Al Jazirah NewsPaper Thursday  03/01/2008 G Issue 12880
محليــات
الخميس 25 ذو الحجة 1428   العدد  12880

هذرلوجيا
عودة الهجرات
سليمان الفليح

 

يقول الشاعر الشعبي الذي اغترب عن بلاد أجداده طويلاً متغزلاً بنجد:

( إن غربت أو شرقت فينا الأوطان

مرجوعنا لها الأرض مهما ارتحلنا

ماسميت نجدٍ على غير برهان

إلا أنها هي نجدنا تنتشلنا

هذي عوايدها على مر الأزمان

اليا انقطع حبل الرجا هي تصلنا)

نعم لقد كانت نجد هكذا على مر الأزمان تخرج منها القبائل ضاعنة حينما يجتاحها (الدهر) والجفاف والسنين العجاف إلى مساقط المطر ومنابت الكلأ سواء إلى سواد العراق أو أرياف الشام ثم تعود إلى نجدها حينما تمرع وتزدهي ب(الخصب) والنماء ويسودها الأمن والرخاء ولنا في هجرات قبيلة (عنزة) وفارسها وشيخها مشعان بن هذال أبلغ الأمثال حيثما قال وهو بأرض الشمال:

(عيناك يا نجد إذا صار ما صار

جيناك صوله من شتان وابالقير

وجيناك مثل السيل طمام الأوعار

يا ما غدت عن القبايل شناتير)

وقد ربط القول بالفعل حينما مات على ثرى نجد العزيزة، وذلك في معركة قرب الشماسية وكان ذلك في عام 1245هـ.

***

ومثلما كان يهاجر أهل البادية طلباً للماء والكلأ كان أهل الحاضرة يهاجرون من أجل لقمة العيش والعمل والتجارة وقد تطول ببعض الجماعات والأفراد الهجرة ويطول الاستقرار كما حصل لدى (نجاد) الزبير الذين شكلوا مجتمعاً نجدياً صغيراً في قلب العراق وكذلك فعل أهل البادية الذين حافظوا على عاداتهم وتراثهم النجدي الأصيل سواء أكانوا في بلاد الشام أو في العراق وكانوا طوال وجودهم التاريخي هناك يحتمون أنفسهم بالسيف إلى أن جردت الحكومات الاستعمارية أهل البادية من الأسلحة وحاولت توطينهم ولو بالقوة وفرض القوانين الصارمة عليهم وأعني بذلك الاستعمار الفرنسي في سوريا والاستعمار الإنجليزي في العراق ثم بعد استقلال هذين البلدين وقيام الانقلابات المتوالية وصراع الأحزاب ومعاداة أهل البادية والتسلط على شيوخهم لم ترَ تلك القبائل بداً من العودة إلى (نجدها) الأم للعيش فيها بكل كرامة واحترام وتحت راية دولة عزيزة الجانب كثيرة الخيرات تحكمها أسرة نبيلة تحترم الإنسان وتصون كرامته وأعني بذلك الأسرة السعودية الكريمة حفظها الله.

واليوم والعراق الجريح تدب فيه الفوضى والقتل الذريع واختلاط وجه العدو بوجه الصديق وتداخل الطائفية بالحزبية والقبلية بالعرقية والمليشيا بالأمن و(الصحوة) بالغفوة وإلخ إلخ من التشابكات المعقدة فإن (ما تبقى) من القبائل النجدية الأصل هي أوهن وأضعف الفئات في هذا الخضم المتلاطم لذلك لا غرابة أن تنزح أو تعود مرة أخرى بعض رموزها القبلية أو الاجتماعية إلى ما جاور العراق من أقطار وخصوصاً وطن الأجداد نجد، وذلك لتحفظ ما تبقى لها من كرامة في العراق الجريح والمهان وإلى أن يمن الله عليها بالأمن والأمان إنه سميع مجيب.

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد