Al Jazirah NewsPaper Tuesday  05/01/2007 G Issue 12517
مقـالات
الثلاثاء 20 ذو الحجة 1427   العدد  12517
عدنان ولينا.. بين الأمس واليوم
ندى الفايز

تلقيت العديد من الرسائل والتعقيبات الإلكترونية حول المقال الذي نشر تحت عنوان (ومتى.. تفيق الإدارة الأمريكية من غفوتها؟) في أول يوم من أيام عيد الأضحى المبارك، أعاده الله على كافة المسلمين في بقاع المعمورة بالخير واليمن والبركات، وكانت مقدمة المقال قد تناولت حلقات مسلسل الأطفال العربي عدنان ولينا الذي كنّا نتابع مجريات أحداثه ونحن أطفال صغار ونطرح على والدينا أسئلة كانت تبدو في تلك الفترة طفولية وربما ساذجة عن حقيقة وجود أسلحة الدمار الشامل والقنابل النووية، وكيف أن تلك الأحداث ما زلت عالقة بذاكرتي خاصة مقدمة المسلسل التي تشير بالنص إلى أنه في عام 2008م سوف تعم الفوضى في العالم ويحل الدمار والخراب بكوكب الأرض، وغيرها من الأحداث التي كان المسلسل الكرتوني يصورها ابتداء من الدمار الشامل الذي سيحدث للأرض وسيل القنابل التي سوف تنطلق وكأنها حروب نووية والتي انتهت بوصول لينا وعدنان إلى أرض السعادة كما سميت في المسلسل!!

وذكرت كيف كان ذلك وقتها بالنسبة لي ولبقية الأطفال أمراً مستغرباً يجعلنا نحدق النظر في شاشة التلفزيون، مندهشين وغير مصدقين على الإطلاق ما يعرض أمامنا من خراب ودمار وننتظر بفارغ الصبر ما سوف يكشف عنه المسلسل في حلقات اليوم التالي وهكذا حتى نهاية الحلقات، خاصة دور المدعو علام الشرير صاحب القلعة الكبيرة والذي يملك العديد من القوات والجنود والذي يريد عبرهم التحكم في دول العالم، وكذلك دور البطلة لينا وصديقيها عدنان وعبسي وترديد مصطلحات قوى الخير والشر في مجريات الأحداث والتي حدد عام 2008م فيها وقيام حرب عالمية واستخدام أسلحة الدمار الشامل التي كان الحديث عنها بذلك الوقت ضرباً من ضروب الخيال عند الأطفال، الأمر الذي دفع البعض إلى التعقيب الإلكتروني على المقال المنشور وخصوصاً أن الغالبية تذكرت ذلك المسلسل الكرتوني لأن وقتها كانت مسلسلات الأطفال الكرتونية محدودة للغاية من أبرزها عدنان ولينا ومسلسل هايدي ومسلسل لولو الصغيرة ومسلسل كرنديزر.

هذه من المواقف الطريفة التي ما زلت أذكرها منذ أيام الطفولة عندما كنت وشقيقي نجلس مذهولين ومحدقين النظر في الشاشة لنتابع بحذر يومياً حلقات مسلسل الكرتون عدنان ولينا لمعرفة ماذا سيحل بكوكب الأرض وهل سوف ينجح الشرير علام في السيطرة على دول العالم، وكنت دائما أكرر نفس السؤال التقريري بعد كل حلقة على شقيقي: تخيل.. يجيء عام 2008م ويحصل كذا، ويحل الدمار الشامل بكوكب الأرض أو أن المدعو علام الشرير وجنوده الكثيرين يحاولون أن يسيطروا على كل دول العالم وتحصل الفوضى الشاملة؟

عندها كان ينظر شقيقي لي بنظرة - شوفونية - ويقول:

يا ندى.. لا تصدقي كل شيء تشوفيه في التلفزيون هذا مسلسل كرتوني وسوف ينتهي بالحلقة الـ30 مثله مثل المسلسل الكرتوني - كرنديزر- ويكمل: ما يصير كذا، كل ما يجيء مسلسل كرتوني تصدقيه، فاكره عندما جلستِ تبكين بحرقة على -كرنديزر- عندما غرقت مركبة الفضاء في البحر وصدقتِ أن -كرنديزر- قد مات بالفعل بالمسلسل السابق!!

وبعد كل تلك السنوات وتدريجياً بدأت الفوضى الشاملة بالفعل تحصل في العالم خاصة في كل من: أفغانستان والسودان والعراق ولبنان والصومال وقبل ذلك كلّه يجب ألا ننسى احتلال فلسطين، أما أسلحة الدمار الشامل التي بدأ بالفعل الحديث عنها منذ فترة وكذلك عن الأسلحة النووية والذرية وغيرهما من الأحاديث التي لم تكن تخطر على بالنا بمرحلة الطفولة، بل والأهم أن مجريات الأحداث السياسية جاءت لتؤكد على وجود أجندة سياسية كانت تمهد لإشعال المنطقة وبرمجة الجيل الحالي على ذلك السؤال التقريري الذي طرحته على شقيقي، والذي ندعو الله ألا يتم شيء منه ويحفظ العالم. وبمناسبة الحديث عن شقيقي، كنت وقتها أتصور أنني الوحيدة في الكرة الأرضية التي كان أخوها يحظى بكل شيء حتى غلبة الحضور بل ويمنح الفرص حتى بالألعاب الإلكترونية المتقدمة خاصة لعبة السيارة والطيارة التي تدار عن بعد من خلال جهاز لاسلكي ويرفض حتى السماح لي باللعب فيها لأنني -بنت- وبالتالي لا أعرف كيف ألعب، وبالمقابل كنت أمنح فرصة أن اللعب من نوع آخر مثل تمكيني من الدمية ذات الشعر الطويل الذي كان من المفترض أن أقضي الوقت في تمشيط شعرها أو اللعب في الأسماك المتحركة التي لا بد أن أصيدها بالسنارة وفي كثير من الأحيان كنت أفضل الرسم والتلوين وبعدها القراءة عوضاً عن إضاعة الوقت في تلك اللعب المملة التي كانت تخصص لي.

وعودة إلى لب الموضوع والبرنامج الكرتوني في تلك الفترة والتي جاءت السنوات لتؤكد على أنها كانت بالفعل برامج مسيسة وموجهة ولم تكن مجرد برامج أطفال ترفيهية، وأرى من منظوري الشخصي أنها حاولت إقناع كافة ذلك الجيل منذ نعومة أظافرهم أن عام 2008م سوف يحل معه الدمار، بل إنها حاولت تمرير أجندة سياسية غربية كنا غافلين عنها تماماً، وأذكر كذلك أني كنت في تلك الفترة رغم إحباطات التعليقات من حولي واستهتار شقيقي بأفكاري وأسئلتي، أن منطق العقل عندي وأحسبه ما يزال قوياً للغاية بل أقوى بكثير من منطق العاطفة الذي يتميز به الأطفال والفتيات، بل كنت لا أسمع كلمة أو حتى فكرة بدون أن أقوم بعملية تحليل أشبه ما تكون بفك الشفيرات ومن ثم أقبلها أو أرفضها، كما أذكر في تلك المرحلة أن شركة شهيرة في صناعة العصائر ما زالت موجودة حتى الآن، هي الشركة كانت تقوم من نافذة التسويق بوضع صور مختلفة على كل علبة عصير وعلينا ملء أحد الكتيبات عبر تجميع وإلصاق الصور في صفحات كتيب شركة المرطبات وبعدها يتم الحصول على هدية فورية، وفي الوقت الذي كانت الغالبية تجمع الصورة حتى تكمل الكتاب وتحصل على الهدية من الشركة، كنت أقوم بجمع الصورة حتى أحلل كل صورة وأحاول أن أربطها مع الصور الأخرى في نفس الصفحة وكذا في الصفحات الأخرى، وعندما يكتشف الآخرون أنني أجمع الصورة بهدف تحليل محتوياتها بعد التأكد من صحة المعلومات المدونة بالكتيب على كل صورة، أحصل منهم على نفس الرد: ترى هذا مجرد كتيب تسويق للمرطبات للحصول على الهدية من الشركة، وعندها أسأل: طيب ليش يعطونا هدايا مجانية!!

ختاما.. وعودة إلى موضوع تعليقات القراء الكرام خلال إجازة العيد الأضحى، والتي أسعدتني ردود الفعل والتعقيبات على الأفكار التي أوردتها في مقالي (ومتى تفيق الولايات المتحدة من غفوتها؟) والمنشورة بتاريخ 30-12-2006م مثلما أسعدتني ردود الفعل على مقالي بعنوان (هل تجرح اليد اليسرى اليد اليمنى بالجسد الواحد؟) والمنشورة بتاريخ 31-12-2006م. خصوصاً أن العديد من تلك التعليقات حملت وجهات نظر عميقة حول العديد من المسلسلات الكرتونية والأفلام الغربية وبالتحديد ما أنتج حديثا منها، إذ إن من الملاحظات المحسوبة سلباً أن العمق السياسي (لا) الفني يعد الغالب عليها، أما الجميل والمبهج في موضوع تلك التعقيبات الإلكترونية أن البعض منها تضمنت ذكريات القراء الخاصة بتلك المحطة التي غالباً ما تكون أجمل وأعذب محطة في حياة الإنسان.

nada@journalist.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد