Al Jazirah NewsPaper Friday  30/11/2007 G Issue 12846
الاقتصادية
الجمعة 20 ذو القعدة 1428   العدد  12846
دخول المؤشر مرحلة ثالثة من مساره الصاعد.. وركود القياديات يثير التساؤلات

د. حسن الشقطي

أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند مستوى 9464.4 نقطة خاسراً 54.5 نقطة تقريباً، وهي الخسارة التي جاءت في ظل الهبوط القوي الذي ضرب السوق يوم الثلاثاء الماضي وخسر فيه نحو 197 نقطة. وقد تمكن المؤشر يوم الأربعاء من تعويض جزء كبير من خسائره في يومي الاثنين والثلاثاء.

وقد اختلفت الآراء حول هبوط الثلاثاء، فالبعض اعتبره الجني الحقيقي لأرباح المسار الصاعد الذي ناهز الشهرين تقريباً، في حين أن البعض الآخر لا يزال يربط بين هذا الهبوط وتسرُّب أخبار تداول العملاق العقاري (جبل عمر)، ومن ثم فقد حدثت عمليات بيع كبيرة في السوق تحوُّطاً لتجهيز سيولة للمستثمرين لتداول السهم والاكتتاب في دار الأركان يوم السبت المقبل.

هذا، وسوف يبدأ السوق في ترقُّب طوفان التغييرات الجديدة بداية من نهاية الأسبوع المقبل تقريباً، تلك التغييرات التي من المتوقع أن تتسبب في إنهاء وضع قديم وبدء وضع جديد للسوق. إن السوق يعاني أمس واليوم وغداً من ضبابية كبيرة نتيجة عدم المقدرة على التكهن بوضع واتجاه مسار السوق في الأيام المقبلة.

هبوط قويّ يضرب السوق يوم الثلاثاء

افتتح المؤشر أسبوعه على صعود، حيث ربح يوم السبت الماضي 114.5 نقطة، واستكمل صعود الأحد ليربح 17 نقطة، إلا أنه عكس اتجاهه يوم الاثنين؛ حيث خسر 85 نقطة، ثم ضربه هبوط قويّ يوم الثلاثاء خسر خلاله 197.4 نقطة، وهي أعلى نسبة هبوط تصيب المؤشر منذ 6 أشهر تقريباً. إلا أنه تمكن من الارتداد يوم الأربعاء ليربح 97 نقطة ويعوض جزءاً كبيراً من خسائره، ومن ثم يغلق على نسبة هبوط طفيفة لم تتجاوز 55 نقطة.

نسبة الهبوط الأسبوعية

لا تزال في الحدود الطبيعية

لقد تسبب هبوط الثلاثاء في قلق وانزعاج نسبة كبيرة من المتداولين في السوق وجدَّد مخاوفهم من انتهاء المسار الصاعد، إلا أن نسبة الهبوط الأسبوعية التي لم تتجاوز 0.6% لا يمكن أن تثير مخاوف كبيرة، بدايةً لأنها تأتي بعد فترة طويلة من الصعود قاربت الشهرين لم يهدأ المسار الصاعد فيها ولم يتوقف لجني أرباح يعادل فترة وقوة صعوده، ثانياً أن طبيعة أسواق الأسهم هي الصعود والهبوط، ولا يوجد سوق يسير في اتجاه واحد صعوداً أو هبوطاً، فلا بدَّ من صعود وهبوط بما يصنع دورة حياة لكل مسار. إلا أن أساس القلق يأتي من المسار الهابط الذي اتخذه سهما سابك والراجحي، حيث خسر الأول 4.22% والثاني 3.48%، كما أن العديد من أسهم القطاع الصناعي خرجت هذا الأسبوع خاسرة، فبلغت خسائره إجمالاً 3.67%. على رغم كل ذلك فالصورة رمادية تماماً حول: هل يمكن أن يكون للتغيرات الجديدة المرتقبة في السوق دور في الانسحاب الملحوظ لبعض سيولة كبار المستثمرين؟ ولماذا؟ وكيف؟ للأسف فإن وصول جميع المحللين إلى الإجابة عن مثل هذه التساؤلات يأتي متأخراً بعد أن يكون كبار المستثمرين قد أتموا وجبتهم.

دورة حياة المسار الصاعد

مؤشر السوق يصنع دورة صعود كل حين وآخر حسب طبيعة وظروف السوق، أحياناً تطول وأحياناً تقصر. هذه الدورة في العادة تمر بثلاث مراحل مثل أي سلعة أو منتج آخر. تتمثل المرحلة الأولى في مرحلة الابتكار، وهي مرحلة صناعة الصعود التي يلعب فيها كبار المستثمرين وصناع السوق الدور الرئيس لخلق المسار الصاعد. هذه المرحلة قد لا يكون لصغار المستثمرين أي دور فيها، ومن ثَمَّ فإن أرباحها يحتكرها كبار المستثمرين، وهذا الاحتكار لا يكون إجبارياً، ولكن بتفوق كبار المستثمرين في وصولهم للمعلومات وتفسيرها قبل غيرهم. وخلال هذه المرحلة يكون الصعود غير مرئي، وغير واضحة معالمه، وتتبلور بشكل رئيس في عمليات شراء كبيرة وطويلة وخفية من كبار المستثمرين في أسهم بعينها.

أما المرحلة الثانية فهي مرحلة نضوج المسار الصاعد الذي يكون قد بدأ يظهر للجميع (كباراً وصغاراً) وتبدأ عمليات شراء القطيع في الأسهم التي ابتدأها كبار المستثمرين. في هذه المرحلة يبدأ كبار المستثمرين في البيع الخفي وغير الظاهر ويجنون أرباحاً هائلة في ضوء استمرار المسار الصاعد بقوة اندفاع القطيع.

أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة الخفوت والهبوط، ويكون فيها قد أتم كبار المستثمرين بيع ما لديهم، ومن ثَمَّ بدأت تظهر حركات بيع طويلة نتيجة انعكاس حركة القطيع من الشراء إلى البيع، وهي مرحلة جني أرباح القطيع التي يستمر فيها المؤشر في الهبوط حتى يصل إلى نقطة انطلاق المسار الصاعد في البداية. ويستمر هذا الوضع ربما كمسار أفقي بعد الوصول إلى نقطة الانطلاق الأولى للمؤشر حتى يبدأ صناع السوق في تكوين مسار صاعد حقيقي أو مفتعل جديد.

والتساؤل المثير الآن: أين يقع مؤشر السوق الآن؟ للأسف فإن الإغلاق الإيجابي للمؤشر يوم الأربعاء الماضي وضع المؤشر على المحك، إما في تكملة مساره الصاعد وإما أنه مجرد إغلاق إيجابي مفتعل وأن السوق أصبح مقبلاً على هبوط في ضوء انتكاسة سابك وبدء ركود الراجحي.

دار الأركان.. ثاني أعلى

سعر اكتتاب خلال الفترة الأخيرة

سيبدأ الاكتتاب في 11.01% من رأسمال شركة دار الأركان يوم السبت المقبل وسيستمر لمدة أسبوع، حيث ستطرح الشركة نحو 59.454 مليون سهم من إجمالي أسهمها البالغة 540 مليون سهم. وتبلغ قيمة السهم الواحد في الاكتتاب 56 ريالاً، متضمنة 46 ريالاً كعلاوة إصدار. وستطرح نسبة 30% من هذه الأسهم على الأفراد، في حين أن 70% ستخصَّص للصناديق والمؤسسات المكتتبة. وتبلغ القيمة الإجمالية لمتحصلات الشركة من الاكتتاب نحو 3.3 مليارات ريال؛ أي أن الشركة سوف تُحصل من هذا الاكتتاب نحو 62% من قيمة رأسمالها المدفوع الذي يبلغ 5.4 مليار ريال. إلا أن فرض علاوة الإصدار بقيمة 46 ريالاً لا يعتبر أمراً مستغرباً في السوق، وإنما أصبح أمراً عادياً على رغم أن سعر اكتتابها يعتبر ثاني أعلى سعر اكتتاب بعلاوة إصدار خلال الفترة الأخيرة، حيث جاء سهم البحر الأحمر كأعلى سعر عند 58 ريالاً، يليه دار الأركان 56 ريالاً، ثم سبكيم 55 ريالاً، ثم بدجت 52 ريالاً. وإذا نجحت أسهم البحر الأحمر وبدجت في أن تصعد فوق أسعار إصدارها فهل ستنجح دار الأركان في ذلك، أم أنها معرضة للانتكاسة أسفل سعر إصدارها مثل سبكيم؟ بل ويُثار الجدل الكبير حول السعر المتوقع أن يتداول به سهم دار الأركان، فهل فعلاً السهم قادر على افتتاح التداول بسعر يعادل سعر إصداره؟ إن دار الأركان تبدو ذات سمعة طيبة، وتبدو انطلاقة الشركة غير عادية في توسعاتها على مستوى مناطق المملكة، ولكن هل هي قادرة على الانفصال عن مستوى أسعار الأسهم العقارية بالسوق التي لم تتجاوز قيمة أيّ منها نحو الـ42 ريالاً لسهم مكة؟ إن الزمن هو الذي سيجيب عن هذا التساؤل.

جبل عمر.. كم السعر؟ وإلى أين يأخذ المؤشر؟

إدراج جبل عمر أثار جدلاً يفوق ما أثاره اكتتاب دار الأركان، بل هما شبيهان في انتمائهما لنفس النشاط العقاري تقريباً، غير أن جبل عمر أدرج بقيمته الاسمية عند 10 ريالات، كما أنه يتسم بضخامة الإصدار الذي وصل إلى 201.4 مليون سهم، ويُشاع أن الإعلان عن بدء تداول السهم هو السبب في الهبوط القويّ يوم الثلاثاء الماضي. إن السهم ليس عادياً، ويتوقع أن يتسبب في بعض الاضطراب في حركة التداول يوم السبت المقبل؛ لأن نسبة تذبذبه ستكون مفتوحة خلال اليوم الأول لإدراجه.

ويسعى الجميع إلى توقع سعر إغلاقه في اليوم الأول الذي سيشكل تقريباً نطاق سعره في المستقبل.

سهم جبل عمر سينتمي إلى قطاع التطوير العقاري الذي يضم حالياً أسهم العقارية بسعر 43 ريالاً، وطيبة بسعر 32 ريالاً، ومكة بسعر 42 ريالاً، والتعمير بسعر 23.5 ريالاً، وإعمار بسعر 20.75 ريالاً. ويتشابه سهم جبل عمر مع سهم مكة من حيث نطاق النشاط العقاري في المناطق المقدسة، في حين أنه يتشابه مع سهم إعمار من حيث الفترة الزمنية للطرح وطبيعة الظروف التي تحيط بسوق الأسهم. وعليه، فإن نطاق السعر المتوقع لجبل عمر ينحصر بين سعري هذين السهمين، حيث إن السهم يتوقع أن يتداول ما بين الـ20 إلى 42 ريالاً، إلا أن ظروفاً كثيرة تشير إلى أن السهم ربما يكون أقرب من سعر تداول سهم إعمار ليس لظروف السهم بقدر ما لظروف صناعة السوق الذي رُبطت كافة الأسهم الكبيرة الذي طرحت فيه مؤخراً؛ حيث لا يتعدى سعرها الـ20 ريالاً، وليكون السهم أحد قياديات التوازن بالسوق ككيان والمملكة وإعمار.

ماذا يتوقع أن يحدث للسوق تقريباً؟ سهم معين ينتمي لقطاع معين وبسعر معين ومدرج في سوق بمؤشر ذي قيمة معينة. هذه المعلومات معروفة تماماً لكل سهم متداول بالسوق. الآن، وبعد تفعيل القرارات الجديدة سوف تجد سهمك ربما بسعر جديد (إن تمّ تفعيل قرار تفتيت الأسهم إلى ريال واحد)، وسوف تجده ينتمي إلى قطاع جديد، وسوف تجد المؤشر أيضاً بقيمة جديدة. يعني قد لا تجد أياً من ملامح السوق الحالية بعد أسبوعين أو أكثر من الآن. هنا يتوقع أن تتغير معايير الإقبال على الأسهم، وسوف تتغير قيمة تأثيرها في المؤشر، وبخاصة بعد حساب الاستبعادات من الحصص غير المتداولة من كل سهم، فكل شيء سوف يتغير. إن توقُّع ما قد يصير يتطلب دراسات ودراسات وحنكة وحكمة للتمكن من وضع سيناريو صحيح لما سيكون عليه حال الأسهم ومؤشر السوق.

الوقت الأنسب لتفعيل القرارات

الجديدة للسوق الجديد

إن هذه القرارات الجديدة من المحتمل بشدة أن تسبب ارتباكاً شديداً للمتداولين، وربما تضعهم في حيرة، وربما تجعل كثيراً منهم لا يدركون مآل الأمر إلا بعد مرور فترة زمنية طويلة. خلال هذه الفترة في الغالب يكون كبار المستثمرين قد جنوا وربحوا أرباحاً هائلة من جرّاء عدم فهم واستيعاب عوامّ المتداولين للقرارات الجديدة وتأثيراتها. إن الحكمة تستدعي إقرار القرارات الجديدة في وقت يعطي صغار المستثمرين الوقت الكافي لتفهم ماهية وتأثيرات تلك القرارات. بل إن الرحمة هنا تستدعي عدم إطلاق وتفعيل القرارات الجديدة مرة واحدة، وإنما تجزئتها وتفعيلها على مراحل حتى يكون بإمكان الجميع تفهُّم تأثير كل منها على انفراد وبسهولة. إن إطلاق القرارات الجديدة بعد إغلاق يوم الأحد السابق لبدء إجازة عيد الأضحى مباشرةً يعتبر أنسب وقت؛ لأنه يعطي صغار المتداولين، وهي النسبة الغالبة في السوق، الوقت الكافي لتدارس القرارات الجديدة والتفكير فيها، ومن ثم إتاحة الفرصة الكافية للتعرُّف على حدود تأثيراتها على أسهمهم وعلى السوق ككل.

مطلوب من هيئة السوق توضيح وشرح مستوفًى لكل قرار جديد في السوق

على رغم أن هيئة السوق اعتادت خلال الفترة الأخيرة على نمط جديد يقوم على تقديم بعض التوضيحات أو الشرح للقرارات الجديدة، إلا أنها بصدق لا تزال غير كافية، ولا يزال كل قرار جديد يترك مجالاً واسعاً للتأويلات من هنا أو هناك بما يزيد من الشائعات التي في الغالب يكون ضحيتها صغار المتداولين الذين يتيهون بين حديث المحلل الفلاني المتشائم وبين كلام المستشار الفلاني المتفائل وبين توصيات المنتديات وغيرها من أبواق الشائعات والتضليل. وكل ذلك ناجم عن عدم وجود شرح تفصيلي وكافٍ من هيئة السوق لكل قرار جديد تعلن عنه، فعلى سبيل المثال: على رغم ما قدَّمته الهيئة من توضيحات عند إعلانها عن الهيكل الجديد للسوق إلا أن هذا التوضيح يُعاب عليه أنه توضيح أصمّ بلا أرقام. إن الأمر يتطلب إعداد رسومات توضيحية وإعطاء أمثلة توضيحية لأسهم حقيقية بالسوق وبالأرقام، ورسم سيناريوهات واقعية لماهية وتأثيرات كل أمر أو قرار جديد يصدر في السوق. وكل ذلك يمكن تحقيقه بالحياد التام.

محلل اقتصادي


Hassan14369@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد