Al Jazirah NewsPaper Wednesday  09/01/2008 G Issue 12886
مقـالات
الاربعاء 01 محرم 1429   العدد  12886
يارا
عبد الله بن بخيت

يتوسع النشاط الروائي يومياً ويكتسب أراضي جديدة. لم أستغرب عندما اتصل بي أحد الأصدقاء يطلب مني كتاباً يعلّم كتابة الرواية إذا كان هناك شيء من هذا. بالإنجليزي هناك مئات الكتب. المشكلة تكمن في مفهوم التعلم. كيف نتعلم الفن. كثير من الكتب الأمريكية التي تتحدث عن الرواية من زاوية تعليمها تأخذ كلمة CRAFT فن أو صنعة أو مهنة. كتابة الرواية عمل يتطلب مهارة. تجمع هذه الكتب على الشخصية والحدث والحبكة وغيرها من المصطلحات التي أصبحت مملة من كثرة استخدامها على أيدي النقاد المهنيين. لكن ما الذي ينتظرنا بعد هذا حتى نكتب رواية. إذا التفت إلى ملاحظاتي الشخصية يمكنني القول إن الروايات التي صدرت في المملكة مؤخراً ستقود إلى جدار مسدود. في مجموعها هي جزء من حملة التغيير تصب في خانة المقالات والأعمال الدرامية الهادفة.

تعودنا فيما مضى أن نقول أعمالاً هادفة. ونحن نقصد بالهادفة تلك الأعمال الفنية التي تقدم نصائح عصماء. تلك التوجيهات التي تحث على الخير المتفق عليه. عندما أقول لابني ساعد الضعفاء فهذا من الخير المتفق عليه ولكن عندما أقول اذهب وتمتع بحياتك فهذا من الخير المختلف عليه. بالطبع لا يدخل ضمن النصائح العصماء. إن ما تقود إليه الروايات السعودية في مجملها هو الخير الجديد غير المتفق عليه. هذا ما أعطاها هذا الوهج الذي تتمتع به. لكن قراءتها تتطلب معرفة مشتركة بين الكاتب وبين القارئ. عندما تتحدث عن شباب شارع التحلية بالرياض أو عن عباءة المرأة أو غير ذلك من الموضوعات وترفعها إلى درجة الحدث الفني ستفقد قيمتها الإنسانية العابرة. ستبقى قيمة هذه الروايات مرهونة بقيمة إشغالها للمجتمع. إذا تجاوز المجتمع هذه القضايا سوف يلقي بهذه الروايات وراءه كما سيفعل بكل الأدوات التي استخدمها في حل تلك القضايا. كثير مما يكتب في المملكة من أعمال روائية هذه الأيام أدوات تصارع وليست أعمالاً فنية. شخصيات صنعت خصيصاً لتنفيذ أدوار محددة. مهمات خاصة. لا يمكن ترجمة مثل هذه الأعمال إلى لغة أجنبية. إذا ترجمت لن تجد من يفهمها. البعد الإنساني أو الجذر الإنساني المشترك مفقود. الرواية القائمة على الفن تضرب بجذرها الإبداعي في القلق الذي ينتاب الإنسان. أي إنسان. هناك قلقل وجودي يتعلق بالوجود ذاته أو بالقيم الجذرية المشتركة. ذلك الشيء الذي يقلق الياباني والأفريقي والأمريكي والعربي على حد سواء. حتى وإن كانت بسيطة تأخذ عالمها من قرية صغيرة نائية. زالت معظم الروايات التي أنتجها الاتحاد السوفييتي بزوال التصارع الذي أحدثه رغم عظم وكبر هذا التصارع وبقيت الروايات التي كتبها جيل الرواد في روسيا لأنها لم تكن تعبر عن صراع مرحلة بقدر ما كانت تعبر عن قلقل جذري ووجودي. أعتقد أن الإنسان المتصالح مع وجوده لا يمكن أن يكون فناناً، فضلاً عن أن يكون روائياً حتى وإن كان مناضلاً اجتماعياً. بدون أزمة مع الوجود ذاته لا يمكن إنتاج فن بمستوى الرواية.

فاكس: 4702164
YARA.BAKEET@GMAIL.COM


لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد