Al Jazirah NewsPaper Saturday  02/12/2006G Issue 12483الرأيالسبت 11 ذو القعدة 1427 هـ  02 ديسمبر2006 م   العدد  12483
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

المجتمـع

فـن

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

السرقة:أسباب الغواية.. وسبل الوقاية
د. عبدالله بن برجس الدوسري /عضو مجلس الشورى

لو كنت أذكى الأذكياء؛ وأحذر الناس فلن تسلم اليوم من احتيال محتال؛ أو نشال أو لص أو خائن؛ سواء في بيتك أو عملك، أو سيارتك أو متجرك؛ وحتى مكتبك ومزرعتك. بل سُرق المصلون على أبواب المساجد! والمصابون في المقار على شفير القبر، والراكعون الساجدون الطائفون في المسجد الحرام وفي المشاعر المقدسة؛ فهؤلاء اللصوص لا يقيمون حرمة لزمان أو مكان فالكل عندهم حمى مباح وكسب مشروع في شريعتهم الحمرابية، وكانوا فيما مضى يفضلون ما خف وزنه وغلا ثمنه؛ أما اليوم فيسرقون ويأخذون كل شيء ولو ثقل وزنه: فالمهم أن يجدوا من يبتاعه منهم؛ وإنهم لواجدون. بل وصل الحال إلى ما هو أعظم وأنكى إنها سرقة بيوت الله لما تحويه من أجهزة صوت وتكييف، بل عظم الخطيب واستفحل الأمر إلى سرقة الناس، الناس يسرقون!! نعم، خُطف الأطفال عند أبواب بيوتهم وهم يلهون ويلعبون، وتأمل أخي القارئ الكريم تلك الحادثة فقد قام أحد أولئك الجبناء بالسطو على أحد المقابر ليلاً بعد دفن جثمان أحد الموسرين فنبش القبر حتى وصل إلى الجثة ثم قام بأخذ بصمات من الميت على بعض المستندات التي يزعم بأنها تثبت حقاً لذلك اللص الحقير!!
ومن يجرؤ على تلك والجرائم إلا من نزعت الرحمة من قلبه وصغرت هيبة الخالق من نفسه؟
هل أولئك هم أرباب المخدرات وتجارها؟ وافدون مخالفون لأنظمة الإقامة والعمل؟ أم شباب عاطلون يترصدون بالمواطن ويزعزعون الأمن؟ وقد يقول قائل - لا يعلم ما يدور ويحصل في المجتمع -: إنها ممارسات متفرقة وتجاوزات محدودة والحقيقة أن ما حصل اليوم هو ظاهرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى؛ وعند جهينة الخبر اليقين، فإنك لا تكاد تجلس مجلساً أو تحضر تجمعاً أو تذهب لمخفر شرطة إلا وترى أنواع القضايا والحوادث المتعلقة بالسرقة والسطو والخطف.
وحسب ما نشرته إحدى الصحف السعودية مطلع هذا الشهر في إحصائية للأمن العام السعودي لعام 205م تفيد بارتفاع عدد الجرائم في السعودية ليصل إلى نحو (90) ألف جريمة جنائية تتصدر حالات السرقة تلك الجرائم بواقع (43489) حالة أرأيت أخي القارئ هول الفاجعة وحجم الخطر؟
وبعد هذا فسأحاول عبر تلك المقالة التي آمل أن تصل إلى أذن وقلب كل مسؤول أن اتحسس الداء، ومكمن المشكلة ومنبع الجريمة، ثم أطرح الحلول الناجعة - بإذن الله -.
فيا ترى هل القصور من الأنظمة والتشريعات؟ وهنا أستدرك وأقول: معاذ الله! فالتشريع المحكوم به سماوي من رب البشر الذي هو أعلم بما يصلحهم ويصلح شأنهم، يقول الباري - جل وعلا - في محكم التنزيل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، وقد أمر الرسول الكريم (عليه الصلاة والسلام) بقطع يد المرأة المخزومية التي سرقت مع أن قريشاً قد أهمهم أمرها - كونها منهم ومن أشرافهم - فقام فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم خطيباً فقال: (أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) رواه مسلم.
وانظر إلى النتيجة مع كونها مرة وقاسية: قال عروة: قالت عائشة: (فحسنت توبتها بعد، وتزوجت، وكانت تأتينا بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه مسلم.
وكما هو معلوم فإن قطع اليد لا يكون إلا في السرقة؛ لأنه يندر إقامة البينة عليها؛ فاشتدت عقوبتها، ليكون أبلغ في الزجر عنها، وأما الاختلاس والانتهاب والغصب ففيه التعزير كما يراه الإمام رادعاً لهم ولغيرهم.
تلك هي التشريعات المنصوص على الحكم بها في المملكة، وقد جاءت فيها العقوبة مغلظة ومنكلة لمن يعتدي على أموال غيره.
لكن ماذا عن التطبيق لتلك الأنظمة والتشريعات. هل هناك صرامة ووضوح في آلية التطبيق؟ إذ العبرة ليست بقوة النظام فحسب، بقدر ما هي بالحزم والقوة في تطبيقه فنظام بلا تطبيق كجسد بلا روح. وقد جاء في السنة المطهرة الحث والترغيب في إقامة الحدود فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حدٌ يعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا ثلاثين صباحاً) وفي لفظ (أربعين) رواه النسائي وابن ماجة وحسنه الألباني.
وللأمانة فإن ما اعقده ولا أعلم غيره أن الحدود في بلادنا قائمة - ولله الحمد - لكن ربما أن هناك خللاً في آلية التطبيق وطريقة التنفيذ؛ وذلك كعدم الإعلان: وأعين بذلك أن الحدود إذا أقيمت فينبغي إعلانها وإظهارها للعامة؛ فكما نسمع عن تنفيذ القصاص واشهاره؛ فلماذا لا يشهر تطبيق الحدود؟ خاصة وأن لذلك مستند شرعي في - قوله تعالى -: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}. ولا ينبغي هنا أن نلتفت للناعقين ممن يقولون: (إن عقوبة القطع لا تتفق مع ما وصلت الإنسانية والمدنية في عصرنا الحاضر فهل يعني هذا أن نقابل السارق بالمكافأة على جريمته، وأن نشجعه على السير في غوايته، وأن نعيش في خوف واضطراب، وأن نكد ونشقى ليستولي على أموالنا اللصوص والعاطلون؟!
يقول عبدالقادر عوده في كتابه التشريع الجنائي الإسلامي: (وتجعل القوانين الحبس عقوبة السرقة! وهي عقوبة قد أخفقت في محاربة الجريمة على العموم، والسرقة على الخصوص، والعلة في هذا الإخفاق أن عقوبة الحبس لا تحول بين السارق وبين الفعل إلا مدة الحبس، وما حاجته إلى الكسب في المحبس وهو موفر الطلبات مكفي الحاجات فإذا خرج من محبسه كان لديه أوسع الفرص لكي يزيد من كسبه وينمي ثروته من طريق الحلال والحرام على السواء، واستطاع أن يخدع الناس، وأن يظهر أمامهم بمظهر الشريف فيأمنوا جانبه، أما عقوبة القطع فتحول بين السارق وبين ذلك، فلن يستطيع أن يخدع الناس أو يجبرهم على الثقة به رجل يحلم إثر الجريمة في جسمه وتعلن يده المقطوعة عن سوابقه).
والواقع يشهد أن عقوبة القطع لم تطبق في خلال نحو قرن من الزمان في صدر الإسلام إلا في نزر قليل؛ لأن المجتمع بتشريعه والعقوبة بشدتها والضمانات بكفايتها لم تنتج إلا هذا العدد البسيط.
إذاً أين تكمن المشكلة؟ وأين منبع الخلل؟ هل يا ترى هناك تقصير في الجانب الأمني؟ هل يوجد تراخي في تتبع عصابات الإجرام والكشف عنهم؟ تشير عدد من الدراسات بأن نعم هذا سبب لتفشي السرقة في المجتمع، فرجال الأمن شغلوا إبان الفترة السابقة بتتبع جذور الإرهاب وملاحقة فلول الإرهابيين، وهذا بدوره انعكس سلباً ليس على فشو السرقة فحسب؛ بل على انتشار المخدرات والجرائم الأخلاقية بأنواعها، وكما في المثل: مصائب قوم عند قوم فوائد.
والحقيقة: أنه ما كان ينبغي بأي حال من الأحوال أن يجد أولئك المجرمون أدنى فرصة للعبث بأموال المواطنين وممتلكاتهم، وأخشى ما أخشاه ويخشاه كل غيور أن تنمو عصابات المخدرات والسرقات على حين غفلة منا؛ فيعيثوا في الأرض فسادا كما تمت وعاثت فلول الإرهاب في بلادنا، أو تتكون عصابات إجرامية ذات أعمل منظمة ومخططة على غرار عصابات المافيا ونحوها.
وهنا تتأكد أهمية وأد الجريمة في مهدها ومحاصرتها في دائرتها الضيقة، ليس من الناحية الأمنية، فقط بل يتحتم معالجة الظاهرة من جميع النواحي الاجتماعية والتربوية والثقافية والمسلكية.
ولا يخفى على متابع للأحداث أن مما سعد على فشو وتنامي السرقات في المجتمع ظاهرة البطالة خاصة بين فئة الشباب، يساعدها استمرار فتح المحلات التجارية الخدمية لساعات متأخرة من الليل، مع ضعف دور رعاية الشباب في اجتذاب الشباب.
ما وسائل الوقاية والعلاج فتتمثل فيما يلي:
1 - قيام دراسات بحثية وميدانية معمقة لتشخيص الأسباب والدواعي ومن ثم الحلول؛ وذلك عن طريق مجلس الشورى، وكلية الملك فهد الأمنية، والجامعات وذلك بالتعاون مع إدارات السجون.
2 - النظر بجدية في ضرورة اختراق الأحياء العشوائية وبالأخص في الرياض ومكة وجدة؛ فقد أضحت محضناً ومنبعا ثم مأوى لكل لص وخائن.
3 - تغليظ العقوبة على كل من ثبتت عليه، والحزم في ذلك، ورفض المحسوبيات والشفاعة السيئة.
4 - اقامة الحد الشرعي عند ثبوته، واستيفاء شروطه، واشهاره وأظهاره في وسائل الإعلام كالقصاص؛ فكما أن القتل اعتداء على الأنفس المحترمة فالسرقة اعتداء على الأموال والممتلكات المحترمة، وليس بالضرورة أن يُصرَّح باسم السارق وإنما يكتفي بالإعلان العام.
5 - تفعيل دور الإعلام بشتى وسائله في التحصين من الوقوع في شرك الجريمة، وكذا دور أئمة وخطباء الجوامع في تقوية الوازع الديني، وغرس مراقبة الخالق - جل شأنه - قبل مراقبة اخلق في النفوس، وكذا بث روح الاعتماد على النفس وحب العمل.
6 - التوعية بأهمية الأخذ بوسائل السلامة والحيطة - أجهزة التنبيه والإنذار ضد السرقة - فالمواطن في أمس الحاجة للتبصير بتلك الاحتياطات الأمنية عند مغادرته لمنزله أو مقر عمله، كما يتأكد على وزارة التجارة والصناعة توفير تلك الأجهزة بأسعار تشجيعية للمواطنين.
(والسعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه) والله ولي التوفيق.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved