تلقيت رسالة عبر الايميل من طالبة دراسات عليا في الاردن الشقيق تقوم على بحث حول الفن التشكيلي النسائي طلبت في رسالتها ان اسمح لها بأن تأخذ لبحثها مما طرحته حول هذا الموضوع في عدد سابق من أعداد المجلة الثقافية، والحقيقة ان مثل هذا الطلب يعد تشريفا لي من خلال حب الأصل جريدة الجزيرة التي تحقق الكثير من الخدمات في مختلف التخصصات ومنها الثقافة بما فيها الفنون التشكيلية.

تلك الرسالة أعادتني للتفكير مرة أخرى بواقعنا التشكيلي (النسائي) وذكرتني بموقف لأحد الفنانين التشكيليين أصحاب التجربة المدعمة بالعلم والثقافة العالية في هذا المجال، حينما عرضت عليه احد التشكيليات لوحة من لوحاتها التي قالت أنها ضمن مجموعة ستشارك بها في ذلك الوقت بمسابقة كبيرة، فكان رد الفنان حول اللوحة بمثابة تساؤل قائلا (هل الفن لديك نوع من الزينة أو إبراز الذات) هذه العبارة لم ترق لصاحبة اللوحة ولم تعرها أي اهتمام، دون وعي بما تعنيه وهو أن ما تقوم به بعيد كل البعد عن حقيقة الفن، هذه المشكلة لا زالت قائمة ولهذا نجد أعداد التشكيليات في تزايد فاختلط الحابل بالنابل ولم يعد هناك إمكانية لمعرفة مصداقية من يتواجد منهن على الساحة ومع ذلك نحن متفائلين بان مثل هذا الكم الكبير سينتج عنه نخبة لا يستهان بها من المبدعات، خصوصا المدعمات بالتأهيل العالي المتكئ على مواهب حقيقية وليست هواية تمارس وقت الفراغ.

فالساحة اليوم تقع تحت مجهر المتلقي الواعي ومجهر العديد من المتخصصين في هذا المجال مما يعني ان على أي متعامل مع هذا الفن ان لم يكن مؤهلا لخوض غماره فعليه التوقف والتراجع حفظا لما الوجه، لقد وجد الكثير من هواة الفن من الشباب والشابات فرصا كبيرة في التوجه الحديث والأساليب المعاصرة مخرجا من رداءة القاعدة التي ينطلقون منها فيتعاملون مع ما توحيه تلك الأعمال دون وعي بما تحمله من أبعاد بل أن الكثير منهم يتوقف عند الشكل السطحي لها.

ما نحن بصدده في مستقبل الساحة التشكيلية وفي ضل تواجد الفن في مساره الحقيقي سيحدد فيه اتجاهات البوصلة فهناك من سيتجه شرقا والبعض غربا وكذا بقية التقسيمات لكن الأمر يتعلق بمن يستطيع أن يحدد اتجاهه ويحدد هدفه ويرسم مسيره نحو موقعه في مضمار المنافسة.

نعود للقول ان وجود الفن النسائي في الساحة التشكيلية يعدل الكفة ويضفي عليها توازنا لا يمكن ان يتحقق لها النجاح بدونه، ومع ذلك على التشكيليات تأكيد هذا التواجد.