Al Jazirah NewsPaper Wednesday  06/12/2006G Issue 12487محليــاتالاربعاء 15 ذو القعدة 1427 هـ  06 ديسمبر2006 م   العدد  12487
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

زمان الجزيرة

الأخيــرة

أنت
المساواة
م. عبد المحسن بن عبد الله الماضي

الأصل أن الإنسان يولد حراً طليقاً.. ولكن الإنسان انحرف بهذا الأصل منذ اليوم الأول، فجار على حقوق أخيه في سكنى الأرض.. ووصل به الجور على حقوق أخيه أن أزهق روحه، وهي أكبر جريمة يمكن أن يرتكبها الإنسان في الدنيا.. وكانت بدايةً للإخلال بمبدأ المساواة أو إن شئنا الدقة بفطرة المساواة.. فالإنسان يولد حراً حرية مقنّنة لا تجور على حريات الآخرين.. ولكنه انحرف بهذه الحرية فأزهق الروح التي حرم الله، واستعبد أخاه الإنسان، فانعدمت فطرة المساواة التي أودعها الله في البشر.
لقد كانت دولة المدينة في أثينا رمزاً للديمقراطية الحقة.. ولكنها كانت مثالاً صارخاً في إهدار قيم أعلى من الديمقراطية كالمساواة.. فالعبيد وحدهم يقومون بكافة الأعمال من إصلاح الأرض وزراعتها وجني المحصول وتربية الدواب وصناعة الطعام ونظافة البيوت وشوارع المدينة.. أما الأحرار - وهم أقلية - فيتفرغون لممارسة الحقوق السياسية.
والطبقية دائماً تنطوي على عدم المساواة.. فطبقة النبلاء في فرنسا عند قيام الثورة الفرنسية كانت تمثل مع طبقة الأكليروس (أو طبقة رجال الدين) رأس المجتمع الفرنسي.. وكان لطبقة النبلاء (البارونات) العديد من المزايا الاقتصادية والضرائبية والحقوق الشرفية؛ مثل حمل السيف وتخصيص مقعد خاص في الكنيسة وقطع الرأس في حالة الإعدام بدلاً من الشنق.. ولهم حق الصيد وحق احتكار الرتب العالية في الجيش والرتب المهمة في الكنيسة؛ حيث كان الأكليروس على طبقتين أيضاً: النبلاء وهم أصحاب المناصب العالية، والعامة وهم أصحاب المناصب الدنيا.
ومع ازدهار التجارة في القرون الوسطى ظهرت طبقة التجار حتى بلغت أوج فعاليتها إبان الثورة وتسمّت باسم الطبقة البورجوازية.. وهم أصحاب المهن والأعمال والتجارة وأصحاب البنوك ومتعهدو الضرائب.. وكان الكبار منهم يطمحون إلى الدخول في طبقة النبلاء بشراء وظيفة أو رتبة شرفية.
وعلى رغم تعدُّد الأديان السماوية والأنبياء والرسل فإن أحداً من الأديان لم يُشِرْ إلى المساواة بالمنظور العالمي غير الإسلام.. ولهذا أيضاً ما يبرّره.. فكل الرسل جاؤوا برسالة إلى قومهم دون أن تتجاوزهم إلى من سواهم من البشر.. وربما بُعث رسولان إلى أمتين مختلفتين في آنٍ واحد؛ كبعثة أبينا إبراهيم وبعثة لوط عليهما السلام.. لكن رسالة المسيح كانت أكثر ميلاً للتأكيد على المعاني النبيلة المحبة للسلام والإخاء تمهيداً للرسالة العالمية التي ختمت الرسالات والرسل، وأعلنت حقوق الإنسان قبل الثورة الفرنسية وقبل إعلان لائحة حقوق الإنسان (المغناكارت) بأكثر من ألف سنة.. فالرسول الكريم يقول في حديث صحيح: (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى)، ويقول: (الناس سواسية كأسنان المشط).. فأيّ نموذج في المساواة هذا الذي جعل الناس كأسنان المشط ليس فيه أي تقدُّم أو بروز؟! وأيّ نموذج هذا الذي جعل بلالاً الحبشي وسلمان الفارسي وصهيباً الرومي - وكلهم من العبيد - على درجة واحدة مع أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ صفوة قريش وخير رجالها وخلفاء رسول الله من بعده؟! وكيف يعتق أبو بكر بلالاً من ماله ليصبح معه في نفس المرتبة؟!
لقد كانت المساواة التي أرسى دعائمها الإسلام في أنفس المسلمين أولاً وفي سلوكهم ثانياً دافعاً لأبي ذر الغفاري - الصحابي الجليل المقرّب من نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم - أن يضع خدّه على تراب الأرض ويطلب من بلال أن يطأه بنعاله ملتمساً منه الصفح ومن الله ورسوله العفو؛ لأنه عيَّر بلالاً بقوله: (يا ابن السوداء)، فكان الجزاء الأول أن كلّمه الرسول فقال: (إنك امرؤ فيك جاهلية)، وكان الجزاء الثاني صادراً من الصحابي نفسه الذي لزم الرسول وحضر معه كافة المشاهد؛ حيث لم يتكبَّر عن أن يضع خده على التراب وأن يطلب من بلال أن يطأه بالقدم.
لقد كانت الرسالة المحمدية رسالة إتمام مكارم الأخلاق.. ومن مكارم الأخلاق فطرة المساواة والعدل وإعانة الضعيف والمحتاج وإغاثة الملهوف وإفشاء السلام والعديد من الأخلاق الكريمة التي اتصف بها النبي واتصف بها أصحابه، وحضّ على جعلها محور حياة الإنسان المسلم، فمنعه من ظلم أخيه؛ فالظلم يعني افتئات الإنسان على أخيه، ويعني بالتالي إهدار مبدأ المساواة.
إن مبدأ المساواة أحد أهم المبادئ الإنسانية.. ويعود عدم إحساسنا بأهمية المساواة كمبدأ إلى أننا عشنا ونعيش المساواة واقعاً ولا نشعر بالتمييز العرقي ولا بالطبقية التي هي بداية الإخلال بمبدأ المساواة، وإن لم يخْلُ الأمر أحياناً من بعض بوادر الجاهلية التي قد يقع فيها بعض أبناء مجتمعنا في تصنيف الآخرين.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved