ألا يكرس الفرقة؟
الخلاف في العقائد والأحكام والشرائع مذموم .. لماذا؟ لأنه يقسم الأمة ويكرس الفرقة وهو من أكبر العوائق للدعوة الإسلامية قال الله عز وجل: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ} أي الواضحات المحكمات .. الإسلام لا يمكن تغيره سواء من الفرق الضالة أو من المذاهب الفكرية المعاصرة سواء من الداخل أو من الخارج، ما يمكن تغيير أركان الإسلام وأركان الإيمان إن عقيدة أهل السنة مبنية والحمد لله على كلمة سواء شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقامة التوحيد وتحريم الشرك وإقامة الحق والعدل في الأرض وتحريم الإباحية وتحريم الظلم والبغي وتحريم الربا وتحريم الزنا ووجوب الولاء لله ورسوله وللمؤمنين وإقامة هذه الأمة على كلمة سواء ووجوب الاحتكام إلى شريعة الله وإقامة الحق والعدل، لا يمكن للكفار تغيير هذه المعاني الإسلامية، لكن يخالفون بين أهله ولهذا نهانا الله عن ذلك قال:{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} إذا افترق الناس عن دين الله ماذا يبقى لهم إذا افترق الناس عن السنّة المقصود بالسنّة هنا طريقة النبي عليه الصلاة والسلام وأصول أهل السنّة والجماعة إذا افترق الناس عنها إلى أين يذهبون قال الله عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}هذه الأمة بين خيارين إما أن تلزم شريعة الله وإما تتبع أهواء الذين لا يعلمون، والذين لا يعلمون اليهود والنصارى والمشركون والمنافقون وأهل الأهواء، جزماً كره من كره ورضي من رضي، فالحصن الذي تتحصن به هذه الأمة هو هذا الحق، منهج أهل السنّة وأصول أهل السنّة هي من الإجماعات الثابتة فعلماء أهل السنّة بيّنوها في كل موضع، ونحن نوصي المسلمين بها، ونقول: عليكم بها احفظوها وحفِّظوها أبناءكم واجعلوها أصولاً لكم في جميع مناهجكم، وأصول أهل السنّة هي اجماعات أهل السنّة في صفات الله وفي الإيمان به وفيما يستحقه سبحانه وتعالى من العبادة وفي إقامة التوحيد وفي تحريم الشرك والخرافة بجميع أنواعها وفي وجوب التحاكم إلى شريعة الله وغير ذلك من الأصول المعلومة من الدين بالضرورة التي سبقت الإشارة إليها، هذه أصول أهل السنّة، وفائدة الإجماع عند أهل السنّة هو أن يعلم المسلم أن هذا الأمر المجمع عليه يدل عليه نص الكتاب والسنّة وهو بيِّن واضح محكم ثابت ويدل على ذلك أيضاً أن أهل السنّة على فهم واحد في هذا الأمر، أي في العقائد والمحكمات واصول الشريعة العلمية والعملية، وهذه كما قال الإمام الشافعي في الرسالة من العلم الذي نقله عامة المسلمين عن عامتهم، من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحكونه لا يختلفون فيه ولا يتنازعون فيه، ولا يجوز فيه التنازع، ولا يجوز فيه الغلط، هكذا بين الإمام الشافعي، وهو من أئمة أهل السنّة، أن هذا من العلم الواضح، وهو من المعلوم عند عامة أهل الإسلام.
وهو معنى قول الله عز وجل: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ}، فهذه المعاني والآيات المحكمات أي الواضحات البينات هي أساس الكتاب وأصله، وعليها الاجتماع، وبها الاعتصام، وهي حجة الله على العباد، وهي العاصمة الجامعة لهذه الأمة، فيجب على المسلمين جميعا أن يعتصموا بها، ويجتمعوا عليها وينبذوا التفرق والأحزاب والشارات والأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان، قال الله تعالى بعد أن أمر بالاعتصام بالحق: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، ولا يجوز لأحد من المسلمين أن يقدم على هذه المحكمات آراء الفرق والمذاهب، كما لا يجوز له أن يوقع المسلمين في المتشابهات والفتنة والزيغ، فإن الله حرم على هذه الأمة اتباع المتشابهات، كما حرم عليها اتباع الفتن والتحزب على أسماء لم ينزل الله بها من سلطان، وأمر المسلمين باتباع شريعته والاعتصام بها، والاجتماع على اسم الإيمان والإسلام والسنّة، ولأهمية موضوع المحكمات، ولأنّه سبب رئيس لقوة الأمة واجتماعها، وبعدها عن الخلافات والنزاعات وسلامتها من الفتن، ولتحقيق معنى الاعتصام بالإسلام والاجتماع عليه، فقد بينا معنى المحكمات وخصائصها في كتاب الله، وسنّة رسوله عليه الصلاة والسلام وكما بيّنها أهل العلم من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين وأئمة أهل السنّة من بعدهم من المفسرين والفقهاء والأصوليين، وذلك في كتاب عنوانه: (المحكمات في الشريعة الإسلامية وأثرها في وحدة الأمة وحفظ المجتمع)، وقد وجدنا لذلك قبولاً والحمد لله، والفضل والمنّة له سبحانه، وما توفيقي إلا بالله، وسندعم هذا المنهج بكتب تجدده وتدعمه، وندعو علماء المسلمين ودعاتهم وأهل الفكر والأدب والإعلام والمشاركين في بناء المجتمع إلى العناية بهذا الموضوع، والمشاركة في التوعية به، من خلال البحوث العلمية والمقالات الصحفية، والمحاضرات، والندوات، والدورات العلمية، والجامعات والمساجد، وسائر مؤسسات المجتمع، وكذلك في الصحافة والقنوات ومواقع الانترنت.
* الرأي والرأي الآخر هل يكون في أحكام الإسلام؟
الرأي والرأي الآخر لا يقع في أمور الإجماعات والأساسيات والمحكمات فهذا لم يقل به عالم من علماء الإسلام، بل إنما يتكلم به الجهال وبدون أن يجعلوا الرأي والرأي الآخر في كل مجال من اصول العقائد، وأصول أهل السنّة، وأركان الإسلام، وأركان الإيمان، وتحريم الحرام المعلوم وتحليل الحلال المعلوم واجتماع الأمة والاعتصام على شريعة الله والتحاكم إليه والولاء لله ولرسوله وبغض الكفار والبدع والخرافات وتحريم الإباحية والظلم والبغي والشرك والخرافة، ثم ما يتعلق بواجبات الإسلام من بر الوالدين والصلة والعفاف وغير ذلك، هذا ليس مجالاً للرأي ولا الرأي الآخر، بل هو دين الله المعلوم، وقد سبق ذكر كلام الشافعي المطلبي وهو من كبار علماء المسلمين الذين دافعوا عن السنّة لما خرجت العوائق الداخلية ونشأت الفرق وانتشرت الأهواء فهذا يرد الأحاديث وهذا يزعم أنه له رأي وهذا يقول بالرأي المذموم وهذا يرد السنن كما يصنع بعض الكتّاب اليوم في الصحافة في كثير من الصحف وكثير من القنوات، قال الإمام الشافعي المطلبي في كتابه الرسالة، ومن أحسن ما قاله في هذا الكتاب قوله رحمه الله بعد أن ذكر المحكمات البينات الواضحات من أمر الإسلام كتحريم الزنا والربا والأمر بالصلاة وبعض أركان الإيمان وتحريم الشرك والخمر والميسر وغير ذلك ثم قال: وما إلى ذلك من الأمور المعلومة، وهذا الأمر اي العلم العام يتناقله عوام أهل الإسلام عن عوامهم، عن صحابة رسول الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتنازعون فيه ولا يختلفون فيه بل هو من العلم الواضح البين عندهم يحكونه لا يختلفون فيه، فهذا لا مجال فيه للرأي ولا للرأي الآخر، وننبه هنا على أن من يزعم أن قول أهل السنة أحادي وأنهم يريدون أن يحكموا الناس بآرائهم الأحادية نقول هذا ليس رأياً أحادياً بل هو دين وشرع أجمع عليه المسلمون ومن شذ شذ في النار هذا ليس رأياً أحادياً، إذا تبين هذا الموضوع كما ذكر الإمام الشافعي أن أصول أهل السنّة وعلم أهل السنّة لهذه المحكمات البينات الواضحات، لا يسوغ فيه الاختلاف ولا يجوز بل المسلمون منهيون عن ذلك فقد نهى الله عز وجل المسلمين عن ذلك أشد النهي فكما نهى الله عن الشرك نهى عن الاختلاف والتنازع في الدين وكما أمر الله عز وجل بالتوحيد أمر بالاعتصام بكتابه وسنّة نبيه عليه الصلاة والسلام.
وهذا لا يسمح بالتنازل فيه بحال ولا يقبل الخلاف به بحال، وأن من الأهداف التي وضعها الكفار اليوم تغيير الإسلام حتى لا يكون عقيدة صحيحة فيترك الناس عقيدة أهل السنّة ويذهبون لعقيدة الأهواء والبدع والطوائف .. يتركون وسطية أهل السنّة ويذهبون للغلو والتفريط والأهواء، يتركون شريعة الله ويذهبون للعلمانية .
هكذا يريد أعداء الإسلام منا نحن المسلمين ويأتي بعض هؤلاء المخالفين ويقول يا أخي الرأي والرأي الآخر، ونقول ما هي حدود الرأي والرأي الآخر إذا كان هؤلاء الذين يدعون للرأي والرأي الآخر سيلتزمون بهذه المحكمات وبهذه المقاصد العظيمة، المجمع عليها للدعوة الإسلامية فلا عليهم بعد ذلك أن يختلفوا في بعض الجزئيات وهذا الاختلاف موجود في كتب الفقه، لكن الذي يراد من الرأي والرأي الآخر شيء غير ذلك مناقشة قضايا الإسلام الأساسية وتحويل الإسلام إلى وجه نظر كما تصنع كثير من القنوات الفضائية، ويصنع كثير من الكتّاب، وتقديم المذاهب الفكرية، وأفكار الفرق الضالة والقوانين الوضعية بديلاً عن شريعة الله عز وجل وذلك يؤدي إلى تمزيق الأمة من داخلها، وتغيير ثوابتها ومحكماتها.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved