Al Jazirah NewsPaper Friday  26/10/2007 G Issue 12811
أفاق اسلامية
الجمعة 15 شوال 1428   العدد  12811
نقاط فوق الحروف
الأعراض أمانة
محمد بن مصلح بن حافظ الغامدي

الحمد لله حفظ أعراض الناس من التحدث بها وجعل العقاب الشرعي هو الزاجر لمن أطلق للسانه العنان والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد بن عبدالله القائل: (وهل يكب الناس في النار على مناخيرهم إلا حصائد ألسنتهم وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد).

نعلم أن أعراض الناس محفوظة مصونة لا يحق لأحد أن يتكلم فيها لا بصغير ولا بكبير، لذا جاء الشارع الحكيم بحفظ الأعراض وصيانتها من التحدث بها ووضع الروادع الشرعية لمن أطلق للسانه العنان في أعراض الناس ولذا لم يبح الشارع الطعن في الأنساب فجعل لها العقوبة الرادعة الزاجرة فكان للقذف عقوبتين مختلفتين: الأولى إذا قذف رجل امرأته بالزنا عياذاً بالله فجعل لها عقوبة الملاعنة وهي مذكورة في كتاب الله عز وجل في سورة النور وسبب نزول هذه الآيات أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال إنني أشك في زوجتي فقال عليه الصلاة والسلام أربعة شهود أو حدٍّ في ظهرك فأنزل الله تلك الآيات. والعقوبة الثانية هي الجلد لمن يقذف المسلم بدون حق وهو جلد مائة، وما من عقوبة شدد الله في إثباتها أشد من عقوية الزنا فجعل لإثباتها أربعة شهود ولا بد من تطابق شهادة الجميع وإلا جلدوا حد القذف ولذا لم يثبت حد الزنا بشهادة أبداً وهذا من حفظ الإسلام للأعراض ومن هنا طاب لي أن أذكر قصة ذكرها الفقهاء وهي أن جماعة أرادوا أن يشهدوا بحد الزنا في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقدموا المدينة وهم قد رأوا رجلاً يفعل بامرأة فلما قدموا للشهادة شهد ثلاثة منهم على أنهم رأوا فعل الزنا وأن الفاعل فلان وأن المفعول بها هي فلانة البغي حسب ما ذكر لهم فلما دخل الشاهد الرابع هاب أمير المؤمنين بعد أن زجره وذكره بالله فقال يا أمير المؤمنين لقد رأيت أجساداً عاريةً وأقداماً باديةً وأمراً منكراً ولا أدري ما وراء ذلك فكبر أمير المؤمنين وحد الثلاثة الذين شهدوا. هكذا حرص الإسلام على صون أعراض الناس من التكلم بها لا بتصريح ولا تلميح.

ولذا كان لزاماً على المسلم أن يحفظ لسانه من الزلات صغيرها وكبيرها حفاظاً على نفسه أولاً ثم صوناً لأعراض المسلمين ولربما ينطلق الإنسان بكلمة لا يلقي لها بالاً تكون وبالاً عليه في الدنيا والآخرة.

رئيس هيئة محافظة المخواة



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد