Al Jazirah NewsPaper Tuesday  10/04/2007 G Issue 12612
وفاء وعرفان للتويجري
الثلاثاء 22 ربيع الأول 1428   العدد  12612
قامة لا تُختَصر !
محمد بن عبدالكريم الحنايا

حينما يكون الحديث عن رجل بقامة ومقامة الأستاذ صالح التويجري فإن اللغة بمفرداتها وجملها تتوارى تحت مظلة اللسان خجلاً واستحياءً، ذلك لأن المستهدف لا يمكن اختصاره ولا متابعة خطاه في مضمار البذل والكفاح والعطاء من أجل الوطن.. هنا لست وحدي من يؤمن بذلك ويعتقده جملة وتفصيلا.. فهذا الرجل يظل دائماً وأبداً داخل دائرة الإعجاب، فلم يغادرها لحظة واحدة في كافة مواقع العمل الرسمي والمجتمعي؛ حيث استمر علامة بارزة ورقماً مهماً مرتبطاً بالإعجاب والتقدير.. لم أجد إجماعاً على تميز وتألق شخص ومحبة الناس له مثلما وجدت ذلك تجاه الأستاذ صالح التويجري.

من هنا فإنني لن أستطيع استعراض مآثره وسيرته العطرة، وتاريخه الحافل بالإنجاز والنجاح. فلئن تحدثت عن إنسانيته فإنك أمام واحة مشرقة بالحب والخير والإحسان.

ولئن استعرضت مواقفه الوطنية فستجد أنك عاجز عن وصف هذه المواطنة المخلصة والانتماء الصادق. أما إذا تحدثت عن قدرته الفائقة في تفعيل مستوى العلاقات فلن تستطيع متابعة ايقاعه المتسارع في حين أن قدرته على اكتشاف مواطن القوة والضعف لدى العنصر البشري وفي إطار العاملين معه تعد ميداناً آخر من ميادين التفوق التي يصعب الركض فيها.

بيد أن ما يجعلك مندهشاً فعلاً تلك الروح القيادية التي تعمر فكره وتسيطر على جوارحه، الأمر الذي جعله يمخر عباب البحر بقوة مستهدفاً سواحل ومرافئ التميز.

أما الإدارة في فلك صالح التويجري فليست ممارسة تقليدية ولكنها فنون في فنون يشكلها كيفما أراد، يتمرد فيها على المستحيل في جوٍ مفعم بالصفاء والنقاء والثقة وتجاوز المركزية المقيتة والكلاسيكية الكئيبة والبيروقراطية المعطلة.

لقد عملت مع هذه القامة سبع سنوات، كانت عامرة بالبذل، لم أره يوماً واحداً متبرما من عمل ولا مترمداً في مهمة، ولا مكفهر الوجه ولا متوتراً أو متجهماً.. إذا أراد الطلب قال: ماذا لو عملتم، وإذا رغب في الإنجاز أكد أن التأخير نحن.

ليس في حسابه تصنيف وظيفي فهو يختصر الزمن ويتعامل مع الموفين بروحٍ أبوية راقية.. لديه قدرة فائقة جداً على ضبط النفس والتحكم في الشعور والمشاعر.. لا يهتم أبداً بصغائر الأمور.. دائماً ينظر إلى الأمام ولا يلتفت إلى الخلف يملك ثقة كبيرة وكبيرة جداً بنفسه.. وجدت في شخصه الشجاعة في الموقف والشهامة في التصرف وعدم الانتصار للنفس، يعالج المواقف بحكمة وروية، يؤثر على نفسه ويتطلع إلى أن يكون العاملون معه أفضل منه، يكره الحسد ويمقت البغض والتباغض، وفاؤه كبير، ونبله ظاهر.

صفات متعددة، وقدرات متنوعة رصدتها طيلة تلك السبع السمان ومع ذلك أجزم أن هناك ما هو أكبر من ذلك.

هذه المعطيات هي من دفع صالح التويجري نحو مواقع الريادة فالتاريخ لا يكتب إلا سير الكبار الذين أدركوا قيمة الحياة.. وآمنوا بدروهم؛ فهم وحدهم الذين يظلون في ذاكرة الأجيال وما هذا التفاعل الكبير في تكريمه إلا شاهد حي يحكي الإعجاب والتقدير لهذه الشخصية ذات الحس الوطني المتفرد، والروح الإنسانية المتقدة بالحماس والتطلع والأمل والإشراق، ولئن كنا اليوم نحتفل بتكريم صالح التويجري بعد تقاعده الوظيفي، فإننا ندرك سلفاً أنه عصي على التقاعد.. بل أن هذه المحطة ستعقبها انطلاقة أخرى في فضاءات أرحب ليواصل مسلسل النجاح لأنه جبل على المبادرات الوطنية والعمل المخلص الذي يتنفسه لحظة بلحظة، ويعيشه خطوة بخطوة فهمَّة هذا الرجل لن تتثاءب أبداً..

فقط أذكر و(ليس الخبر كالعيان).

* نائب المدير الإقليمي لجريدة الجزيرة بمنطقة القصيم.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد