Al Jazirah NewsPaper Thursday  10/05/2007 G Issue 12642
ملحق القريات
الخميس 23 ربيع الثاني 1428   العدد  12642
الشيخ محمد بن منوخ بن دعيجاء ل «الجزيرة»:
في يوم لقاء المليك نحن نعيش في عهد مليك القلوب رفاهية ورخاء

*حوار / سليمان الأفنس الشراري / طبرجل

الشيخ محمد بن منوخ بن دعيجاء الشراري شيخ عشيرة الحلسة من الشرارات وعضو مجلس المنطقة ومن أعلام منطقة الجوف رجل يعرفه الجميع بحضوره وله الكثير من المساهمات وقد ألقى عدداً من المحاضرات الوطنية ضمن فعاليات أدبي الجوف خصوصاً فيما يتعلق بذكريات توحيد شمال المملكة العربية السعودية ويوم الوطن.

ووالده الشيخ منوخ بن دعيجاء رحمه الله شيخ عشيرة الحلسة من الذين كان لهم دور في توحيد شمال المملكة العربية السعودية وقد خاض معركة في علقان وكان له الدور المميز مع عدد من فرسان الشرارات بعلقان و تطويع العصاة .

وقد تحدثت كثير من كتب التاريخ والسير عن دور الشيخ خلف بن دعيجاء في لقائه التاريخي والإمام فيصل بن تركي آل سعود حيث كان له الدور في إيصاله هو ورفاقه بواسطة عدد من رجاله الأدلاء وأربعة من أنجب الإبل لديه كان يقال لهن : بنات حبوه 00 حائل حيث واصل مسيرته الى الرياض 0

والشيخ محمد منوخ المولود عام 1359ه بصحراء الجوف يحمل في ذاكرته الكثير من صفحات تاريخنا الحديث وما يحمله من إرث من تاريخنا القديم.

وهو يتذكر لقاء والده الشيخ منوخ بالملك سعود عام 1373ه حيث نصب بيوت الشعر لاستقبال جلالته أثناء مروره من عرعر إلى سكاكا في جبل (المعرص ) وشرب جلالته القهوة وحليب الإبل في بيته.

ويتذكر تلك الكلمات التي قالها الملك سعود حينما قال والده للملك أقدم لك يامولاي ثلاثين ناقة حلوباً وركوباً ضيافة فقال الملك مبتسماً ( مقبولات وموفورات ).

(الجزيرة) التقت مع الشيخ «أبي فوزي» في حديث الذكريات ليتحدث للملحق عن ذكرياته وانطباعاته عن لقاء أهالي منطقة الجوف بقائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي العهد الأمين وصحبهما الكرام في زيارة الخير والعطاء وكان هذا الحديث القيم المليء بالأحداث التاريخية التي يحتاجها الكثير من الباحثين في تاريخ المملكة العربية السعودية ففي حديثه الكثير في هذا اللقاء :

بدايات تعليمك كيف كانت ..؟

انت عشيرتنا ضمن القبيلة وقبائل بدوية تعيش حياة الترحال بحثاً عن مراعٍ ( حلالها ) وهذا مما أخر مستوى التعليم في كثير من بادية الشمال وهو من الأسس التي عمل لها مؤسس هذا الكيان الكبير المغفور له الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وواصل تحقيق هذا الهدف أبناؤه الأخيار من بعده في توطين البادية ونشر العلم بين أبنائها .. و والدي المرحوم الشيخ منوخ بن دعيجاء له نظرة مختلفة فكان يستقطب المتعلمين من القبيلة وخارج القبيلة ليضمهم إليه يرحلون وينزلون معه في حله وترحاله في بعض مواقع المقطان الصيفي يعلمون أبناءه مقابل أجر إما مادي أو بعدد من الإبل وعادة يكون الأجر سنوياً 00

ولم يكن دور أولئك الذين كان يطلق عليهم اسم ( الخطيب ) محصوراً على التعليم بل إنهم يؤمون المصلين في الصلوات ويرشدونهم إلى مبادئ دينهم وبحدود معرفتهم و أذكر عدداً من الخطباء منهم مشحن الدليهاني الشراري وعثمان الخطيب والشيخ عمر المريح من الجوف.

وحيث إن والدي وجماعته بادية رحل غير مستقرين فقد أشار الأمير عبد الرحمن السديري رحمه الله وكان أميراً للجوف و في بعض زيارات والدي له إلى إدخالي مدرسة حكومية في دومة الجندل وتعذر والدي أنه من الصعب تركه بالبلد ونحن بادية ولا نتمكن من متابعته.

فقال الأمير الدولة أعزها الله تخصص لابن البادية الذي يدرس بالمدرسة أربعين ريالاً شهرياً ولهذا أنا أكلف رئيس مركز دومة الجندل آنذاك عبد الله العرف رحمه الله أن يسكنه ضمن عائلته ومكافآته تكفي للصرف عليه 00وفعلاً هذه بداية دخولي المدرسة الابتدائية الوحيدة بدومة الجندل عام 1371هـ.

ولكنني بعدها انقطعت عدة سنوات عن الدراسة خلالها في رحلات و الدي وقبيلته خارج المملكة وتخرجت من المدرسة في عام 1377ه حائزاً على الشهادة الابتدائية فدخلت معهد إعداد المعلمين في بداية تأسيسه وأخذت الكفاءة عام 1380ه.

فعينت مدرساً في عام 1381 هـ ثم نقلت مديراً لمدرسة النبك أبو قصر لعدة سنوات وطلبت العودة لمدينة سكاكا لمواصلة تعليمي (منازل) للحصول على الثانوية العامة والتي حصلت عليها حوالي عام 1389 هـ.

وكنت أعمل في هذه الفترة مساعداً ثم مفتش تربية اجتماعية بمكتب إشراف الجوف وتزوجت عام 1385 ه وطلبت النقل لمدينة الرياض للحصول على بعثه للدراسة الجامعية في الخارج حيث عملت بالإدارة العامة لرعاية الشباب بوزارة المعارف آنذاك إلى أن تم ابتعاثي لجمهورية مصر العربية عام 1395ه وأخذت عائلتي معي لمصر لغرض أن تتاح الدراسة لأبنائي هناك ونلت البكالريوس في الخدمة الاجتماعية في عام 1399ه00 فعدت لعملي بالرياض حيث عملت موجهاً أول للتربية الاجتماعية في الإدارة ثم مديراً للنشاط الاجتماعي في الإدارة العامة للنشاط المدرسي حيث تغير مسمى الإدارة التي أعمل إلى النشاط المدرسي

وكيف عدت لطبرجل ؟

عندما توفي والدي رحمه الله في بداية عام 1406ه طلبت التقاعد المبكر لشغل مركز والدي رحمه الله عند جماعته كشيخ لعشيرة الحلسة فاستقريت بطبرجل حيث كان والدي وأسرتي فاتجهت إلى الاستثمار الزراعي في البسيطاء وذلك حينما شجعت الدولة كافة المواطنين بمنح الأراضي وتسهيل القروض الزراعية وبحمد الله أصبحنا من أكبر مزارعي المنطقة 0

وعن هذا اليوم حدثنا؟

نعيش اليوم فرحة اللقاء بمناسبة زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك المفدى عبد الله بن عبد العزيز آل سعود أمد الله بعمره وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله لزيارة منطقة الجوف فهذه الزيارة وهذه اللقاءات المباركة بين القائد والرعية تعيد بي شريط الذاكرة إلى الوراء آفاقاً بعيدة حينما كان الملك عبد العزيز طيب الله ثراه يستقبل الوفود الزائرة له من شيوخ القبائل ورجالها وكان والدي الشيخ منوخ بن دعيجاء رحمه الله في عدة زيارات للملك عبد العزيز وكنت في بعض تلك الزيارات مرافقاً له وأذكر منها عام 1372هـ حينما أقاموا للمشائخ والوفود الضيافة في مخيم أمام قصر ثليم في ساحة الغرابي وكان والدي ضمن وفد من عدة مشائخ من قبيلة الشرارات تشرفوا بالسلام على جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله وأكرمنا غاية الإكرام.

ومتى آخر مرة رأيت الملك عبد العزيز ؟

حينما رافقته في الزيارة الثانية للملك عبد العزيز في الرياض في أوائل عام 1373هـ وتوافقت مع زيارة الملك حسين وكان آنذاك تحت الوصاية فاستقبله الملك وكنا ضمن المشاهدين لذلك الاستقبال ولا أنسى حديث جلالته المميز بكل تواضع لكل من يقابله وعجبت من أسلوبه في السؤال عن أدق التفاصيل في حياتنا ومعيشتنا فإنه كان يسأل حتى عن الحلال ( الإبل ) وعن الصعوبات التي كانت البادية تواجهها في المراعي وكان يحثنا على طلب العلم 00كانت بساطة الملك عبد العزيز وتواضعه واستقباله للوفود وترحيبه بهم وكانت العبارات التي تصدر منه من أفضل ماسمعته في حياتي من التعبيرات التي كانت تنم عن فرحة اللقاء وصدق المشاعر من ملك لشعبه حبه للنصح والإرشاد لمواطنيه ورأيت أن هذا النهج الذي بني على أسس قوية وعظيمة نهجها أبناؤه الأخيار من بعده ومنهم خادم الحرمين الشريفين الملك المفدى عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وها أنا أسعد اليوم بحمد الله بمعاصرة عهد الخير والرخاء الذي تشهده بلادنا الغالية في كافة أطرافها وتشهد ارتباط والتفاف القائد بالرعية ونعيش اليوم فرحة اللقاء روابط كثيرة بين الأمس واليوم فكان الأمس بخيره وصعوبة الحياة فيه إلى اليوم الذي نرى فيه الحياة أيسر مما يمكن أن تكون بفضل الله والنهج المتين الذي تنهجه دولتنا الفتية لقد وفرت الدولة بفضل تسخيرها كامل طاقاتها وإمكانياتها وبأسس استراتيجية متأنية لمصلحة المواطن وبناء الإنسان السعودي بناء يليق به فنحن في أرض الحرمين الشريفين وموئل أفئدة المسلمين في كل بقاع الأرض ودولتنا نبراس السياسة العالمية فدولتنا اتصفت بالحكمة والعقلانية والرؤية الحكيمة وبلادنا مصدر الخير والعطاء لكل أهل هذه الأرض ومليك البلاد هو ملك الإنسانية بكل جدارة استحقها لما تقدمه يداه من خير لكل الإنسانية 00

لقد نقلت سياسة المملكة المواطن السعودي إلى آفاق عظيمة وبتخطيط حكيم غير متسرع روعيت فيه عوامل عديدة 00 ففي بساطة العيش كان للمملكة مواقف وفي زمن الخير والعطاء لها الكثير الكثير من الاهتمام بالإنسان السعودي.

أرجو أن تعود بي إلى الوراء حيث الترحال والتنقل والصعاب والمواقف التي لاتنسى ؟

*أذكر عندما كان والدي يتنقل هو وعشيرته ومن معه من القبائل بحثاً عن الماء والكلأ داخل المملكة وخارجها فمعروف عنه حرصه على معرفة الأماكن الرعوية في مواسمها التي تناسب البادية و (حلالهم ) أذكر على سبيل المثال لا الحصر في عام 1371هـ و حينما نجع بهم إلى منطقة الكهفة جنوب شرق حائل وكان مقيضه هناك ويعرف بمقيض الكهفة والكهيفية فاتصل بسمو الأمير عبد العزيز بن مساعد أمير حائل وكنت مع والدي في تلك الزيارة وكنت صغير السن حيث أعطاه سموه ورقة للسماح بالمقيض على آبار اعيوج حيث كانت الموارد شحيحة وخشية احتكاكهم بالقبائل الأخرى ثم حدد الأمير ابن مساعد أن تكون الزكاه لهم ولجماعته على موارد الحزول في ذلك الوقت .

وهناك مقيضه مع قبيلته في مشارع السخنة بالأردن ومقيضه مع جماعته في قصب سنة (الشنبل) بسوريا وكان في كل مقيض يتصل بالمسؤولين هناك ليساعدوه في تسهيل المقيض خشية الاحتكاك مع القبائل الأخرى وكان يلقى منهم التجاوب نظراً لمكانته وسمعته بينهم آنذاك.

تلك نماذج من رحلاته ونجوعه هو وجماعته ومن معهم حتى فكر بالاستقرار عندما سمع نصائح مناصيب الدولة في تشجيعهم على الهجرة والاستقرار للاستفادة مما تتيحه الدولة السعودية من خدمات صحية وتعليمية وحضارية فأخذ من أمير الحدود الغربية الشمالية وأمير القريات عبد العزيز بن أحمد السديري ورقة بالشروع في الهجرة والنزول في النبك أبو قصر عام 1374هـ حيث كان النبك أبو قصر مورداً للمياه للبادية دون أن يكون مكان استقرار 00 فعلى الفور بنى بيتاً من الطين كبيراً لاتزال أجزاء من بقاياه باقية إلى اليوم فبنى مسجداً كبيراً للجمعه والجماعة من الطين تم بناء على طلبه تجديد بنائه وتحديثه على نفقة الدولة ولايزال المسجد الجامع الوحيد في النبك أبو قصر.

فحفر بئرا ًكبيرة وأنشأ مزرعة أحضر لها من النخل من المناطق المجاورة .. وكان له أكبر التأثير في التشجيع في إقناع جماعته المقربين وبعض عشيرته وبعض العائلات من قبيلة الشرارات وطلب لهم اقامة مدرسة وسعى مع احد جماعته إلى بناء المدرسة التي لاتزال قائمة من الطين. هذا بالاضافة الى وجود مركز حكومي مع بدايات الهجرة ثم استجدت بعض المصالح والادارات في النبك ابو قصر ولحرص والدي الشيخ منوخ بن دعيجاء وحرصه الزائد على الاستفادة من الخدمات التي تقدمها الدولة وخصوصاً في مجال الزراعة رأى بالتفاهم مع الشيخ عاشق اللحاوي أن الأودية التي تتجمع مع بعضها مثل وادي طبرجل ووادي ابو حوايا ووادي حدرج بأنها أماكن للزراعة وهي التي يمكن أن يكون فيها التجمع الكبير لقبيلة الشرارات حيث كان التوجه فأخذ الشيخ عاشق اللحاوي رحمه الله من أمير القريات وسكاكا أوراقاً للموافقه على الشروع في الهجرة في وادي طبرجل 1376هـ وأخذ والدي منوخ من أمير القريات ورقه بوادي أبو حوايا التي تقوم على ضفافه مدينة طبرجل في أوائل عام 1377هـ فاستقر كل منهما في واديه وبعدها توالت جموع من عوائل قبيلة الشرارات في الاستقرار حتى أصبحت مايعرف اليوم بطبرجل.

وماهي رؤيتك لليوم والغد..؟

لقد ذكرت أن نهج الملك عبد العزيز نهج عظيم لاأحد يستطيع أن يحصيه أو أن تكفيه آلاف الكتب التاريخية وماسار عليه أبناؤه الأخيار من بعده فلقد ساروا على أسس عظيمه تتماشى مع العصر والمتغيرات العالمية دون أن تؤثر على أساسيات البناء لأن من نهجه بعيد البصيرة حكيم الرأي تجربته ورؤيته عظيمه رحمه الله رحمة واسعة وماتشهده اليوم المملكة العربية السعودية من تطور دليل على أن أسس البناء دعامتها عظيمه في اقتصادها ومسيرتها التنموية والحضارية الجبارة 00

إن ماقام به خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة وعلى رأسها سمو ولي العهد المفدى في فترة وجيزة من إنشاء قاعدة اقتصادية جبارة وتخطيط لبناء الإنسان السعودي وزرع الخير في هذه الأرض لمواطنها او لكل من وطئتها قدماه زائراً او معتمراً او حاجاً، ولعل ابسط مثال اقوله هو ماتشهده منطقة الجوف من تطور حضاري بدعم سخي من لدن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ومتابعة حثيثة مخلصة من لدن صاحب السمو الملكي الامير فهد بن بدر بن عبد العزيز هذا الرجل الذي يحتاج الى مساحات كبيرة من الصفحات للحديث عن عمله ولعلي ممن يشهدون عمله عن قرب بحكم عضويتي بمجلس المنطقة وبعض العضويات الخدمية بالمنطقة فسمو الأمير يعمل باخلاص أحببت فيه كثيراً من الصفات ولعلي اذكر بعضها فالسواسية عنده أهم مايتصف به يحب العمل الجاد المخلص يحب العمل قبل القول اننا نفخر بسموه فخدماته لاتنسى لمنطقة الجوف يعمل جاهدا لأن تصبح الجوف كأرقى مايكون 00 فجولاته ومتابعاته واهتماماته بكل مايهم المواطن جعلته قريباً من قلوب الكثير من مواطني المنطقة ومنطقة الجوف منطقة كبيرة جدا مترامية تحتاج الى رجل صبورقوي الارادة وتمثل ذلك بسمو الامير فهد 00

كلمة اخيرة

إن سعادتنا بمقدم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز كبيرة لا نستطيع ان نحصيها ولعل أكبر دليل هو الاستعداد الكبير الذي قام به أهالي المنطقة بكل شرائحهم كل فرح وكل مستبشر والكل يعمل لأجل استقبال الملك المحبوب وإن ما أظهره الأهالي برعاية سمو الامير فهد فكل المحافظات والمراكز والقرى والهجر البعيدة والقريبة ازدانت البيوت ونظمت الساحات وكل فرح بملك الانسانية كبير وصغير نساء ورجال حتى الإخوة المتعاقدون هنا شاركوا الاهالي فرحتهم الكل فرح الكل يدعو الله ان يمتع بالصحة والسعادة والرضى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الامين صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبد العزيز وصحبهما الكرام والاسرة السعودية المحبوبة حفظ الله وطننا بعهد الخير والرخاء عهد مليكنا المحبوب ملك القلوب وملك الانسانية.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد