Al Jazirah NewsPaper Tuesday  05/06/2007 G Issue 12668
الاقتصادية
الثلاثاء 19 جمادى الأول 1428   العدد  12668
الصحة الإلكترونية وتخفيض التكاليف!!
د. عقيل محمد العقيل

تتزايد تكاليف العلاج بشكل كبير حتى باتت تستهلك الكثير من ميزانيات الدول والشركات والأفراد، وفي المملكة العربية السعودية أصبح المواطن يتحمل تكاليف كبيرة جداً للحصول على الخدمات الصحية بالجودة المطلوبة والوقت المناسب، ذلك أن الخدمات الصحية الحكومية تعاني من ضغط كبير جعل الحصول على الخدمة الصحية عالية الجودة في الوقت المناسب قضية شبه مستحيلة، والقصص التي يتداولها المواطنون في مجالسهم لا حصر لها.

الحكومة، رعاها الله، تبذل الجهود الحثيثة لتقديم أفضل الخدمات الصحية لمواطنيها وفي الوقت المناسب ولكنها تواجه صعوبة في تحقيق ذلك رغم رفع الميزانيات الكبيرة المقررة لوزارة الصحة، نعم فحين يحتاج المواطن لأكثر من أربعة شهور وفي ساعات طويلة لكي يجري كافة التحاليل المقررة ومقابلة الدكتور المختص للحصول على العلاج المناسب، فإنه يستطيع أن يحصل على كل ذلك في مدة لا تتجاوز اليومين وفي دقائق معدودة إذا كان جاهزاً للدفع من جيبه الخاص.

إذن المواطن يريد خدمات صحية عالية الجودة في وقت مناسب وبتكلفة منخفضة ذلك أن الموضوع يتعلق بصحته وحياته وماله (والمال عديل الروح)، وهي معادلة ممكنة التحقيق إذا تم تفعيل برنامج الصحة الإلكترونية التي كما يقول د. ماجد التويجري المدير التنفيذي لأنظمة المعلومات والشؤون الصحية بالحرس الوطني إنها تصف كيفية الاستفادة من تقنية المعلومات والاتصالات الرقمية والإنترنت في الأغراض الصحية، وتهتم باستخدام أحدث أساليب تقنية المعلومات المبنية على أسس طبية وإدارية لتخزين واسترجاع وإدارة المعلومات في القطاع الصحي لتحقيق أهداف عدة منها زيادة الجودة في تقديم الرعاية الصحية واختصار الوقت والتكلفة لتقديمها.

وهذا صحيح إذا علمنا أن توفير خدمات صحية ذات جودة عالية ونوعية متميزة وبتكلفة معقولة وفي الوقت المناسب يتحقق برفع كفاءة ومستوى أداء الجهات المقدمة للخدمات الصحية، وكذلك زيادة إنتاجيتها من خلال تيسير وتسهيل الوصول للسجلات الطبية وأتمتة أنظمة المعلومات الصحية في تلك الجهات والاستفادة منها، وهو ما يحققه برنامج الخدمات الإلكترونية.

ولكن أين هو هذا البرنامج؟ أين هو؟؛ نحن في أمس الحاجة إليه خاصة أننا ننعم بمملكة تحتل مساحة تعادل تقريباً مساحة أوروبا الغربية، كما ننعم بحكومة تعمل على تحقيق مبدأ المساواة في تقديم الخدمات الصحية المميزة لمواطنيها، بغض النظر عن مكان تواجدهم الجغرافي؟

عقد قبل عدة اشهر في الرياض مؤتمر رعته الحكومة السعودية موضوعه الحكومة الإلكترونية، وهو موضوع كما أعلم وضعته الحكومة في أعلى سلم أولوياتها ورصدت له حوالي التسعة مليارات ريال لتنفيذه، وقد حضرت جانباً من جلسات المؤتمر وسمعت المتحدثين وحماسهم وتجارب الدول في هذا المجال. فأيقنت أننا إن حققنا هذا الهدف فنحن على أعتاب طفرة حضارية كبرى تمكننا من بناء قاعدة صلبة للولوج في القرن الواحد والعشرين بقوة، كما ستمكننا من تحييد الآراء الشخصية وتخفف من الروتين القاتل وتجعل الأمور أمامنا أكثر شفافيةً ووضوحاً.

وقد تجولت في ردهات المعرض المصاحب لهذا الموتمر الذي تمثلت فيه أغلب الوزارات والشركات الكبرى، ولفت انتباهي الغياب الواضح (أو الحضور الباهت) لوزارة الصحة التي توقعت أن تكون الأكثر حضوراً لما للتعاملات الإلكترونية من دور كبير في تمكينها من رفع جودة خدماتها التي يتذمر منها الصغير والكبير، نعم توقعت أن تكون وزارة الصحة الأكثر حضوراً خاصة أنها تنعم اليوم بميزانية غير مسبوقة لتوفير العلاج الملائم للمرضى في الوقت المناسب مجاناً وبتكلفة منخفضة.

وكوننا في هذا البلد نتمتع بأهم أسباب نجاح هذا المشروع المتمثلة بالدعم اللامتناهي من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حفظه الله، ووجود الميزانيات غير المسبوقة، و توفر قاعدة اتصالات متكاملة وسريعة وممتدة في جميع أنحاء المملكة تمكن المستفيد من إرسال المعلومة وتلقيها من أي مكان بسرعة وفاعلية وخصوصية كاملة، ووجود الأنظمة الصحية في المستشفيات الكبرى التي تدعم مشروع الصحة الإلكترونية، وتوفر التجارب العالمية التي تغنينا عن محاولة إعادة صناعة العجلة، إضافة لوجود العاملين في المجالات الصحية الحكومية وغير الحكومية المتوقدين نشاطاً الذين لديهم من الخبرة الكافية التي تمكنهم من تكوين هذا المشروع والسير به إلى أن يتم اكتماله ونجاحه، أقول كوننا نتمتع بكل هذه الأسباب فإني على ثقة تامة بقدرة وزارة الصحة بقيادة الوزير الشاب النشيط الدكتور المانع وإخوانه من القائمين على المستشفيات التخصصية والعسكرية من أمثال الدكتور الربيعة، فإني على ثقة بأن برنامج الحكومة الإلكترونية سوف يرى النور قريباً لينعم المواطن والمقيم بخدمات صحية عالية الجودة منخفضة التكلفة في الوقت المناسب بإذن الله.

alakil@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد