Al Jazirah NewsPaper Wednesday  20/06/2007 G Issue 12683
مقـالات
الاربعاء 05 جمادىالآخرة 1428   العدد  12683
يارا
من لغو الصيف
عبدالله بن بخيت

أعرف صديقاً ناقداً أينما حل يصاحبه ضجيج يصم الآذان. إذا تكلم في الرياض ما يقدر أهل طوكيو ينامون حتى يسكت. يسميه بعض الأصدقاء الرادو. يجيب كل المحطات. ينظر في الشعر وفي الاجتماع وفي الإعلام وفي الرواية. يتكلم عن كل شيء دون توقف أو تعفف. كلما استمعت إليه تذكرت مغني بغداد. مطرب اشتهر في بغداد القديمة يغني بدينار ولا يسكت إلا بعشرة. من أهم ميزاته (صاحبي الناقد وليس مغني بغداد) أنه يستطيع أن يتحدث سبع ساعات عن كتاب لم يقرأه أبداً. عندما تتحدث معه تعرف أنه لم يقرأ رواية في حياته، ولا يستمتع بهذا الفن أصلاً. هذا النوع من النقاد يتصيدون صغار السن من الكتاب؛ ليبثوا في قلوبهم الخوف والرهبة، إما بالصراخ والأحكام الجاهزة أو بتهاويل النظريات الأجنبية المبتسرة. يصادف هؤلاء النقاد نوعين من الكتاب الشباب. النوع الأول عديم الموهبة يستسلم من الخوف ويصبح من أتباعه، ونوع آخر من الكتاب الشباب يتسلى بآراء هذا الناقد على أساس أنها شكل من أشكال التهريج. الحال هذه ممتدة على مستوى العالم؛ فكبار الروائيين يسخرون من رأي النقاد بصفة عامة، وليس من المهرجين فقط.

يقول الكاتب الفرنسي كلود سيمون: طالما أن أغلبية النقاد المحترفين لا يقرؤون الكتب التي يتكلمون عنها. جبال من السخف قيلت حول الرواية الجديدة. ويقول في مكان آخر: فلو التفت إليهم (أيّ النقاد) لما كتبت العمل الذي أهلني لجائزة نوبل.

وعندما سئل الكاتب الأمريكي آرنست هامنجوي عن النقاد قال: إذا كان هناك اثنان أو ثلاثة ليس لديهم عمل ويريدون الكتابة عن أعمالي فلا مانع لديّ.

يقول غارسيا ماركيز عن علاقته بالنقاد: (لديهم نظرية عن كيف يجب أن يكون الكاتب، ثم يحاولون أن يجعلوا الكاتب أن يركب على موديلهم، وإذا لم يتناسب مع هذا الموديل يستمرون في المحاولة، ولو بالقوة. أنا أجيب عن هذا فقط؛ لأنك سألتني؛ فأنا لا أهتم بما يراه النقاد عني، كما أنني لم أقرأ نقداً منذ سنوات). ويقول في مكان آخر: أفضل أن أقرأ المجلات التي تحضرها معها زوجتي من محلات الكوافير على قراءة الكتابات النقدية.

أستطيع أن أسرد آراء كثيرة حول علاقة النقد بالأدب. لم أقرأ في حياتي أن كاتباً حقيقياً استفاد من ناقد أو من النقد بصفة عامة؛ فهذا لا علاقة له بهذا. بعض الناس يعتقد أن الناقد مثل مدرب الكورة يعرف أسرار المهنة، لكن ليس بالضرورة أن يكون لاعباً. من حسن الحظ لم يقع في مثل هذا الفخ سوى الكتاب عديمي الموهبة. أظن أن مشكلة الرواية الصاعدة في المملكة هذه الأيام تكمن في مخلفات الثمانينات الميلادية.

فاكس: 4702164

yara.bakeet@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد