Al Jazirah NewsPaper Friday  02/11/2007 G Issue 12818
الاقتصادية
الجمعة 22 شوال 1428   العدد  12818
بعد أن تميّز إغلاق الأسبوع الحالي عن كافة أسابيع 2007م
الهيكل الجديد.. هل يمثل خريطة الطريق للمضاربة في القياديات؟

د. حسن الشقطي (*)

أغلق مؤشر السوق هذا الأسبوع إغلاقاً إيجابياً متميزاً عن كافة أسابيع عام 2007م تقريباً، رابحاً نحو 5% خلال أيام التداول الخمسة الأخيرة، ورابحاً نحو 10% خلال شهر أكتوبر، وذلك في ضوء مسار صاعد بدأ بطيئاً وخجولاً خلال الأسبوع قبل الماضي، ثم تسارعت خطواته فجأة منذ السبت من هذا الأسبوع.. وهو الأمر الذي يثير التساؤل ليس حول هذا الصعود ولكن حول التسارع الفجائي في خطواته. ومن جانب آخر، فقد صدر مساء الثلاثاء إعلان هيئة سوق المال عن مشروعها الجديد لتطوير هيكل السوق بمؤشراته وقطاعاته المتعددة.. وهو الأمر الذي يثير التساؤل أيضاً حول وجود علاقة بين الأمرين (أمر الصعود وتسارعه وأمر المشروع الجديد).. وهل فعلاً تسربت أخبار المشروع الجديد وبدأ المستثمرون في شراء استبقائي ليجنوا أرباح المحفز الإيجابي الجديد؟ وإذا لم يكن هذا الصعود نتيجة شراء استبقائي من المستثمرين فهل يمكن أن يكون المسار كله من ابتكار صناع السوق؟ وما أهدافهم؟ وهل يمكن توقع هبوط متسارع بنفس الدرجة حال انتهاء زمن المحفز؟ ومن جانب ثالث، فقد خرجت الأسهم الاستثمارية ذات الأسعار المتدنية (ما بين عشرة وعشرين ريالاً) - المملكة وكيان وإعمار والتعمير والكهرباء - عن صمتها لتزيل شرنقة الجمود والنسب الحمراء لتنطلق في طريق صعودي قوي لم تَسِرْ فيه بعضها ربما منذ بداية إدراجها في السوق.. فهل فعلاً القرار المقترح لاستبعاد أسهم الدولة وأيضاً استبعاد أسهم المؤسسين واحتساب الأسهم المتداولة فقط هو المحفز الرئيس وراء صعودها القوي؟ إن هذا الأسبوع يعتبر حافلاً بالتغيرات العديدة التي جاءت بالتوازي مع مسار صاعد، وهنا لا ندري هل هذه التغيرات هي التي جاءت بهذا المسار الصاعد أم أن المسار الصاعد هو الذي جاء بها؟ إن هذه التساؤلات كانت محض جدل واسع بين المحللين والمراقبين للسوق.

المؤشر يربح 788 نقطة خلال شهر أكتوبر

منذ بداية شهر أكتوبر الحالي سار المؤشر في مسار صاعد بطيء وخجول كان يربح من خلاله بضع نقاط ثم ربما يفقدها في اليوم التالي لدرجة أنه لم يربح سوى 79 نقطة خلال الأيام العشرة الأولى من شهر أكتوبر.. ثم بدأ يدخل في مسار أكثر اعتدالاً في الصعود خلال الأسبوع السابق لعيد الفطر مباشرةً حتى أغلق المؤشر عند 7912 نقطة.. ثم بدأت حركة التداول بعد العيد على مضمار أكثر قوة، حيث ربح المؤشر 297 نقطة خلال أسبوع ما بعد العيد.. ثم بدايةً من السبت الماضي بدأ المؤشر يدخل في مرحلة صعود قوية ربح خلالها حتى يوم الأربعاء نحو 412 نقطة.. أي أن المؤشر ربح 788 نقطة خلال كامل شهر أكتوبر أو ما يعادل 10%.. ولكن ما تفسير التسارع في هذا المسار الصعودي؟

محفز غير معروف وراء الصعود المتسارع!!

المسار الصاعد الحالي ليس جديداً، وإنما بدأت تظهر ملامحه في الثامن من أكتوبر من هذا الشهر (خلال الأيام الأخيرة من تداولات شهر رمضان)، حيث ظهرت عمليات شراء قوية راغبة في التخفي وسحب العروض دون لفت النظر، لدرجة أننا جميعاً اعتقدنا أنها تدخل في مضمار التداولات العادية.. إلا أن هذا الشراء بدأ يزداد شيئاً فشيئاً بعد العيد مباشرة، والأمر المستغرب هو أن هذا الشراء بدأ يتجه ناحية أسهم استثمارية بعينها مبتعداً عن الأسهم المضاربية التي بدأت تهدأ قيمها نتيجة ظهور حالة من الإهمال واللامبالاة بها.. وحقيقةً، إن هذا الوضع لا يمكن القول بأنه حدث سوى من قبل محافظ كبيرة أو محافظ بعينها.. إن المتتبع لتطورات المؤشر وأسعار سابك والراجحي ليلحظ أن طفرة سعرية قد طرأت عليها فجأة، هذه الطفرة لا يمكن أن تحدث عشوائياً، ولكن ينبغي أن يكون وراءها محفز قوي ودافع مثير للأرباح.. فسهم سابك الجامد عند الـ129 ريالاً التي كانت لا تفارقه كثيراً (وإن فارقته راجعته ثانية) انطلق فجأة إلى 140 ريالاً يوم السبت قبل الماضي، ثم إلى 144 يوم السبت الماضي، حتى حلّق عند الـ151 ريالاً يوم الاثنين، ثم عاود الرجوع إلى 148.5 ريالاً يوم الأربعاء الماضي.. كذلك سهم الراجحي الذي انطلق فجأة إلى 87 ريالاً يوم السبت قبل الماضي، ثم إلى 90 ريالاً السبت الماضي، وحلّق عند 92 ريالاً يوم الاثنين، ثم أغلق عند 94.5 ريالاً يوم الأربعاء.. إن محور الملاحظة هنا يؤكد أن هناك خبراً يمثل محفزاً قوياً كان معلوماً أو ربما متوقعاً لدى البعض كان سبباً في شراء قوي ومتصل على مدى الفترة من الثامن من هذا الشهر حتى يوم الاثنين الماضي.. ركز هذا الشراء على أسهم استثمارية معينة، تمثلت جوهرياً في سابك والراجحي والبنوك وبعض الصناعيات، وبخاصة كيان والمملكة والكهرباء.. إلا أن الأمر المثير حقاً هو أن قمةً ما وُضعت لهذا الشراء ظهرت يوم الاثنين الماضي.. فما الذي حدث؟ وما الذي غيّر فجأة من سلوكيات كبار المستثمرين للإقبال الشرس على الأسهم الاستثمارية أو بالأحرى القيادية بهذا الشكل اللافت للنظر؟ هل أصبحت فجأة مثار اهتمامهم؟ ماذا تغيّر بها لكي يحرصوا عليها هذا الحرص؟

الهيكلة الجديدة

أعلنت هيئة السوق مساء الثلاثاء عن مشروعها الجديد لإعادة هيكلة سوق الأسهم ومؤشراته. ووفقاً للهيكل المقترح سيتم تقسيم السوق إلى 14 قطاعاً بدلاً من القطاعات الثمانية الحالية، تتمثل في: المصارف والخدمات المالية، والتطوير العقاري، والإعلام والنشر، والطاقة، والنقل، والفنادق والسياحة، والتشييد والبناء، والتجزئة، وقطاع شركات الاستثمار المتعدّد، والزراعة والصناعات الغذائية، والبتروكيماويات، وقطاع الاستثمار الصناعي، والاتصالات، والتأمين. إن تفسير الهيكل الجديد ليس هو موضوعنا الآن، ولكن موضوعنا هو هل هناك علاقة بين الإعلان عن هذا المشروع والصعود القوي بداية هذا الأسبوع؟

هل لمشروع الهيكلة دور

في صعود القياديات؟

إن أدنى درجة ذكاء للفرد تجعله يربط بين الإعلان عن المشروع الجديد لهيكلة السوق والصعود القوي ليس الذي بدأ هذا الأسبوع ولكن الذي بدأ منذ الأسبوع الأخير من رمضان، وقد كان يوم الاثنين لافتاً للنظر في حدوث أعلى قمة لسابك، وهو اليوم السابق مباشرةً ليوم الثلاثاء الذي نشر فيه مشروع الهيكلة الجديدة للاستفتاء على المحللين والمهتمين بالسوق.. أي أن هناك ما يشير إلى أن البعض كان عنده معلومات أو توقع بصدور مثل هذا المشروع، وكان لديه تصوّر عن مدى تأثير ذلك على حركة التداول، فاستبق عوام المتداولين بعمليات شراء وتجميع في أسهم معينة كان يتوقع صعودها بقوة.. وهنا يوجد احتمالان لهؤلاء المستبقين:

الاحتمال الأول: أن يكونوا قد جمعوا بأسعار متدنية ثم باعوا وخرجوا يوم الثلاثاء والأربعاء معتبرين أن تأثير مثل هذا المحفز وقتي ولن يطول، وبالتالي فقد باعوا عند قمم لن تتكرر كما يعتقدون.

الاحتمال الثاني: أن توقعاتهم تشير إلى استقرار الأسهم التي قاموا بالتجميع فيها عند المستويات السعرية المرتفعة الحالية؛ لتوقُّعهم صعوداً تالياً لها عندما يتم تفعيل الهيكل الجديد، إلا أنهم توقفوا عن الشراء منذ يوم الاثنين، وبالتالي، فهم رابحون بشدة فيها، وبخاصة أنهم بدؤوا يجمعون في سهم كسابك مثلاً عند مستوى الـ129 ريالاً.

الهيكلة والمضاربة في القياديات؟

إن السؤال الذي يطرح نفسه: ما الحافز لدى المستثمرين للتجميع في أسهم استثمارية التي طالما أهملوها؟ وكيف يحقق لهم الهيكل الجديد للسوق ذلك؟

يقضي المشروع الجديد لهيكلة السوق باستبعاد أي أسهم غير متداولة من حساب المؤشر، الأمر الذي يعني استبعاد الأسهم المملوكة من الحكومة أو مؤسساتها وأسهم الشريك الأجنبي والشريك المؤسس خلال فترة الحظر، فضلاً عن استبعاد أسهم من يملك 10% أو أكثر من أسهم شركة مدرجة. وتقوم شركة تداول بمراجعة التغير في الأسهم المتاحة للتداول وتحديث ما يتضمنه المؤشر كل ثلاثة أشهر. وبناءً عليه، فإن العديد من الأسهم الاستثمارية يتوقع أن ينفك عنها الحصار التلقائي أو الجمود الذاتي الذي أصابها منذ أكثر من عام نتيجة الاعتقاد السائد بأن الأسهم القيادية الرئيسة هي أسهم للمؤشر ولا يستطيع أحد الاقتراب منها أو التفكير في المضاربة عليها؛ لأن من سيسعى للمضاربة عليها سيصطدم بقوى الصناع للمحافظة على استقرار المؤشر، وبالتالي سيعود خاوياً بلا عائد من المضاربة عليها.. ولكن الآن ومع بدء فك الحصار عنها من خلال استبعاد أسهم الحكومة في الأسهم القيادية المملوكة للدولة، وأيضاً من خلال استبعاد حصص المؤسسين للأسهم القيادية المملوكة أو المشارك في ملكيتها كبار المستثمرين، أو الأسهم المشارك في ملكيتها شركاء أجانب؛ يتوقع أن تصبح هذه الأسهم حرة التداول بالكامل، وربما يتوقع البعض أن تصبح لقمة سائغة أمام كبار المضاربين.. ولكن كيف ذلك؟

انخفاض القيمة السوقية

المحسوبة للأسهم القيادية

الأسهم الكبيرة كانت في السابق مثار اهتمام عدد محدود جداً من كبار المستثمرين قد لا يتخطون أصابع اليد.. ويرجع ذلك إلى ارتباط الربح في هذه الأسهم بمدى كبر حجم المحفظة وتخطيها لقوة استثمارية معينة؛ فسهم مثل سابك الذي تبلغ قيمته السوقية نحو 371 مليار ريال لا بدَّ للمستثمر أن يمتلك 5% على الأقل لكي يؤثر فيه؛ أي يمتلك محفظة لا تقلّ عن 19 مليار ريال، وقد يندر وجود محافظ تصل إلى هذه القيمة.. لذلك كانت خارج نطاق السيطرة والاستحواذ من قبل المحافظ الاستثمارية. إن دافع قوة التأثير يمثل العامل الأهم للمضاربة أو الاستثمار في السهم لدى المستثمرين.. الآن ومع تطبيق القرارات الجديدة للاستبعادات يتوقع أن تتقلص القيمة السوقية للأسهم الكبيرة، حيث ستصل قيمة سابك السوقية المأخوذ بها إلى 108 مليارات ريال، وبالتالي ستصبح في متناول أيدي كبار المستثمرين؛ لأن أي محفظة تصل قيمتها إلى 5 مليارات ريال ستؤثر بشدة على السهم.. إلا أن سابك وأخواتها لن تكون مثار اهتمام أصحاب المحافظ الاستثمارية الكبرى فقط، ولكنها ستكون مثار اهتمام كافة المضاربين أيضاً؛ لأن هؤلاء يتحركون على جناح تحركات المحافظ الكبيرة.

خماسي الأسعار المتدنية

يتحرك بقوة لأول مرة

شهد هذا الأسبوع تحركاً ملموساً للأسهم الاستثمارية ذات الأسعار دون العشرين ريالاً، وهي أسهم كيان والكهرباء وإعمار والمملكة والتعمير، تلك الأسهم التي شكلت نشاطاً حميماً هذا الأسبوع، حيث تحركت في مسار صعودي جاء قوياً جداً لكيان التي ربحت 13%، ثم إعمار التي ربحت 11%، ثم المملكة التي ربحت 10%، ثم الكهرباء والتعمير التي ربحت كل منها 6% تقريباً.. إن التفسير الوحيد لنشاط هذه الأسهم المفاجئ إنما ينصب ّعلى وجود حصص مركزية كبيرة في هذه الأسهم إما للدولة وإما لشركاء كمؤسسين.. إن استبعاد هذه الحصص سيعيد هذه الأسهم إلى حظيرة المضاربات بشدة، وسيعزز هذه المضاربات كون الأسهم المعنية من ذوات القيم المنخفضة، بما سيمكن الجميع صغاراً وكباراً من المضاربة عليها.

هل نبيع أسهمنا القديمة أم ننتظر؟

إنه السؤال الذي نهرب من الإجابة عنه يومياً من قبل المستثمرين العالقين في السوق: هل نبيع أسهمنا القديمة التي اشتريناها بأسعار تفوق المستويات الحالية؟ البعض لا يزال يحتفظ بأسهم منذ عهد بداية التصحيح في فبراير من العام الماضي عندما كان سعر سابك لا يزال عند 363 ريالاً، وسعر الراجحي عند 784 ريالاً.. عندما كانوا يتطلعون إلى مستوى الـ30 ألف نقطة. هذه الأسهم على رغم كل ما جرى في السوق أصحابها غير قادرين على اتخاذ قرار ببيعها والتعديل فيها.. والأسباب بعضها عاطفي أو نفسي لعدم القدرة على اتخاذ القرار، وبعضها نتيجة للأمل في عودة هذه الأسهم من جديد لمستوياتها القديمة، وهذا الأمل إما لرؤية ذاتية وإما نتيجة لنصائح آخرين... فهؤلاء المتداولون العالقون الذين ربما يكونون عشرات الآلاف في السوق قد أضاعوا ما يزيد على 30 مساراً صاعداً تقريباً.. وبالتالي أضاعوا 30 فرصة لتعديل أوضاعهم في تلك الأسهم القديمة، وللأسف كل مسار صاعد يكون أسوأ مما قبله.. لأنه على رغم المسارات الصاعدة التي مرّ بها السوق إلا أنها جميعاً كانت مسارات صاعدة فرعية من مسار هابط طويل وحقيقي، وكانت هذه المسارات متدرجة لأسفل.. فضلاً عن حقيقة أنها جميعاً كانت قصيرة الأجل ومؤقتة ولا تستمر سوى أيام أو أسابيع.. فماذا يفعل هؤلاء المتعلقون مع كل مسار صاعد؟ وما تصرفاتهم المضاربية؟ وهذا ما سنتعرض له في تقرير لاحق.

* محلل اقتصادي


Hassan14369@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد