Al Jazirah NewsPaper Thursday  29/11/2007 G Issue 12845
الرأي
الخميس 19 ذو القعدة 1428   العدد  12845
وقفات.. دائرة الطباشير
سلوى أبومدين

لا أعلم وأنا منذ مدة أناوش فكرة تلك المطالعة التي لم تغب عن ذهني موضوع كنتُ قد قرأته وأنا طفلة صغيرة في إحدى مدارس دمشق تذكرت في حصة المطالعة بعنوان (دائرة الطباشير القوقازية) للكاتب المسرحي برتولد بريخت.

وكنت معجبة بالقصة للقيمة التي تحتويها، أما القصة أو مسرحية (دائرة الطباشير القوقازية)، وتتلخص الملحمة أو التراجيديا في قصة الملكة التي كانت لها طفل صغير قامت الخادمة بتربيته ورعايته منذ صغره، ولكن ثورة شعبية أطاحت بحكم الملك والملكة فهربا إلى خارج البلاد بينما ظلت الخادمة تسهر على رعاية الطفل ليل نهار، وتشاء الظروف بعد عدة سنوات أن يعود الملك والملكة إلى حكم البلاد، ومن ثم تطالب الملكة بطفلها من الخادمة كروشا فترفض تسلمه لها فيرفع إلى القضاء، ويقوم القاضي وهو في حيرة من أمره لمن يحكم بأحقية الطفل فيستعين بتجربة دائرة الطباشير. وطالب الملكة الأم الحقيقية للطفل والخادمة الأم التي سهرت على رعايته منذ صغره وحتى بلوغه سن الرشد بأن يجذبانه بالقوة إلى خارج الدائرة.

وتدور أحداث المسرحية الحقيقة بين الأم الحقيقة والأم الخادمة وتنتهي أحداث التي غير المتوقعة بانتصار الأم الملكة التي جاهدت في جذب ابنها من خارج الدائرة بينما الخادمة الأكثر رأفة وحناناً لم تستطع فعل ذلك خشية من أن يؤذى الصغير. وهنا رأى القاضي أن الأم الخادمة كانت أكثر حنانا من أمه الحقيقة، على عكس الأم الملكة التي تعاملت مع الأمر بلغة القوة والقسوة، فحكم للأم الخامة برعاية الطفلة .

وقد عكس (بريخت) في مسرحيته نتيجة الحكم، فحكم لجروشا الخادمة أن يكون الطفل من نصيبها وهي التي أنقذت الطفل بعد الثورة على أبيه الحاكم. وأشرفت على تربيه، وليس للأم التي تخلفت عنه. وأعتقد أن بريخت يرمي لمعنى واضح أن من له القدرة الكافية على الاحتفاظ بالشيء والاهتمام به هو الأحق به.

هذه الرواية تدفعنا عنوة للنظر فيما يحدث في لبنان !

لذا يتوجب على النخبة المثقفة في لبنان أن تحاول ممارسة دور القاضي وأن ترسم خط الدائرة حتى لو اضطرت أن تفعل ذلك بكل شيء وليس فقط بأقلامهم، ليحاموا ويحموا لبنان إن كان هو الولد أو كان الأم.

فهل من حوار عقلاني يساعد على الخروج من هذا المأزق المرير الذي تعيشه لبنان والذي يمكن أن يكون على النحو التالي: من يحكم لبنان يا ترى ؟




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد