Al Jazirah NewsPaper Tuesday  06/03/2007 G Issue 12577
الطبية
الثلاثاء 16 صفر 1428   العدد  12577
مرض الذئبة الحمراء العام (Systemic Lupus Erythematosus)

مرض الذئبة الحمراء العام (Systemic Lupus Erythematosus)

مرض الذئبة الحمراء العام (القناع الأحمر) هو مرض من أمراض المناعة الذاتية والذي يصيب العديد من أجهزة الجسم مثل الجلد، والمفاصل، والكلى وخلايا الدم والجهاز العصبي وغيرها، ويسمى هذا المرض بمرض القناع الأحمر لأنه يظهر على شكل طفح جلدي أحمر في الوجه وقد يزيد إلى الدرجة التي يبدو عليها المريض وكأنه يرتدى قناعا أحمر أنواع مرض الذئبة الحمراء:

1- نوع جلدي: مثل الذئبة القرصية (Discoid Lupus) التي عادة ما تصيب الوجه وفروة الرأس وتسبب في تساقط الشعر، والذئبة الجلدية الشبه حادّ (Subacute Cutaneous Lupus) التي تصيب الجلد في منطقة الجذع أو الصدر والبطن أو أماكن أخرى من الجسم.

2- نوع دوائي (Drug Induced Lupus): تظهر علاماته مع تناول بعض أدوية الصرع أو المضادات الحيوية أو بعض أدوية الضغط، وتختفي أعراض المرض عند الامتناع عن تناول الدواء المسبب.

3- مرض الذئبة الحمراء العام (SLE): وهو الأكثر انتشاراً ويصيب بعض أجهزة الجسم بالإضافة إلى الجلد، وهذا النوع هو المعنى بالتحدث عنه في هذا المقال نسبة انتشار مرض الذئبة الحمراء العام:يصيب المرض واحداً من كل 1000 إلى 1500 شخص تقريباً، والغالبية العظمى من المصابين به هم من النساء في مرحلة الانجاب (15-45 عاما)، وتكون نسبة إصابة النساء للرجال هي 10 إلى 1، ونادراً ما يصيب الأطفال خاصة من هم دون الخامسة.

أسباب المرض

لا يزال مرض الذئبة الحمراء غير معروف الأسباب ولكن ما هو معروف أنه مرض من أمراض المناعة الذاتية نتيجة اختلال الجهاز المناعى حيث يفقد الجهاز المناعى قدرته على التفرقة بين الأجسام الغريبة وأنسجة الجسم نفسه فيقع الجهاز المناعى في خطأ وينتج أجسام مضادة تهاجم خلايا الجسم نفسه وتقضى عليها على أنها أجسام غريبة، ونتيجة لهذا الخطأ تحدث التهابات في أنسجة كثيرة من الجسم كالمفاصل والكلى والجلد ويؤدى استمرار الالتهاب في هذه الأعضاء إلى تلفها وفقدانها وظائفها الطبيعية. ويعتقد أن وجود بعض العوامل الوراثية وتفاعلها مع بعض العوامل البيئية من الاحتمالات المسببة لهذا الاختلال في الجهاز المناعي، ويعتبر اضطراب الهرمونات عند البلوغ أو التعرض لأشعة الشمس أو الإصابة ببعض الفيروسات أو تناول بعض الأدوية من أهم العوامل التي تؤدى إلى الإصابة بالمرض.

أعراض المرض

تبدأ أعراض المرض في الظهور تدريجياً خلال فترة تتراوح ما بين الأسابيع إلى الشهور، وقد وجد أن الشعور بالإجهاد هو من أوائل أعراض المرض وأكثرها شيوعا كما قد يحدث ارتفاع في درجة الحرارة وانخفاض الوزن وفقدان الشهية في نسبة كبيرة من المرضى المصابين بالمرض.ومع مضى الوقت تبدأ الأعراض المميزة للمرض في الظهور وتكون نتيجة تأثر أعضاء متعددة من الجسم مثل الجلد والذي يكون في صورة طفح جلدى، حساسية للشمس، وقرح في الفم والأنف.

وقد يأخذ الطفح الجلدي على الوجه شكل الفراشة والذي يظهر فوق الأنف والخدين، كذلك قد يسقط الشعر في بعض الأحيان ومن الممكن أيضا أن يحدث تيبس أو تورم بالمفاصل، ألم في العضلات، أنيميا، صداع، تشنجات أو ألم في الصدر ناتج عن إلتهاب الغشاء البللورى للرئة أو الغشاء التيمورى للقلب، كذلك قد تتأثر الكلى في بعض المرضى ويظهر ذلك في صورة ارتفاع في ضغط الدم، ظهور دم أو بروتين في البول أو حدوث تورم في القدمين والجفون.

مرض الذئبة الحمراء والحمل

بالنسبة للمريضات اللاتي يعانين من المرض قبل الحمل فإن المرض قد ينشط ويؤثر على أجزاء من الجسم أثناء الحمل أو الفترة التي تلي الولادة، وينصح أن تتجنب مريضة الذئبة الحمل أثناء نشاط المرض وأن لا يتم الحمل إلا بعد فترة من ركود المرض وأن تخضع المريضة للمتابعة الدقيقة أثناء الحمل، وقد أثبتت الدراسات أن أغلب حالات الحمل لدى مريضات الذئبة تسير بشكل طبيعي وولادة طبيعية إذا خضعت للمتابعة والعلاج اللازمين، ومن جهة أخرى هناك نوع من الأجسام المناعية(Anti-Ro) قد ينتقل من الأم إلى الجنين عبر المشيمة أثناء الحمل مما قد يتسبب في بعض المشاكل الصحية للطفل عند الولادة مثل الطفح الجلدي والذي غالبا ما يزول مع الوقت، وهناك مشاكل صحية أخرى قد تستمر لدى الطفل مثل اضطراب نبضات القلب إلا أن ذلك يحصل في حالات قليلة جدا.

تشخيص المرض

يعتمد تشخيص مرض الذئبة الحمراء على اجتماع ظهور الأعراض مع نتائج الاختبارات وبعد استبعاد الأمراض الأخرى، وللمساعدة في التفرقة بين مرض الذئبة الحمراء والأمراض الأخرى وضعت الكلية الأمريكية للروماتيزم لائحة مكونة من 11 عرضا والتى تمثل أكثر الأعراض شيوعاً في مرض الذئبة ولتشخيص المرض يجب ظهور 4 أعراض أو أكثر من بين هؤلاء الأحد عشر عرضاً في أى وقت منذ حدوث المرض وتشمل اللائحة الأعراض التالية:

1- الطفح الجلدى: يظهر الطفح الجلدي على شكل الفراشة ويكون لونه أحمر ويظهر على الخدين والأنف.

2- الحساسية من ضوء الشمس: وتحدث نتيجة تفاعل الجلد عند تعرضه لأشعة الشمس.

3- التهاب الذئبة الحمراء الجلدي الدائرى: ويظهر على شكل طفح جلدي دائرى مرتفع عن ما حوله من جلد ومغطى بالقشور ويظهر في الوجه أو فروة الرأس.

4- قرح الأغشية المخاطية: وهى قرح صغيرة تظهر في الفم والأنف وتكون غير مؤلمة.

5- التهاب المفاصل: يعاني معظم المرضى المصابين بالمرض من آلام بالمفاصل والتى قد تتورم أيضاً ولعل أشهر المفاصل تعرضاً للالتهاب هى مفاصل اليد، الرسغ، الكوع، الركبة إلا أنه في أغلب الأحوال لا يؤدى التهاب المفاصل في مرض الذئبة الحمراء إلى حدوث تشوهات مزمنة.

6- التهاب الغشاء البللورى للرئة/ والغشاء التيمورى للقلب: قد يحدث التهاب في الأغشية المحيطة بالقلب والرئة مما يؤدى إلى حدوث آلام بالصدر خاصة مع التنفس وقد يتجمع بعض السائل حول القلب أو الرئة.

7- الكلى: تتأثر الكلى في معظم المرضى المصابين بمرض الذئبة الحمراء وتتراوح الإصابة ما بين البسيطة والخطيرة، والبداية غالباً ما تكون بدون أعراض ويتم الكشف عنها بعمل تحليل للبول للتأكد من وجود زلال أو ترسيبات في البول.

8- الجهاز العصبى: لعل الصداع هو أشهر أعراض تأثر الجهاز العصبى في مرض الذئبة الحمراء إلا أنه قد تحدث بعض التشنجات أو بعض الأعراض النفسية والعصبية كصعوبة التركيز والتذكر، تقلب المزاج، اكتئاب وتغير السلوك.

9- اضطراب خلايا الدم: في مرض الذئبة الحمراء تتكون أجسام مضادة تهاجم خلايا الدم ويؤدى ذلك إلى تكسير كرات الدم الحمراء وحدوث نوع من أنواع الأنيميا وإذا كان التكسير سريعاً فقد يؤدى ذلك إلى حالة حرجة وخطيرة. أما تكسير كرات الدم البيضاء فغالباً لا يكون خطيراً في مرض الذئبة الحمراء أما تكسير الصفائح الدموية فينتج عنه حدوث كدمات ونزيف في أجزاء مختلفة من الجسم

10- الاضطرابات المناعية: المقصود بها الأجسام المضادة الموجودة في الدم والتي تشير إلى وجود مرض الذئبة الحمراء وتشمل:

أ- مضادات الأحماض النووية (مضادDNA (Anti-ds DNA): (وهى أجسام مضادة للمادة الوراثية في الخلية ويمكن تكرار قياس كمية هذه الأجسام المضادة أثناء المرض لأن كميتها تزيد مع زيادة نشاط المرض، ولذلك هي تعط دلالة للطبيب عن نشاط المرض.

ب- مضادة سميث (Anti- Smith): وظهورها يؤكد تشخيص الذئبة الحمراء.

ج- مضادات الدهون الفسفورية (Anti-phospholipid antibodies):

11- مضاد أ ن أ: (ANA) وهى أجسام مضادة ضد نواة الخلية وتظهر في كل مرضى الذئبة الحمراء تقريباً ولكن وجودها وحده ليس بدليل قاطع على مرض الذئبة الحمراء إذ إنه من الممكن تواجدها في أمراض أخرى.

طفح جلدي على شكل الفراشة على الخدين والأنف

قرحة في الغشاء المخاطى للفم

الاختبارات المعملية

تساعد الاختبارات المعملية على تشخيص مرض الذئبة الحمراء وتحديد مدى إصابة أعضاء الجسم وتساعد على تقييم نشاط وشدة المرض، كما تحدد مدى استجابة جسم المريض للأدوية المستخدمة وبيان أية أعراض جانبية قد تظهر خلال فترة العلاج.

ويمكن تقسيم الاختبارات المعملية التي يتم عملها لمريض الذئبة الحمراء إلى الآتى:

1- التحاليل الروتينية: وتشمل:

- سرعة ترسيب كريات الدم الحمراء ومعامل البروتين المتفاعل-س وكلاهما يزيد مع الالتهاب. وقد يتراوح مستوى البروتين المتفاعل-س ما بين الطبيعى إلى ارتفاع كبير خاصة عند حدوث بعض الالتهابات البكتيرية.

- صورة كاملة للدم لبيان وجود أنيميا وعدد صفائح الدم وكرات الدم البيضاء.

- الفحوصات الكيميائية التي توضح مدى تأثر بعض الأعضاء خاصة الكلى (زيادة في مستوى اليوريا والكرياتينين بالدم)، أو الكبد (ارتفاع في منسوب إنزيمات الكبد)، أو العضلات (ارتفاع إنزيمات العضلات).

- تحاليل البول وهى تساعد في تشخيص مرض الذئبة الحمراء ومتابعة المريض لتقييم مدى إصابة الكلى فظهور كميات كبيرة من الزلال أو كرات دم حمراء في البول قد يشير إلى درجة إصابة الكلى، وفى بعض الأحيان قد يطلب من المريض المصاب تجميع البول لمدة 24 ساعة، كى يتمكن الطبيب المعالج من تقييم شدة إصابة الكلى.

2-الاختبارات المناعية: وتشمل:

- الأجسام المضادة للنواة (أ ن أ).

- مضاد الأحماض النووية (د ن أ).

- مضاد سميث

- الاختبارات المعملية لقياس المكمل الثالث والرابع وهذه هى بروتينات موجودة طبيعياً في الدم ووظيفتها هى المساعدة في تدمير البكتيريا وتنظيم رد فعل الجهاز المناعى في حالة حدوث التهاب، لذلك عندما تكون نسبة هذه المكملات قليلة في الدم يكون ذلك إشارة إلى نشاط المرض وخاصة إصابةالكلى.

3- بعض الفحوصات الأخرى والتى تساعد على تقييم مدى تأثير مرض الذئبة الحمراء على أعضاء الجسم المختلفة مثل أخذ عينة من الكلى وهو اختبار هام لأنه يعطي معلومات عن نوع ودرجة إصابة الكلى مما يساعد على اختيار العلاج المناسب، كذلك قد يساعد أخذ عينة من الجلد على تشخيص التهاب الأوعية الدموية في الجلد وطبيعة أنواع الطفح الجلدى، كذلك قد يحتاج الطبيب المعالج إلى عمل أشعة عادية على الصدر للكشف عن القلب والرئة، رسم قلب، عمل وظائف التنفس لتقييم مدى كفاءة الرئتين، رسم مخ، رنين مغناطيسى للمخ أو أخذ عينات من الأنسجة المختلفة، وذلك وفقا لتأثير المرض على هذه الأنسجة.

العلاج

معظم أعراض الذئبة تحدث نتيجة للالتهاب، ولذلك يكون هدف العلاج هو تقليل هذه الالتهابات ومنع حدوث مضاعفات المرض وبصفة عامة هناك 4 مجموعات من الأدوية هى الأكثر استخداماً في علاج المرضى المصابين بمرض الذئبة الحمراء، وهي:

1- مضادات الالتهاب غير الستيرودية (NSAIDs): تستخدم هذه الأدوية للسيطرة على آلام المفاصل وينصح باستخدامها لفترات ليست بالطويلة ويتم تقليل الجرعة مع بدء تحسن التهاب المفاصل

2- الأدوية المضادة للملاريا (Anti-malarial drugs): مثل الهيدروكسى كلوروكين وهذا العقار مفيد جداً في علاج أنواع الطفح الجلدي الذى يظهر في مرض الذئبة الحمراء، وكذلك آلام المفاصل ويبدأ التأثير الإيجابى للدواء بعد فترة قد تستغرق 6- 8 أسابيع

3- العقاقير الإسترودية (الكورتيزونات) (Corticosteroids): مثل البريدنيزون والبريدنيزولون وهذا العقار هو العلاج الأساسى للذئبة الحمراء خاصة في المرحلة الأولى من المرض لتقليل الالتهاب والحد من نشاط الجهاز المناعى وتتراوح فترة استخدام هذا العقار ما بين الأسابيع والشهور، وتعتمد الجرعة وعدد تكرارها اليومى على شدة المرض والأعضاء المصابة وقد يحتاج بعض المرضى جرعات كبيرة من الكورتيزون سواء عن طريق الفم أو الحقن في الوريد وذلك في حالات إصابة الجهاز العصبى أو الكلى، كذلك في حالات الأنيميا الناتجة عن تكسير كرات الدم الحمراء ويتم تقليل جرعة العقار تدريجياً بعد السيطرة على المرض حتى يصل المريض إلى أقل جرعة ممكنة وفعالة في نفس الوقت للسيطرة على المرض.

ومن المهم توعية المرضى المصابين بالمرض بكيفية عمل الكورتيزون وكيف أن تقليل الجرعة أو وقفها دون استشارة الطبيب من الممكن أن تؤدى إلى خطورة بالغة، لذلك يجب أن يكون المريض تحت إشراف الطبيب بصورة دورية منتظمة.

4- الأدوية المثبطة للجهاز المناعى(Immunosuppresive/ Cytotoxic drugs): مثل عقار الآزاثيوبرين والسيكلوفوسفاميد وغيرهما وتستخدم هذه العقاقير حينما يكون الكورتيزون وحده غير قادر على إيقاف نشاط المرض أو عندما يسبب الكورتيزون أعراضاً جانبية خطيرة، ويعتقد أن استخدام مثل هذه الأدوية بالإضافة إلى الكورتيزون يعطى نتيجة أفضل من استخدام الكورتيزون وحده.

5- العلاج البيولوجى(Biological Agents): وهى أدوية تمنع تصنيع الأجسام المضادة، واستعمالها في الذئبة لا يزال تحت الاختبار والأبحاث، وهذه الأبحاث في مجال الأمراض المناعية وبالذات في مرض الذئبة الحمراء مكثفة وتهدف إلى معرفة كيفية حدوث الالتهاب وماهية خلل الجهاز المناعى وذلك من أجل توجيه العلاج إلى نقطة محددة بدلاً من تثبيط كل الجهاز المناعي، وتفتح مثل هذه الأبحاث مستقبلاً مشرقاً لمرض الذئبة الحمراء.

نصائح هامة لمرضى الذئبة الحمراء

- تجنب التعرض لأشعة الشمس حيث إنها تؤثر على الجلد بشكل كبير وأيضا قد تسبب في نشاط المرض.

- يجب على مريض الذئبة عدم أخذ أي علاج إلا بمشورة الطبيب حيث إن بعض العلاجات قد تتداخل مع بعضها البعض مما يضعف من العلاجات التي يتناولها المريض وقد تسبب في نشاط المرض نفسه

- يجب مناقشة طرق تحديد النّسل المناسبة، وأيضًا اختيار الوقت المناسب للحمل عند المريضة المصابة بمرض الذئبة الحمراء العام، حيث يمكن أن تؤثر طرق تحديد النّسل والحمل على مستوى الهرمونات في الجسم , وتباعًا يمكن أن تؤثر على نشاط المرض وأيضا بعض الأدوية التي قد تستعمل في العلاج تكون خطرة على الجنين عند استخدامها إثناء الحمل، لذلك لابد من مناقشة الموضوع مع الطبيب لاختيار العلاج الذي يتناسب مع حالة المريض ورغبته.

د. الحسين الدكروني

دكتوراه الروماتيزم والطب الطبيعي /مركز الورود الطبي


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد