Al Jazirah NewsPaper Tuesday  01/01/2007 G Issue 12513
مقـالات
الثلاثاء 20 ذو الحجة 1427   العدد  12513
هل المجتمع الدولي مولع بعيون السودانيين؟؟
ندى الفايز

إقليم دارفور بالسودان الذي أصبح منذ بضع سنوات محط اهتمام وسائل الإعلام العالمية، بعد التصعيد الدولي على قضايا ذلك الاقليم، الذي ما كان المجتمع الدولي لينظر في وجوه السودانيين حتى ينظر بعيون سكانه، لو لم تكن دارفور غنية بالنفط وكذلك باليورانيوم الذي تؤكد الدراسات والاكتشافات وجوده في عطبرون بدارفور وبالتأكيد فإن تحركات المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة لم تكن بسبب أنهم كانوا مولعين بعيون سكان دارفور السوداء وغير الكحيلة، بل بسبب الثروات اليورانيومية التي اكتشفت وليتها كما يقول حال اخواننا السودانيين لم تُكتشف، خاصة وان تدخل المنظمات الدولية ساهم في تدهور الأوضاع بالسودان، وذلك من وجهة نظر أهلها، نتيجة قرارات المجتمع الدولي الخاطئة التي ساهمت في اذكاء الفتنة والصراع، خاصة مع تصوير المشكلة في دارفور على أنها بسبب انحياز الحكومة إلى جانب القبائل ذات الأصول العربية ضد القبائل ذات الأصول الافريقية، الأمر الذي يهدف إلى اشعال الصراع والتناحر بين الفصائل والمذاهب السودانية.

السودان ابتلي بمصائب شتى، منها المجاعات والفقر والتنازع القبلي والعرقي والمذهبي، ولم تفكر الدول العظمى ولا الأمم المتحدة بما في ذلك مجلس الأمن الدولي بالتباحث حول دارفور السودانية، أو غيرها في أوقات الأزمات التي لحقت بالأشقاء السودانيين، فلماذا أصبح اقليم دارفور بالسودان يتصدر الأخبار العالمية في هذا الوقت، بينما لم تتصدر أخبار الفقر والمجاعة التي مرت على السودان بل على القارة الافريقية، ولو في زاوية بتلك الصحف العالمية، ولم يتدخل المجتمع الدولي بالسودان أو بغيرها من الدول الافريقية في ظروف أكثر الحاحاً وشدة من تلك التي دفعت مجلس الأمن إلى إصدار قراره رقم 1706؟ الذي أرى انه يراد به إلغاء دور الحكومة الحالية في السودان وتشكيل حكومة أخرى بوصاية من الأمم المتحدة على السودان كلها وليس فقط في دارفور، ولو حدث هذا فإنه في حقيقته مشروع لإعادة استعمار السودان وتفتيته إلى كيانات وفق الرؤية التي تخدم المصالح الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك تحويل موارد دارفور إلى خارج الدولة، الأمر الذي يرفضه الشارع السوداني بكافة أطيافه، مثلما يرفض تقسيم السودان، بجانب ان بعض القبائل ذات الأصول الافريقية بزعامتها وأفرادها والتي حاول المجتمع الدولي التدخل لصالحها رفضت ذلك التدخل الأجنبي والدولي رفضاً قاطعاً.

ويرجع تاريخ الولايات المتحدة بالسودان وعلاقته إلى تاريخ محاولة الشركات الأمريكية النفطية في التسعينيات للعمل بداخل السودان، حيث أصدرت السودان حينها قرارات تحظر عمل الشركات الأجنبية قاطبة خاصة الأمريكية منها، رغم ان السودانيين أنفسهم كانوا يعرفون انهم لن يستطيعوا اخراج النفط إلا عبر تقنية ومساعدة غربية، ومع ذلك رفضوا تلك التقنيات الغربية التي سوف تبتلع خيرات السودان قبل ان تستخرجها لهم -وذلك بحسب وجهة نظرهم-.

لكن الصين التي بدأت تتصرف وتتحرك كدولة عظمى في السنوات الأخيرة، عرفت من أين تؤكل الكتف في السودان، وكيف تجد بها موطئ قدم في القارة الافريقية، وخاصة الدول الواعدة اقتصاديا حيث حققت بكين الصينية حلمها بالقارة الافريقية عندما تعاونت مع دول المجموعة الافريقية بشروط وضعها الافارقة بعناية وبشكل يضمن مصالحهم قبل مصالح الدول الأجنبية بالقارة السمراء، أما الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تغفر للصين ذلك التدخل بالقارة الافريقية واللعب من خلف ظهرها، عادت هذه المرة للقارة الافريقية وللسودان تحديدا بحجة احلال السلام وفض منازعات الاقليات، فروّجت بعد صدمة أحداث سبتمبر 2001 لمعلومات عن امكانية حصول بعض الارهابيين على أسلحة نووية، وذلك عبر طرح إمكانية استيلائهم على اليورانيوم الموجود في دارفور حيث تحاول الولايات المتحدة إثارة المجتمع الدولي بالقول بأنه في طريقه إلى أيدي الارهابيين، وعليه سارع المجتمع الدولي بالتحرك كعادته دون تفكير تحت غطاء قوات حفظ السلام وضرورة فرض قوات عسكرية دولية للسيطرة على التناحر بين الاقليات بالقارة الافريقية، على ان المجتمع الدولي لن يتمكن من فرض السيطرة على الافارقة لأن تركيبة القبائل العربية والافريقية، مسلمة كانت أم مسيحية، ترفض رفضاً قاطعاً تدخل الغرباء بينهم، حتى تحت حجج مبالغ فيها، بل مثيرة للضحك مثل ان الارهابيين يسعون للحصول على اليورانيوم الموجود في دارفور، وكأن اليورانيوم سلعة يمكن شراؤها من الأسواق الافريقية أو تباع على أرصفة الطرقات في دارفور أو غيرها من مدن القارة السمراء.

nada@journalist.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد