Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/11/2007 G Issue 12834
وَرّاق الجزيرة
الأحد 08 ذو القعدة 1428   العدد  12834
المريدسية بلدة العلماء والزهاد

في عدد«الجزيرة» رقم 12806 وتاريخ 10 شوال 1428هـ في صفحة (وراق الجزيرة) تطرق الأستاذ عبد الله البريدي لبعض القرى النجدية التي أنجبت أعلاماً وأشار إلى المريدسية أحد خبوب وأرياف بريدة الغربية وأنها أنجبت بعض العلماء والزهاد والحديث عن الصالحين لا يمل والنفوس تتشوّق إلى معرفة أخبارهم، بل يدفعها فضول محمود إلى تتبع سيرهم وأحوالهم ومهما أطال المرء في سرد ذكرياتهم فلا يعد إسهاباً ولا إطناباً، بل تدوين مناقبهم وورعهم سنة ماضية عند أهل العلم المتقدمين والمتأخرين فصنفوا فيها المصنفات لعظم الأثر المترتب على معرفة سير القوم.

ومن فضل الله ومنته على أهل هذه البلدة تميزهم وحرصهم على العلم الشرعي وهمتهم الكبيرة في ترسيخ العقيدة ومجانبة ما يضادها يقول الشيخ محمد بن ناصر العبودي في معجم القصيم (أهل المريدسية مشهورون بالورع ومتانة التدين التي تبلغ درجة الاحتياط لأمر دينهم والبعد عن الشبهات).

وفي هذه العجالة أورد لمحات ولطائف من سيرة بعض الزهاد في المريدسية ممن أسعدهم الله بطاعته وحفظهم برعايته وتولاهم بمحبته، فقد كانت ثقتهم بالله أعظم مما في أيديهم أمتلأت قلوبهم بالخوف من الله وحده وأناروا قلوبهم بسراج الذكر ومزقوا ظلام الليل بدوي التسبيح واتسمت حياتهم بدفء اليقين ولامس الإخلاص مهجة أفئدتهم فراحت سجاياهم تملأ الزمان ولم يدر في خلدهم أن التاريخ سيحكي قصتهم للأجيال من بعدهم ليذكرونا بسلفنا الصالح المطرف بن عبد الله بن الشخير وطاوس ين كيسان ويزيد الرقاشي.

ومن أبرز الزهاد فيها العالم الورع عبد الله بن محمد بن فدأ ولد عام 1272هـ ومن أبرز مشايخه القاضي ابن مقبل والشيخ محمد بن سليم وكان يلقب بالفضيل بن عياض لورعه وكان صاحب مواعظ مؤثره وله مراسلات مع حكام وملوك الدولة السعودية - حفظهم الله - وله مكانة مرموقة عند العامة والخاصة ومن أبرز تلاميذه رئيس القضاة في مكة عبد الله بن بليهد ومحمد بن مانع مدير المعارف ومحمد بن مقبل قاضي البكيرية وله مؤلف (القول المتين على المحتالين) وله منسك مخطوط على مذهب الحنابلة. وله مخطوطة في بعض الوظائف التقطها من ابن رجب ورشحها من ابن الجوزي وتوفي سنة الوباء في نجد 1337هـ. يقول عنه الشيخ ابن عبيد في تاريخه إنه لما سمع بقدوم الدولة العثمانية خرج إلى المريدسية فاراً بدينه وقد استصحب معه عنزاً فكان يشرب حليبها هناك فقدر أن انطلقت ليلة من الليالي إلى خضرة الجيران تأكل منها فلما علم بذلك تأثر واغتم ودعا بأهل البرسيم ليقيّموا ما أكلته فأبوا عليه لحبهم له فحبسها سبعة أيام واجتنب درها خلال ذلك.

ومن زهاد المريدسية العبد الصالح الزاهد في حطام الدنيا عبد العزيز بن عودة السعوي يقول ابن عبيد في تاريخه (وأسرة المترجم له متمسكون بالديانة يوالون في الله أهل الطاعة وينتمون إلى الفضل والصلاح) فكان السعوي فلاحاً يأكل من كسب يده ويصل الفقراء والمساكين ويواسيهم بماله ولما أصيبت الأمة بسنة وجدب قام وقسم مزرعته من البر والشعير نصفين بحبل فقال هذا الشطر لي والشطر الآخر لله عزّ وجلّ ثم وزعه على المساكين. ولقد لبث في 18 سنه لم يقدم بريدة لما توفرت فيها المصنوعات الحديثة لا لتحريمها ولكن للسلامة من المشتبهات.

أخيراً وليس آخراً إن تدوين هذه اللمحات من زهاد المريدسية لتكون معالم قدوة كما قال الغبريني ت.714هـ في مقدمة كتابه (عنوان الدراية) وذلك ليعلم طالب العلم الأئمة الذين بهم يقتدى وبسلوك سننهم السوي يهتدى. ولو أدرك الحافظ أبو نعيم الأصبهاني هذه النماذج لوضعها في حلية الأولياء.

عبدالملك بن عبدالوهاب البريدي
مدير مركز علاقات الإنسان بالقصيم - القصيم - بريدة



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد