Al Jazirah NewsPaper Wednesday  27/12/2006G Issue 12508محليــاتالاربعاء 07 ذو الحجة 1427 هـ  27 ديسمبر2006 م   العدد  12508
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

المجتمـع

فـن

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

تغطية خاصة

الرأي

الركن الخامس

عزيزتـي الجزيرة

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

يارا
أمجاد يا عرب أمجاد
عبدالله بن بخيت

كان الأفضل أن أؤجِّل كتابة موضوع اليوم؛ فليس من عادتي أن أستلم موضوعاً واحداً أو جهة واحدة بشكل متتالٍ، على سبيل المثال كان واجبي يملي عليَّ أن أكتب عن جمال النساء التركيات، ولكني أجَّلت ذلك لأني كتبت عن جمال البولنديات. ليس من المعقول أن أحط الخير على البركة بشكل يصعب هضمه أو تصديقه، اضطررت أن أبقى في تركيا يومين بسب مشكلات الحجوزات، الأمر الذي أتاح لي فرصة الاطلاع عن كثب على واحدة من أهم الموضوعات التي تهم القراء الكرام في هذا الشتاء المتشوِّق للدفء الإنساني. التزاماً بهذا المبدأ؛ مبدأ التفريق بين الموضوعات، فكَّرت في تأجيل الكتابة عن موضوع يتعلق بوزارة الثقافة والإعلام. يوم أمس الأول كتبت عن تاريخ الرقابة على الكتب: كيف بدأت، وعلى أيّ الأسس بُنيت، وإلى أين يمكن أن تقودنا. أما موضوع اليوم فأقرب ما يمكن أن أصفه به هو أنه موضوع عاطفي يتعلق بالأحلام المؤجلة التي تتحجر في القلب؛ كأن يبقى حلمك بالزواج من امرأة على رغم أنها ماتت. ذكَّرني الأسبوع الثقافي السعودي الذي أقامته وزارة الثقافة والإعلام في مصر بقصة الحلم القديم.
في سنوات السبعينيات من القرن الماضي سافر شاب سعودي إلى مدينة عربية قصيَّة، التقى فيها بشابة جميلة تعمل في مطعم سياحي، أخذ يتردد على المطعم حتى تعرف إليها وعرَّفها بنفسه، تكشفت البنت عن شخصية مهذَّبة ومستقيمة. هذا ما كان يرجوه في قرارة نفسه، لقد ملَّ مشروعات الحب السريعة والحب مدفوع الأجر. جاءت الفتاة التي يمكن أن تشكل له منعطفاً على طريق القلب. عاد إلى الرياض محمَّلاً بذكرى لا تُنسى، وبعد ثلاثة أشهر سافر مرة أخرى إلى تلك المدينة فالتقى بالفتاة مرة أخرى، اقترب منها أكثر واقتربت منه، شعر أن حياته ارتبطت بها، تغيَّرت نظرته للمدينة، أصبح يحبها، صارت أسواقها وشوارعها جزءاً من حياته الشخصية، قرَّر أخيراً أن يشتري شقة تربطه بها، يكون له فيها بيت ومأوى، إنها مدينة قلبه. لا تكفي قدراته المالية لشراء شقة في المكان الذي يليق به، أجَّل مشروع الشراء حتى يؤمِّن المبلغ المطلوب، ذهبت به الأيام بعيداً وما زالت البنت في قلبه، بلغ عمره الثلاثين فاضطرَّ أن يتزوج كما تريد له أمه. بعد سنة ونصف السنة أنجب أول أطفاله، ثم ترقَّى في منصبه. بعد سنوات قليلة سافر مرة أخرى إلى تلك المدينة، زار المطعم، كان كل شيء في مكانه باستثناء الفتاة. لم يجرؤ عن السؤال عنها، زار المطعم مرة أخرى وثانية وثالثة، تأكَّد أنها لم تعُدْ تعمل، اضطرَّ أخيراً أن يسأل إحدى الجرسونات الجديدات عنها، فوجئ أنها لا تعرفها، أكيد أنها تركت المطعم منذ أكثر من سنتين. شعر بالأسى وحمَّل نفسه مسؤولية اختفاءها، اعتصره الألم، لم يكن يعرف كيف يردّ على رسائلها البريدية. منذ ذلك الحين لم يسافر إلى تلك المدينة، لكن مشروع الشقة بقي في ذاكرته، كان يسمع الأخبار ويتابع التطورات ويراقب تغيُّرات العالم، حتى جاء اليوم الذي قرَّر أن يسافر فيه ليحسم أمر الشقة. وجد مدينة أخرى، شوارعها باهتة، ناسها غير مبالين. اهتزت الذكريات، كل الناس الذين يتعامل معهم ولدوا بعد آخر زيارة له، لم يَبْقَ من حبيبة قلبه سوى الشوارع والعمائر القديمة المهترئة. تردَّد قبل أن يذهب إلى مطعم حبيبة قلبه، وجد ما كان يتوقَّعه، لم يعد المطعم موجوداً، لقد هدمت العمارة التي كان تحتها. دخل محل مجوهرات، وهو أقرب مكان يمكن أن يقع فيه المطعم، شاهد مجموعة من الفتيات في ملابس أنيقة، سأل أسئلة خفيفة عن الأسعار، تفحَّص وجوههن، حاول أن يتخيَّل أين كانت تقع الطاولة التي جلس عليها أول مرة التقى فيها بحبيبته. بحلم خاطف سريع أخذ واحدة من تلك الفتيات وأجلسها على نفس الطاولة التي شهدت ميلاد حبه قبل أكثر من ثلاثين سنة، اكتشف سخف أحلامه، لقد مضى الشيء الذي لا يعود أبداً؛ أي شقة يشتري في زمن لم يعد زمانه.
تذكَّرت هذه القصة وأنا أتابع أخبار الوفد السعودي الذي أقام أسبوعاً ثقافياً في مصر قبل عدة أسابيع. عندما قرأت الأسماء التي شاركت عرفت أن المسألة تتعلق بالأحلام المتحجرة في القلب بمصر عبد الناصر وأم كلثوم والأمة العربية، البحث عن أهداف الشباب المؤجَّلة، بعضهم درس في القاهرة، والبعض الآخر امتلأت ذاكرتهم بكلبات من الأفلام المصرية وطالما حلم أن يسمع فتاة مصرية تشبه سعاد حسني تناديه: يا واد يا تقيل، وأن يجلس في مقهى ريش وجروبي، وأن يجلس مع المثقفين المصريين، ماذا بقي من مصر الستينيات، هذا ما تقرِّره الذكريات المهترئة، والله المستعان.

yara4u2@hotmail.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved