Al Jazirah NewsPaper Sunday  25/02/2007 G Issue 12568
وَرّاق الجزيرة
الأحد 07 صفر 1428   العدد  12568
مكتبة الملك سعود ببريدة .. النشأة والتطور
عبدالملك بن عبدالوهاب البريدي

في مطلع الخمسينات الهجرية من القرن الماضي شهدت بريدة حركة علمية نشطة بقيادة المشايخ من آل سليم وغيرهم. فمدارس العلم وحلق الذكر تغص بطلاب العلم الشرعي وتعج بالقضايا الساخنة والدليل والاستشهاد والاستنباط، فتشكلت فيها المدارس المؤثرة لتعيش بريدة ربيعاً ثقافياً وأجواء علمية مزدهرة. واستميح القارئ بأخذ مقطعاً زمنياً عن تلك الفترة لنعايش الحدث لحظة بلحظة بقلم من عاصر تلك الحقبة من الزمان وهو الشيخ المؤرخ إبراهيم العبيد - رحمه الله - حيث يقول: (ثم دخلت سنة 1350هـ واستهلت هذه السنة والشيخ عمر بن سليم قدس الله روحه لا يزال في جد ونشاط في التدريس في مسجد ناصر فكانت أوقاته عامرة بالذكر والحلق غدوة وصباحاً وظهراً ومساء وعتمة وذلك في الحديث والفقه والتوحيد والتاريخ والنحو والفرائض وحساباتها) ثم يستحضر ذكرياته ويردف قائلاً: (لما تعين في هذا المسجد أقبل الناس إليه مهطعين وأصبح مأوى لكل طالب علم ومستفيد فسبحان من يحيي العظام بعد موتها، وكان روضة من رياض الجنة يرتع فيه أهل الأيمان والذوق والمعرفة والدين وتضرب إليه أكباد الإبل وامتلأت حجر المسجد، وكان عامراً بالتدريس وتعقد فيه ثماني حلق وأغلب الذين يدرسون عليه علماء أجلاء وجلسنا نتعلم عليه ورأينا من الإقبال والرغبة مالا يخطر على الأوهام وشاهدنا من الانكباب على التدريس مالا تبلغه عبارة، فيا لذلك الوقت والزمان ما أحلاه وما أعظم الأنس وما أحسن ذلك الاجتماع ) ثم يقول: (كما أن الشيخ عبدالعزيز العبادي لا تزال مجالسه عامرة وطلاب العلم يزدحمون بركبهم لاستفراغ منطوقه ويردون على تلك الموارد التي تروي من الصدى وكنت إذ ذاك أتردد بينهما أتعلم ولا أنسى لهما الفضل علي بصفتهما يعلمان بدون مقرر لرواتبهما.فكان من نتاج هذا الحراك وهذه الأجواء العلمية وضع النواة الأولى لمكتبة بريدة العلمية وذلك في جامع بريدة ( جامع خادم الحرمين الشريفين) لتوفير المراجع والكتب لطلبة العلم.وتفاصيل مرحلة التأسيس ذكرها الأستاذ محمد المشوح في كتابه (عميد الرحالين) حيث أورد شهدت العلامة محمد بن ناصر العبودي على هذا الحدث الذي يعتبر حدثاً ذا أهمية كبيرة فيقول: (في ذلك الوقت لم يكن في بريدة مكتبات علمية وإنما كتب متداولة أو محفوظة في بعض رفوف المساجد وغالباً ما تكون وقفية على طلبة العلم، فكان لإهداء كتب الشيخ محمد العجاجي مدعي قوي دافع للشيخ عمر إلى إيجاد مكتبة في الجامع ولما حصل خلل في بناء الجامع سنة 1359هـ طلب الشيخ عمر من الملك عبدالعزيز بناء الجامع فكان أن أقيم في الجهة الشمالية الشرقية بناء للمكتبة في الطابق الثاني.. وبنيت المكتبة التي كان الشيخ يرغب أن يجمع فيها شتى الكتب الموقوفة على طلبة العلم إلا أن المسجد استغرق بناؤه نحو سنتين وتوفي الشيخ قبل تكون المكتبة وإنما جهز مكانها).. جاء من بعده الشيخ عبدالله بن حميد عام 1363هـ ليخلف الشيخ عمر في حلقات التعليم والتدريس والإفتاء فسعى في إتمام أمنية الشيخ عمر في المكتبة فعين الشيخ محمد العبودي قيماً على المكتبة وذلك براتب 40 ريالاً وكانت نواة المكتبة كتب الشيخ محمد وعلى ابني عبدالعزيز العجاجي وكتب الشيخ عبدالله الرواف، وواصل الشيخ عبدالله بن حميد مبادرته الخيرة ومساعيه الحثيثة لهذه المكتبه فكتب للملك عبدالعزيز يطلب دعم المكتبه وتهيئتها بالكتب لتكون ملتقى لطلبة العلم فوافق الملك على الدعم، ثم أضيف للمكتبة كتب الشيخ فوزان السابق وتبرعت أسرة المزيني المقيمة بالكويت بمبلغ مالي كبير ومن خلاله تم تأمين الأحتياجات الهامة للمكتبة.

عندها أصبحت هذه المكتبة مركز إشعاع ومنارة علم و ملتقى لطلاب العلم ورواد المعرفة تعقد فيها الدروس والمناظرات العلمية فكان لها دور كبير في نشر الثقافة وإثراء المسيرة الفكرية في مدينة بريدة.

وكان الشيخ ابن حميد يحتظن طلاب العلم ويحوطهم بعنايته فكتب للملك عبدالعزيز يطلب فيه صرف مخصصات ورواتب لطلاب العلم، فبادر الملك عبدالعزيز بالموافقة. استمر الشيخ العبودي أميناً لها حتى عام 1368هـ ثم كلف الشيخ صالح البليهي أميناً لها وسعى الشيخ أبن حميد لدى الملك سعود لإيجاد مبنى للمكتبة فتم بناء مبنى مستقل للمكتبة عام 1375هـ وتم ضمها إلى إدارة المكتبات في وزارة المعارف عام 1379هـ وتعتبر هذه المكتبة أول مكتبة علمية عامة في المملكة العربية السعودية.ومن اللقاءات العلمية والدروس التي كانت تقام وتعقد داخل المكتبة درس للشيخ عبدالله بن حميد ودرس للشيخ عبدالله بن سليمان الحميد في الكافية الشافية لابن القيم، ودرس للشيخ صالح البليهي في شرح فتح المجيد، ودرس للشيخ عبدالرحمن الجطيلي في فتح القدير، ودرس للشيخ محمد المنصور في كتاب آيات محكمات.

وفي عام 1422هـ صدر الأمر السامي الكريم بالموافقة على تسمية مكتبة بريدة العامة باسم (مكتبة الملك سعود) وذلك تقديراً ووفاء للملك سعود لمواقفه النبيلة والتي يشهد لها تاريخه التنموي ومن ذلك هذه المكتبة. وضمت أخيراً إلى وزارة الثقافة والإعلام وشيد لها مبنى على الطراز الحديث والذي يعتبر تحفة معمارية في قلب بريدة.

المراجع:

تاريخ ابن عبيد - كتاب عميد الرحالين - نشرة الشاملة عدد3 - مطبوعات المكتبة.

تلفاكس 3826047

للتواصل إيميل Alaqat323@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد