Al Jazirah NewsPaper Saturday  24/03/2007 G Issue 12595
الريـاضيـة
السبت 05 ربيع الأول 1428   العدد  12595
وجهة نظر
الدعاوى الكيدية أسرع وسائل الشهرة
نزار العلولا

قبل فترة وجيزة وتحديداً في خليجي (18) عانت الرياضة السعودية من كذبة، وتهمة التآمر مع المنتخب العراقي للتعادل على حساب منتخب خليجي آخر، وكانت نتيجة المباراة شهادة براءة للمنتخبين السعودي والعراقي، وكان أن خرج منتخب (مختلق التهمة) من البطولة بنقطة واحدة فقط، فماذا حصل بعد ذلك؟

الإجابة: لا شيء إطلاقاً!! فلم يعاقب صاحب الكذبة أو التهمة على إساءته للرياضة الخليجية ولم يحاسب على محاولة الإضرار بسمعة منتخبين خليجيين، وإفساد جو التنافس الشريف بين الأشقاء، مما ينذر بتكرار الحادثة في منافسات قادمة، ومما يشجع على تكرار هذا الأسلوب غير الأخلاقي أن صاحب التهمة استطاع أن يصرف الأنظار عن الفشل الإداري والفني لفريقه، واستطاع أن يبرز لواجهة الأحداث ويتصدر الأخبار والعناوين، فما أسهل الشهرة بهذا الأسلوب إذا افتقد الإنسان الحياء، ولم يكن لديه رصيد أخلاقي يخشى ضياعه؟ وإذا كنا جميعاً ضد هذا السلوك في المنافسات الإقليمية، فيجب أن نكون ضده بشكلٍ أكبر في المنافسات المحلية التي لا تخلو من مثل هذه السلوكيات السلبية (أحياناً) بسبب انفعالات فردية من بعض المحسوبين على الوسط الرياضي للبحث عن الشهرة وتبرير الفشل من خلال التنصل من المسؤولية وتغييب المنطق، ورمي التهم جزافاً على الأطراف الأخرى.

فالخسارة الطبيعية للمباراة تكاد تكون غير موجودة، على حين يتصدر التحكيم والصحافة واللجان الفنية والمؤامرات أسباب الخسائر مع إغفال كامل للقصور الإداري والتفكير البدائي والتواضع الفني للفريق، مما يعني حشفاً وسوء كيل، فالحكم يتهم بعدم النزاهة، ويشكك في أمانته، وتتهم الصحافة بالتعصب، وتتهم اللجان الفنية بازدواجية المعايير، وتتهم شخصيات رياضية بالتآمر وارتكاب المخالفات دون دليل واحد، وهذا ما ينقلنا (أحياناً) من التنافس الشريف إلى مجال آخر هو الدعاوى الكيدية، فاتهام شخص بجرم لم يرتكبه يعد من أشد أنواع الإساءة والقذف، ويلحق بالمتهم ضرراً معنوياً ومادياً نتيجة الإساءة إلى سمعته وللمتضرر الحق في رفع دعوى قضائية، وتقديم المدعي الكاذب للمحاكمة الشرعية، ورغم أن النظام واضح فيما يخص الدعاوى الكيدية لردع المدعين والمغرضين، وحماية حقوق الناس، والحد من إشغال جهات الاختصاص، وحفظ هيبة المؤسسة الرياضية، إلا أن هذه الدعاوى ما زالت قائمة بحرية كبيرة، وتعد طوق نجاة للفاشلين في الوسط الرياضي، وإذا استمر التساهل مع هذا الأسلوب، فستزداد الأمور سوءاً وسيضر ذلك بسمعة الرياضة لدرجة أن بعضهم يعد دخول المجال الرياضي أشبه بدخول (حقل ألغام)، وأخشى أن تتحول المنافسات الرياضية إلى ساحة لتصفية الحسابات.

وختاماً لا أملك سوى التذكير بالاجتماع الذي عقده سمو نائب الرئيس العام لرعاية الشباب مع رؤساء الأندية قبل أسابيع، إذ يهدف إلى نبذ التعصب وتوعية الجماهير والحد من مهاجمة الحكام واتباع الطرق النظامية والأخلاقية للاحتجاج وتعزيز الروح الأخوية بين الرياضيين والحفاظ على أخلاقيات الرياضة في حالات الفوز والخسارة والتصدر والهبوط، فليس هناك فشل أكبر من الفشل الأخلاقي للرياضيين، وعلى الإعلام الرياضي الرصين مسؤولية تفويت الفرصة على كل من يحاول تشويه الوسط الرياضي، وتسلق الشهرة على حساب أخلاقيات الرياضية.

حصانة حرف الدال

لا أعرف سبباً منطقياً لازدواجية المعايير عند بعض النقاد الرياضيين، ففي الوقت الذي تعرّض فيه النجم الدولي السابق فهد المهلل لهجوم عنيف، واتهم بالجهل وعدم القدرة على التحليل الفني للمباريات، وطالب بعضهم بعدم استضافته تلفزيونياً بسبب وصفه أحد المدافعين الخليجيين (بالغباء)، وكان يقصد بها الغباء الكروي وليس الغباء الذهني؛ وهو مصطلح فني معروف، نجد هؤلاء النقاد يتقبلون العبارة نفسها (الغباء) من محلل رياضي تلفزيوني آخر من حملة الدكتوراه؟!

فهل الخطأ في الكلمة أم في الشخص أم في الفهم أم هي مسألة نوايا؟

فإذا كان هؤلاء النقاد محقين في نقد المهلل، فإن حامل الدال ردد عبارته نفسها عدة مرات، فكانت برداً وسلاماً، وكشفت أن المقصود بالنقد هو شخص اللاعب وليس عبارته، وهذا نموذج واحد من عشرات النماذج التي تثير الحيرة، وتدل على أزمة النقد الموضوعي.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد